منتدى الملاك ميخائيل

اهلا وسهلا بك عزيزى الزائر فى منتدى الملاك ميخائيل
يمكنك التسجيل او الدخول للمشاركة معانا
تفسير سفر أيوب الجزء الثانى 59654


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى الملاك ميخائيل

اهلا وسهلا بك عزيزى الزائر فى منتدى الملاك ميخائيل
يمكنك التسجيل او الدخول للمشاركة معانا
تفسير سفر أيوب الجزء الثانى 59654

منتدى الملاك ميخائيل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى الملاك ميخائيل

دينى خدمى

 زرونا جروب منتدى الملاك ميخائيل على الفيسبوك على هذا الرابط

https://www.facebook.com/group.php?gid=24028566742

 

لجميع الاعضاء سيتم الموافقة على تسجل العضو بعد تسجيل بياناتة من ادارة المنتدة لكى يتفاعل مع المنتدى من فترة التسجيل ولمدة اربعة ايام   ادارة المنتدى

شارك  فى مسابقة منتدى الملاك ميخائيل على الرابط التالى

 

http://hosting.popekirillos.net/competition/poll.php?site_id=257

نرحب بالاعضاء الجدد ونرجو ان تستمتعوا بالمنتدى
تم افتتاح منتدى الكريسماس
رشحنا فى سباق المواقع على اللينك

http://hosting.popekirillos.net/competition/poll.php?site_id=257


    تفسير سفر أيوب الجزء الثانى

    harvy
    harvy
    مدير عام
    مدير عام


    عدد الرسائل : 559
    عارضة الطاقة :
    تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Left_bar_bleue75 / 10075 / 100تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/11/2008

    كتاب تفسير سفر أيوب الجزء الثانى

    مُساهمة من طرف harvy الثلاثاء مايو 03, 2011 9:10 am

    تفسير سفر أيوب الجزء الثانى


    الأصحاح الثلاثون




    1 وأما الآن فقد ضحك علي أصاغري أياما، الذين كنت أستنكف من أن أجعل آباءهم مع كلاب غنمي

    2 قوة أيديهم أيضا ما هي لي. فيهم عجزت الشيخوخة

    3 في العوز والمحل مهزولون، عارقون اليابسة التي هي منذ أمس خراب وخربة

    4 الذين يقطفون الملاح عند الشيح، وأصول الرتم خبزهم

    5 من الوسط يطردون. يصيحون عليهم كما على لص

    6 للسكن في أودية مرعبة وثقب التراب والصخور

    7 بين الشيح ينهقون. تحت العوسج ينكبون

    8 أبناء الحماقة، بل أبناء أناس بلا اسم، سيطوا من الأرض

    9 أما الآن فصرت أغنيتهم، وأصبحت لهم مثلا

    10 يكرهونني. يبتعدون عني، وأمام وجهي لم يمسكوا عن البسق

    11 لأنه أطلق العنان وقهرني، فنزعوا الزمام قدامي

    12 عن اليمين الفروخ يقومون يزيحون رجلي، ويعدون علي طرقهم للبوار

    13 أفسدوا سبلي. أعانوا على سقوطي. لا مساعد عليهم

    14 يأتون كصدع عريض. تحت الهدة يتدحرجون

    15 انقلبت علي أهوال. طردت كالريح نعمتي، فعبرت كالسحاب سعادتي

    16 فالآن انهالت نفسي علي، وأخذتني أيام المذلة

    17 الليل ينخر عظامي في ، وعارقي لا تهجع

    18 بكثرة الشدة تنكر لبسي. مثل جيب قميصي حزمتني

    19 قد طرحني في الوحل، فأشبهت التراب والرماد

    20 إليك أصرخ فما تستجيب لي. أقوم فما تنتبه إلي

    21 تحولت إلى جاف من نحوي. بقدرة يدك تضطهدني

    22 حملتني، أركبتني الريح وذوبتني تشوها

    23 لأني أعلم أنك إلى الموت تعيدني، وإلى بيت ميعاد كل حي

    24 ولكن في الخراب ألا يمد يدا ؟ في البلية ألا يستغيث عليها

    25 ألم أبك لمن عسر يومه ؟ ألم تكتئب نفسي على المسكين

    26 حينما ترجيت الخير جاء الشر، وانتظرت النور فجاء الدجى

    27 أمعائي تغلي ولا تكف . تقدمتني أيام المذلة

    28 اسوددت لكن بلا شمس . قمت في الجماعة أصرخ

    29 صرت أخا للذئاب، وصاحبا لرئال النعام

    30 حرش جلدي علي وعظامي احترت من الحرارة في

    31 صار عودي للنوح، ومزماري لصوت الباكين

    harvy
    harvy
    مدير عام
    مدير عام


    عدد الرسائل : 559
    عارضة الطاقة :
    تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Left_bar_bleue75 / 10075 / 100تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/11/2008

    كتاب رد: تفسير سفر أيوب الجزء الثانى

    مُساهمة من طرف harvy الثلاثاء مايو 03, 2011 9:13 am

    تفسير الأصحاح الثلاثون





    بعد أن استعرض حال رخائه الماضي، وأيضًا مخافته للرب وحيدانه عن الشر، سرعان ما رجع إلى ما هو عليه وسط المزبلة والرماد، وكيف حملته عاصفة الله إلى أرض الدمار. حقًا لقد سند أيوب المظلومين والمحتاجين، لكنه حتمًا أدان مجرمين ظالمين. ولعلهم تسللوا ليلاً ليروا في المزبلة ذاك الذي سبق فحكم عليهم.

    كل ما حلّ به دعاه لكتابة مرثاة مرة. إذ لم يعد بعد يستعذب الموسيقى، بل صار النحيب والعويل أغنيته المستمرة.

    1. استخفاف الناس به 1-8.

    2. وضاعة المحتقرين له 9-15.

    3. انهياره نفسيًا وجسديًا 16-31.



    1. استخفاف الناس به

    وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ ضَحِكَ عَلَيَّ أَصْاغُرُي أَيَّامًا،

    الَّذِينَ كُنْتُ أَسْتَنْكِفُ مِنْ أَنْ أَجْعَلَ آبَاءَهُمْ مَعَ كِلاَبِ غَنَمِي [1].

    عاش أيوب حياته بالكمال والاستقامة، يتقي الله، ويُحيد عن الشر (أي 1:1)، وقد شهد الله نفسه عنه: "ليس مثله في الأرض" (أي 1: 8). ولعله كان يتوقع في شيخوخته أن يخدم الآخرين خلال خبرته الطويلة، لكنه فوجئ بأنه عوض أن يخدم صار أضحوكة وعثرة لمن هم حوله، حتى بالنسبة للأشرار.

    شعر كأن كل ما قد مارسه منذ صبوته حتى شيخوخته عبر كبخارٍ بلا نفع، وليس من سببٍ أمامه يبرر ما بلغ إليه. كاد أن يتحطم تمامًا نفسيًا بجانب تحطمه جسديًا واجتماعيًا وماديًا. هذا ما دفعه إلى وضع مرثاة مُرَّة.

    بقوله "أصاغري" لا يقصد فقط من هو أصغر منه في العمر، وإنما أيضًا من هُم أقل منه في المعرفة والحكمة والخبرة والمركز الاجتماعي والسلوك. في هذا لا يعني أصدقاءه الثلاثة وحدهم، وإنما كل من جاءوا ولو من بعيدٍ، لا ليواسوه أو يصلوا لأجله، وإنما ليستخفوا به ويسخروا منه.

    إذ كان يُنظر إلى الكلاب في ذلك الحين أنها نجسة (1 صم 17: 43، أم 26: 11)، فقد حسب أيوب أن كلاب غنمه أطهر من آبائهم.

    لقد أهانوه في شيخوخته وبلا سبب، مع أنه يُحسب تكريم الشيوخ مُقدم لله ذاته. يطالبنا الكتاب المقدّس أن نحترم الشيوخ، على أنه يليق بالشيوخ أن يضعوا في اعتبارهم أن الشيبة الحقيقية ليست في كبر السن، بل في الحكمة والنضوج. وقد جاءت الوصيَّة: "من أمام الأشيب تقوم، وتحترم وجه الشيخ، وتخشى إلهك، أنا الرب" (لا 19: 32). "يا بني أعنْ أباك في شيخوخته، ولا تحزنه في حياته" (سيراخ 3: 14). "لا تهن أحدًا في شيخوخته، فإن الذين يشيخون هم منا" (سيراخ 8: 7).

    لا ندهش من المرارة التي عانى منها أيوب البار، فقد عانى أتقياء الله من كثيرين. كمثالٍ عانى بولس من مرارة الضيق حتى كاد ييأس من حياته، كقوله: "تثقلنا جدًا فوق الطاقة حتى يئسنا من الحياة أيضًا، ولكن كان لنا في أنفسنا حكم الموت، لكي لا نكون متكلين على أنفسنا، بل على الله الذي يُقيم من الأموات، الذي نجانا من موتٍ مثل هذا، وهو ينجي؛ الذي لنا رجاء فيه أنه سينجي أيضًا فيما بعد" (2 كو 1: 8-10).

    v كان بولس متوقعًا الموت، لكن لم يحدث هذا. فبحسب مجرى الأحداث الطبيعة كان يجب أن يموت، لكن الله لم يسمح بعد بذلك حتى يتعلم بولس ألا يثق في ذاته، بل في الله[1192].
    القديس يوحنا الذهبي الفم

    v إن كان الرسل قد تألموا، فكم بالأكثر يليق بالآخرين أن يتألموا مثلهم[1193].
    سفيريان أسقف جبالة

    قُوَّةُ أَيْدِيهِمْ أَيْضًا مَا هِيَ لِي.

    فِيهِمْ عَجِزَتِ الشَّيْخُوخَةُ [2].

    في مرارة يتطلع أيوب إلى القادمين إليه، يستهزئون به في شيخوخته. ففي شبابه كان يسند أمثالهم ويعينهم ويخدمهم بحبٍ. الآن قادمون إليه في شيخوخته وهم بلا قوة ولا إمكانية ومع هذا يحسبون أنهم جاءوا لمساندته. للأسف حتى في حضورهم قدموا له ما يحطمه، لا ما يعينه.

    ولعلهم بجانب فقرهم وعدم حكمتهم كانوا شيوخًا عاجزين عن العمل، فلا نفع لمجيئهم إليه. غير أن البعض يرون أنه يتحدث عن الشباب الساخرين به، فإن كان آباؤهم الشيوخ لم يأخذوا موقفًا لائقًا لتعزيته، فهل يمكن لأبنائهم أن يعزوه بكلمة لطيفة تسنده؟ آباؤهم الشيوخ كانوا قساة معه، كيّلوا له الاتهامات الباطلة، فهل يقدم أبناؤهم تعزيات؟ هل يمدون له أياديهم ليشددوه في محنته؟

    فِي الْعَوَزِ والمحل (وَالْمَجَاعَة)ِ مَهْزُولُونَ،

    عارقونَ الْيَابِسَةَ الَّتِي هِيَ مُنْذُ أَمْسِ خَرَابٌ وَخَرِبَةٌ [3].

    يصور لنا أيوب حال الملتفين حوله لا لتعزيته، بل للسخرية به. إنهم يعانون من الفقر والجوع حتى صاروا في هزالٍ شديدٍ، كأشجار جافة لا حياة فيها ولا ثمر. إنهم أناس لا دور لهم في الحياة، لفظهم المجتمع بسبب استهتارهم الشديد وعدم التزامهم بأي عمل، فصاروا كهاربين في البرية حيث الخراب والدمار. وكأنهم قد وجدوا فرصتهم بأن يعكسوا ما هم عليه في داخلهم على أيوب.

    هذا ما تفعله الكراهية فيهم، تجعلهم في عوزٍ وجوعٍ وخرابٍ، بل تدخل بهم إلى الموت وهم أحياء حسب الجسد.

    v حياتنا حب؛ فإن كانت الحياة حب، فالموت هو الكراهية[1194].
    القديس أغسطينوس

    الَّذِينَ يَقْطِفُونَ الْمَلاَّحَ عِنْدَ الشِّيحِ،

    وَأُصُولُ الرَّتَمِ خُبْزُهُمْ [4].

    يصور البار أيوب المقاومين له بأناس لا يجدون ما يأكلونه، فيلجأون إلى الملاح وهو نبات حمضي يجمعه الفقراء من بين الأعشاب bushes (كالشيح) لأكله؛ والرتم وهي أشجار زهورها كالمنتور وبذورها كالعدس. يرى بعض أن الرتم هنا يشير إلى جذور مرة يأكلها الفقراء[1195].

    أمثال هؤلاء الذين كان أيوب يطعمهم، ويقدم لهم احتياجاتهم بسخاء، جاءوا إليه في شماتة لِما بلغ إليه.

    يرى البابا غريغوريوس (الكبير) الذي تأثر جدًا بآباء الشرق خاصة كتابات آباء مدرسة إسكندرية والكبادوك أن هؤلاء الفقراء الجائعين هم الذين يكتفون بلحاء الشجر لا ثمارها. يكتفون بالتفسير الحرفي للكتاب المقدس دون التمتع بثمار الروح المشبعة للنفس.

    v "الذين ينزعجون من الخراب والبؤس ويمضغون الأعشاب ولحاء الأشجار[1196]" [3-4]... يجذب المعلمون الكذبة أتباعهم إلى ذات القفر، كما سبق فحذرنا الحق: "فإن قالوا لكم ها هو في البرية فلا تخرجوا" (مت 26:24). وهم جديرون بالازدراء بخراب ممارستهم وشر مفاهيمهم...
    يشير "أكل العشب" في الكتاب المقدس إلى الاهتمام بأصغر الوصايا وإهمال الكبرى منها. يقول الحق: "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون، لأنكم تعشرون النعنع والشبت والكمون، وتركتم أثقل الناموس (الحق والرحمة والإيمان)" (مت 23:23).

    هؤلاء أيضًا يأكلون لحاء الأشجار، لأنهم يهتمون في الأسفار المقدسة بما هو في الخارج، أي الحرف، ولا يبالون بالمعنى الروحي. يظنون أنه لا يوجد شيء آخر في كلمات الله سوى ما هو على السطح. لذلك يتملكهم هوى المجد الباطل، ومع كل أخطائهم يعطشون نحو الكرامة التي تأسرهم. لا يطلبون شيئًا في كل ما يقولونه سوى المكاسب الأرضية. في هذا يقول بولس: "لأن مثل هؤلاء لا يخدمون ربنا يسوع المسيح، بل بطونهم" (رو 18:16).

    البابا غريغوريوس (الكبير)

    v يؤمن كل من اليهود والمسيحيين بأن الكتاب المقدس قد كُتب بواسطة الروح القدس، لكننا نختلف في تفسير ما يحويه. نحن لا نعيش كاليهود لأننا نؤمن بأن التفسير الحرفي للناموس لا يحمل معه روح الشريعة[1197].
    v إن كان الله والرب روحًا، فلابد أن نسمع بطريقة روحية ما يقوله الروح لنا[1198].
    العلامة أوريجينوس

    v الناموس كامل وغير كامل في نفس الوقت، فهو كامل إن أدركناه روحيًا (لأنه يكلمنا عن سرّ المسيح)، لكنه أيضًا غير كامل إذا كان فكر الناس - الذين يقعون تحت إرشاده - لا ينطلق إلى ما وراء الحرف. فإن مادة الحرف هي نصف المعرفة فقط[1199].
    القديس كيرلس الكبير

    مِنَ الْوَسَطِ يُطْرَدُونَ.

    يَصِيحُونَ عَلَيْهِمْ كَمَا عَلَى لِصٍّ [5].

    يُدهش أيوب البار إذ يرى حوله أناسًا عاطلين، طردهم المجتمع من وسط الناس، فهربوا من المدن مثل لصوص. لقد حسبهم الناس أنهم ليسوا أهلاً أن يعيشوا وسط مجتمع متمدنٍ ومنظمٍ، فكانوا يصرخون وراءهم معلنين أنهم لصوص. هؤلاء عوض مراجعتهم لأنفسهم ولأخطائهم جاءوا يسخرون بأيوب.

    لِلسَّكَنِ فِي أَوْدِيَةٍ مُرْعِبَةٍ

    وَثُقَبِ التُّرَابِ وَالصُّخُورِ [6].

    إذ كان أيوب حاكمًا وقاضيًا كان ينظر مع شيوخ المدينة في القضايا الكبرى مثل التصرف مع المتشردين الخطيرين على الأمن. فكان البعض منهم يهربون من المدينة ويبحثون عن مغاير في وسط وديان غير آهلة بالسكان وجبال، يعيشون فيها بعيدًا عن نظر القضاء. الآن إذ سمعوا عن أيوب وكيف صار حاله، ظنوا أنه قد صار متشردًا مثلهم، لا مأوى له، وليس من يقبله أو يعزيه، فجاءوا يسخرون منه كأبأس واحدٍ منهم.

    يرى البابا غريغوريوس (الكبير) وغيره أنهم يمثلون من ليس لهم موضع في مدينة الله، يسكنون كما في البراري وبين الصخور في مغاير، في مناطق مرعبة. ما يشغلهم لا رجوعهم إلى الله بل السخرية برجال الله وقديسيه.

    اختاروا لأنفسهم البؤس والكآبة والعزلة والمرارة، وما يفكرون فيه هو التشفي في الأبرار المتألمين. فما يبهج قلوبهم ليس أن يتمتعوا بالخيرات، بل أن يُصاب غيرهم بالشرور والمصائب. هذا من فعل روح العداوة مع البغضة والحقد. ما يشغل ذهن الحاقد هو دمار إخوته لا بنيانه هو.

    من يعزل نفسه عن كنيسة السيد المسيح يكون كمن حرم نفسه من الفردوس الروحي ليعيش في وسط قفر البراري، فلا يقدر أن يشترك في النشيد الكنسي: "ليأتِ حبيبي إلى جنته ويأكل ثمره النفيس" (نش 4: 16)؛ حبيبي نزل إلى جنته، إلى خمائل الطيب ليرعى في الجنات، ويجمع السوسن" (نش 6: 2).

    v "ليأت حبيبي إلى جنته، ويأكل ثمرة النفيس" (نش 16:4). إنه لتعبير جرئ من نفس ممتلئة حماسًا وروعة ترتفع على كل تعجب. من تدعوه العروس لوليمتها التي تتكون من فاكهتها الخاصة؟ لمن تُجهز العروس وليمتها التي أقامتها من مصادرها الخاصة؟ من تدعوه العروس لكي يأكل مما عرضته؟ "هو الذي منه وبه وله كل الأشياء" (رو 36:11). إنه يعطى كل شخصٍ طعامه في حينه (مز 15:145)، يفتح يده ويملأ كل كائن حي بالنعيم. هو الخبز النازل من السماء (يو 41:6)، هو الذي يعطى الحياة للعالم، ويجعل المياه تفيض من نبعه الخاص للحياة. هذا هو الواحد الذي ترتب العروس له مائدتها. وهي الحديقة التي تنبت منها أشجار حيّة. ترمز الأشجار إلينا، وتُشير أرواحنا المُخلّصة إلى الطعام المُقدم له. وقال لتلاميذه: "أنا لي طعام لآكل لستم تعرفونه أنتم" (يو 32:4، 34). تتميم إرادة الله المقدسة: "فهو يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون" (1 تي 4:2). فهذا الخلاص هو الغذاء الذي يُجهز له. تُعطى إرادتنا الحرة الثمرة لله وهي أرواحنا، ليقطفها من على أغصانها الصغيرة. تمتعت العروس في البداية بثمرة التفاح حلوة المذاق قائلة: "وثمرته حلوة لحلقي" (نش 3:2). ثم أصبحت هي نفسها الثمرة الجميلة الحلوة التي قُدمت للراعي ليتمتع بها[1200].



    عدل سابقا من قبل harvy في الإثنين مايو 16, 2011 7:57 am عدل 1 مرات
    harvy
    harvy
    مدير عام
    مدير عام


    عدد الرسائل : 559
    عارضة الطاقة :
    تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Left_bar_bleue75 / 10075 / 100تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/11/2008

    كتاب رد: تفسير سفر أيوب الجزء الثانى

    مُساهمة من طرف harvy الثلاثاء مايو 03, 2011 9:15 am

    تفسير الأصحاح الثلاثون





    القديس غريغوريوس النيسي

    بَيْنَ الشِّيحِ يَنْهَقُونَ.

    تَحْتَ الْعَوْسَجِ يَنْكَبُّونَ [7].

    يصور أيوب البار الأشرار الحاقدين، وقد جاءوا للسخرية به بالحمير الوحشية التي تعيش في البرية، متى اجتمعت معًا بين شجيرات ينهقون بنغمة منفرة ومقززة للنفس. أي صاروا كحيوانات وحشية تجتمع معًا لتنهق، تطلب طعامًا لها، الذي هو أذية الغير وإصابتهم بكوارث.

    يتكدسون معًا تحت العوسج حيث يطلبون مأوى، فإذا بهم يتعثرون وسط أشواك الكراهية وحسك الحقد بلا سبب.

    بمعنى آخر حتى في اجتماع الأشرار معًا ما يتمتعون به هو الوحشية والتصرفات الحيوانية بغير تعقلٍ أو اتزانٍ مع مرارة أشواك الخطية الخانقة.

    v إنهم يُحسبون كمن يتكدسون تحت الأشواك، إذ يرفعون الفكر المتجاسر ليفرح بذات الأمور التي بها يحملون أشواك الخطايا.
    البابا غريغوريوس (الكبير)

    v الحسد نوع من أنواع اليعسوب (ذكر النحل) يفسد أعمال الآخرين، ولا يرغب في الارتفاع بنفسه، إنما يبكيه نجاح الآخرين، فيصنع كل ما في وسعه نحو إسقاطهم.
    بماذا أشبه هذا الروح؟ أنه يشبه حمارًا بليدًا مليء الجسم يحمل مع حصان جيد نيرًا. فلا يريد أن يتقدم، وفي نفس الوقت يعطل بثقل جسمه الحصان عن السير. فالحاسد لا يهتم كيف يتخلص من هذا الكابوس، بل يعمل بكل جهده أن يُسقط من يرغب في الصعود إلى السماء، وبهذا يشبه الشيطان تمامًا. فإذا رأى إنسانًا في الفردوس، بدلاً من أن يُصلح نفسه يطلب طرح الآخر خارج الفردوس. وإذا رآه جالسًا في السماء والآخرون يسرعون نحو الراحة، فإنه يستخدم نفس الخطة حارمًا إياهم من الذهاب إليها، فيجلب على نفسه نارًا أشد.

    القديس يوحنا الذهبي الفم

    v الحقود يستثمر من صلاته ما يستثمره الزارع في البحر من الحصاد. كما أن شعاع النار لا يمكن منعه من الصعود إلى فوق؛ هكذا صلوات الرحومين لا يمكن ألاّ ترتقي إلى السماء. كما أن جريان الماء يتجه إلى أسفل، هكذا قوة الغضب إذا ألفت موضعًا في فكرنا.
    v مَنْ وجد الحسد فقد وجد معه الشيطان الذي أوجده منذ القدم.
    القديس مار إسحق السرياني

    أَبْنَاءُ الْحَمَاقَةِ بَلْ أَبْنَاءُ أُنَاسٍ بِلاَ اسْمٍ،

    دُحِرُوا مِنَ الأَرْضِ [8].

    إذ يرتبطوا بالجهل والحماقة يحسبون أبناء الحماقة عوض كونهم أبناء بشرٍ، وإذ يحملون البغضة والحقد تطردهم الأرض، فيصيرون كمتجولين في البراري ليس لهم موضع يستقرون فيه.

    v "يدعون أبناء" لا لأنهم مولودون من بذارهم، بل بتمثلهم بالذين يعلمون تعاليم خاطئة، إنهم حمقى بسبب الجهل، ويمارسون حياة شريرة مثل أناس منحطين بسبب سلوكهم... لذلك بحقٍ يكمل: "وعلى الأرض لا يظهرون نهائيًا". (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). بالرغم من أنهم يهدفون أن يُظهروا شيئًا ما، لكن بالتأكيد يصيرون مطرودين من أرض الأحياء.
    البابا غريغوريوس (الكبير)



    2. وضاعة المحتقرين له

    أَمَّا الآن،َ فَصِرْتُ أُغْنِيَتَهُمْ،

    وَأَصْبَحْتُ لَهُمْ مَثَلاً! [9]

    كثيرًا ما يسخر الأشرار بالأبرار، ويحسبونهم مثلاً للعار، كما يسمح الله أحيانًا لشعبه أن يصيروا مثلاً بين الشعوب لتأديبهم.

    "تجعلنا مثلاً بين الشعوب لإنغاض الرأس بين الأمم" (مز 44: 14).

    "جعلت لباسي مسحًا، وصرت لهم مثلاً" (مز 69: 11).

    "ويقولون في أنفسهم نادمين وهم ينوحون من ضيق صدرهم: هذا الذي كنا حينا نتخذه سخرةً ومثلاً للعار" (الحكمة 5: 3).

    "وأسلمهم للقلق والشر في جميع ممالك الأرض، عارًا ومثلاً وهزأة ولعنة في جميع المواضع التي اطردهم إليها" (إر 24: 9).

    "ليبك الكهنة خدام الرب بين الرواق والمذبح، ويقولوا: أشفق يا رب على شعبك، ولا تسلم ميراثك للعار حتى تجعلهم الأمم مثلاً. لماذا يقولون بين الشعوب: أين إلههم" (يؤ 2: 17).

    v ها أنتم ترون ما الذي أثر عليه بالأكثر، أن يرى نفسه موضع سخرية بالأكثر، هؤلاء الذين يوبخهم على الشر الذي يمارسونه.
    القديس يوحنا الذهبي الفم

    v يُستخف بكل شخصٍ من أجل برِّه كلما تأهل للمديح يصير بالأكثر موضوع اشمئزاز من الغير.
    البابا غريغوريوس (الكبير)

    يَكْرَهُونَنِي.

    يَبْتَعِدُونَ عَنِّي،

    وَأَمَامَ وَجْهِي لَمْ يُمْسِكُوا عَنِ الْبَصْقِ [10].

    هنا يبرز أيوب البار كرمزٍ للسيد المسيح حيث قال عن نفسه: "فيهزأون به ويجلدونه ويتفلون عليه ويقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم" (مر 10: 34). "لأنه يُسلم إلى الأمم ويُستهزأ به ويُشتم ويُتفل عليه" (لو 18: 32).

    v يهرب كل الأشرار من الكنيسة المقدسة، لا بأقدامهم، بل بسمات ممارستهم. إنهم يهربون بعيدًا، لا عن المكان بل بهجرها. إذ يكون للكبرياء أساسًا فيهم يزدرون بها بلومٍ علني. لأن البصق على الوجه ليس فقط تقليلاً من شأن الصالحين في غيبتهم، بل ويكذبون على كل واحدٍ حتى في الحضرة. هكذا يسخر الشرير بهم علانية، ويحطون من شأنهم ويكيلون لهم الشتائم... أما الكنيسة المقدسة (مثل أيوب) فتعرف أن تثبت في وسط الآلام، وتنال حياة مكرمة وسط الإهانات. إنها تتعلم ألا تنهار بواسطة النكبات، ولا أن تفتخر في فترات الرخاء.
    البابا غريغوريوس (الكبير)

    v أنظر في المسيح، كم أحتمل من الأثمة؟!
    ذاك الجاهل كيف تجاسر وتفل في وجهه!

    كيف تجاسرت أيها اللسان أن تنضح بالبصاق؟!...

    كيف احتملتِ أيتها الأرض هزء الابن؟!...

    نظرة مخوفة، مملوءة دهشًا، أن ينظر الإنسان الشمع قائمًا ويتفل في وجه اللهيب...

    وهذه أيضًا من أجل آدم حدثت، لأنه كان مستحقًا البصاق لأنه زل! وعوض العبد قام السيد يقبل الجميع!

    قدم وجهه ليستقبل البصاق، لأنه وعد في إشعياء أنه لا يرد وجهه عن احتمال خزي البصاق!...

    شفق سيد (آدم) على ضعفه، ودخل هو يقبل الخزي عوضًا عنه!

    القديس مار يعقوب السروجي

    لأَنَّهُ أَطْلَقَ الْعَنَانَ وَقَهَرَنِي،

    فَنَزَعُوا الزِّمَامَ قُدَّامِي [11].

    يصور أيوب ما حدث بأنه بسماح من الله الذي يشبهه بمن يطلق السهم نحو الهدف، فأصاب أيوب وقهره، أو سبب له جرحًا خطيرًا. وكأن ما حلّ به ليس مصادفة، وإنما بسماح إلهي، وإن كان لا يعرف علة غضب الله عليه.

    هذا وإذا أضاء الله لهم باللون الأخضر كي يفعلوا بأيوب ما يشاءون، صاروا كفرسان يمتطون خيولاً قوية وعنيفة، فتركوا الزمام (اللجام) لتهجم عليه بكل قوة.

    مع مرارة التصويرين إلاّ أن أيوب يدرك حقيقة هامة أن ما حلّ به إنما بسماح من الله، وإن كان لا يعرف علة هذا السماح.

    v "وإذا أرخى الله وتره وأذَّلني" [11]. ماذا يقصد بوتر الله إلا مشورته السرية؟ الآن يطرح الرب السهم من الوتر عندما يصدر حكمًا من مشورته السرية. فإننا نعلم أن أي إنسانٍ يمكن أن يُجلد، ولكن لأي سبب تصدر الجلدات، هذا ما لا نعرفه. لكن بعد الجلد يحدث إصلاح في الحياة، فيُكشف عن قوة المشورة. هكذا الوتر المغلق هو المشورة الخفية. إننا نُؤدب بواسطة وتر مفتوح عندما نتحقق بعد الجلد بأية مشورة ضُربنا.
    استغل الأشرار هذا السماح الإلهي فظنوا أنهم يحطمون أيوب بلا عائق. تركوا ألسنتهم تسخر بأيوب دون أن يضعوا لجامًا أو حدودًا. أما أولاد الله فيعرفون متى يتكلمون ومتى يصمتون. يستخدمون لجام الصمت بحكمةٍ وتعقلٍ.

    v "ويضع لجامًا في فمي"... يرى القديسون لجام الصمت موضوعًا عليهم من جهة القلوب القاسية التي للخطاة الضائعين، عندما يقولون بالنبي: "كيف نرنم ترنيمة الرب في أرضٍ غريبة" (مز 4:137). أوصى بولس بوضع لجامٍ عندما أمر تلميذه: "الرجل المبتدع بعد الإنذار مرة ومرتين أعرض عنه" (تي 10:3). فالمعلمون القديسون غالبًا بمعرفة علوية يفحصون قلوب الذين يعارضونهم، وإذ يرون أن هذه القلوب تركها الله يحزنون ويتنهدون، ويصمتون. ألم يصنع سليمان أحيانًا لجامًا على المعلمين عندما يقول: "لا توبخ مستهزئًا لئلا يبغضك" (أم 8:9)...
    الكنيسة المقدسة التي تقدم كلماتها دومًا بروح المحبة، توقف أحيانًا كلماتها من أجل المحبة، فتقول: "ضع يا رب حارسًا لفمي" (مز 3:141).

    البابا غريغوريوس (الكبير)

    عَنِ الْيَمِينِ السَّفَلَةُ يَقُومُونَ،

    يُزِيحُونَ رِجْلِي،

    وَيُعِدُّونَ عَلَيَّ طُرُقَهُمْ لِلْبَوَارِ [12].

    جاء في بعض الترجمات: "عن اليمين الأحداث يقومون". وجاء في الترجمة اليسوعية: "قام السٌَفلة عن يميني يعثرون قدميٌَ"، وأيضًا: "يعثرون قدميٌ، ويمهدون إلى سُبل المصيبة".

    القيام عن اليمين تعبير يستخدم عن صب الاتهامات ضد الشخص. هكذا ثاروا عليه بعنف الشباب، ووضعوا له فخًا ورفعوه ليسقط فيه عقبه، ثم يطأوون عليه بأقدامهم. فالأمر لا يقف عند الاتهامات الباطلة، وإنما بعنف وقوة يسقطونه ويطأوون عليه.

    يرى البابا غريغوريوس (الكبير) أن القيام ضد الشخص عن الشمال يشير إلى مقاومة الأعداء له من الخارج، أما القيام ضده عن اليمين فيشير إلى مقاومة من كان يلزم أن يكونوا مدافعين له، أي المقاومة من الداخل؛ وهذه أخطر وأمرَّ.

    v تقدم النكبات عن الشمال إن التقت الكنيسة بعدوٍ يضطهدها على أيدي أشخاصٍ خارج حظيرة الدين، هؤلاء الذين يجحدون المسيح. لكن عندما تعاني من متاعبٍ صادرة عن أشخاصٍ يبدو أنهم مؤمنون يُسجلون تحت اسم المسيح ويقاومون اسمه فيها. بنفس الطريقة يُستخدم "اليمين" عن من نحسبه عظيمًا، "وأراني يسوع الكاهن العظيم قائمًا قدام ملاك الرب، والشيطان قائم عن يمينه ليقاومه" (زك 1:3- 2).
    v "يعثرون قدمي، ويضغطون بسبلهم كما بتموجات[1201]" [12]. ماذا يقصد بقدميٌ الكنيسة إلا أعضاءها البعيدين جدًا؟ إنهم يستسلمون للأعمال الأرضية، وسرعان ما ينخدعون من الأعداء بقدر عدم فهمهم للعلويات. لذلك يعثر الأعداء قدميها عندما يجتذبون الأعضاء البعيدين جدًا إلى أخطاء تعاليمهم. لا تقدر القدمان المُعثرتان أن تحفظا الطريق، إذ كل الضعفاء، إما أنهم ينخدعون بوعود المضطهدين، أو يرتعبون من تهديداتهم، أو ينكسرون بعذاباتهم، وبهذا فإنهم ينحرفون عن الطريق المستقيم.
    البابا غريغوريوس (الكبير)

    أَفْسَدُوا سُبُلِي.

    أَعَانُوا عَلَى سُقُوطِي.

    لاَ مُسَاعِدَ عَلَيْهِمْ [13].

    جاء في الترجمة الكاثوليكية: "ويقطعون عليَّ الطريق، ويساهمون في هلاكي، ولا يحتاجون لأي معين".

    عمل عدو الخير وأتباعه الأشرار أن يبذلوا كل الجهد بإفساد الطريق، بنزع العلامات، فيضل الإنسان طريقه، ويفقد سلامه أثناء رحلته.

    v لينطق الطوباوي أيوب بهذه الأمور عن الأرواح الشريرة، الأعداء الخفيين. لتتكلم الكنيسة الجامعة عن الأشرار المضطهدين، الأعداء الظاهرين، فإن هؤلاء يقطعون عليها طريقها، وذلك عندما تقاوم نفوس الضعفاء طرق الحق معترضين إياها بخداعٍ.
    البابا غريغوريوس (الكبير)

    إن كان المضلل ينزع علامات الطريق كي يُضلل البشرية ويهلكها، فقد جاء المخلص يعلن: "أنا هو الطريق" (يو 14: 6)، نقتنيه ونسلك فيه، فننعم بالملكوت في داخلنا.

    v هذا الطريق صالح يقود الإنسان الصالح إلى الآب الصالح، الإنسان الذي يجلب خيرات من كنزه الصالح، العبد الصالح والأمين (مت ٧: ١٤؛ لو ٦: ٤٥؛ مت ٢٥: ٢١). لكن هذا الطريق ضيق، لا يستطيع الغالبية، الذين هم بالأكثر جسديون أن يسافروا فيه. لكن الطريق ضيق أيضًا بالنسبة للذين يجاهدون ليعبروا فيه، إذ لم يُقل "إنه محصور" بل ضيق[1202].
    العلامة أوريجينوس

    v الآن الطريق غير قابل للخطأ، أعني يسوع المسيح؛ إذ يقول: "أنا هو الطريق والحياة". هذا الطريق يقود إلى الآب، إذ يقول "ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي" (يو 6:14).[1203]
    القديس أغناطيوس الأنطاكي

    يَأْتُونَ كَصَدْعٍ عَرِيضٍ.

    تَحْتَ الْهَدَّةِ يَتَدَحْرَجُونَ [14].

    يأتون عليه مثل كسَّارة حجارة عريضة، فمهما كانت صلابته لن يفلت منهم، بل يسحقونه. إنهم لا يمشون نحوه بل يتدحرجون بسرعة كما بعاصفةٍ مدمرة.

    إن كان عدو الخير يظهر ككسارة حجارة ليسحق البشرية كالحجارة الملقاة في الطريق، فقد نزل إلينا حجر الزاوية (زك 4: 7؛ أف 2: 20)، لكي يضمنا معًا فيه فيقيم منا هيكلاً سماويًا، لا يقدر العدو أن يمسه.

    يرى القديس أغسطينوس[1204] أنه بدعوة السيد المسيح رأس الزاوية، وهو رأس الكنيسة، تكون الكنيسة هي الزاوية التي ضمت اليهود من جانب والأمم من الجانب الآخر.

    اِنْقَلَبَتْ عَلَيَّ أَهْوَالٌ.

    طَرَدَتْ كَالرِّيحِ نِعْمَتِي،

    فَعَبَرَتْ كَالسَّحَابِ سَعَادَتِي [15].

    في مرثاةٍ لحاله يقول أيوب إن الأهوال قد تحولت نحوه وثقلت عليه، أزالت كرامته (نعمته) كريحٍ عصفت بها، وتركه رخاؤه كسحابة عبرت وزالت.

    يتعجب أيوب مما حدث، فإن هذا يلحق بالأشرار الذين يذبلون، حيث تحل بهم الكوارث، ويفقدون نجاحهم وكرامتهم.

    v "طردت كالريح رغبتي... فعبرت كالسحاب صحتي[1205]" [15]. يحلق السحاب في الأعالي، وأما نسمة الريح فتسحبه كما في طريق سريع. هكذا بالتأكيد يكون مصير خيرات الأشرار الزمنية. إنهم يظهرون في علو الكرامة، ليعبروا حياتهم كمن هم في العلى، لكنهم سرعان ما يهبطون يوميًا في الحياة، كمن يُنسفون بحياتهم القابلة للموت.
    البابا غريغوريوس (الكبير)



    3. انهياره نفسيًا وجسديًا

    الآن بعد أن قدم أيوب مرثاة يندب حاله، فقد وجه الله سهامه ضده، واستغل الأشرار الموقف فهاجموه بكل وسيلة، في عنفٍ بلا رحمة، وحلت به الكوارث من كل جانب، الآن يكشف أثر ذلك على صحته النفسية والجسدية.

    فَالآنَ انْهَالَتْ نَفْسِي عَلَيَّ،

    وَأَخَذَتْنِي أَيَّامُ الْمَذَلَّةِ [16].

    يرى أيوب كأن أيام المذلة التي طالت جدًا وقد ألقت القبض عليه، ولم تتركه، فانهارت نفسه وجفت تمامًا.

    v "الآن جفت نفسي فيّ، أمسكت بي أيام المذلة[1206]" [16]. تجف نفوس المختارين الآن إذ تصير فيما بعد خضراء في الأبدية المنتصرة.
    الآن تمسك بهم أيام الحزن، تتبعها أيام الفرح فيما بعد. كما هو مكتوب: "لمتقي الرب حُسن الخاتمة" (ابن سيراخ 13:1).

    مرة أخرى قيل عن الكنيسة: "تضحك في اليوم الأخير" (أم 25:31).

    الآن هو وقت الحزن بالنسبة للصالحين، ويأتي يوم يتبعهم المجد عوض الدموع. قيل في موضع آخر: "سحقتنا في موضع الأحزان" (مز 19:44).

    "موضع الأحزان" هو الحياة الحاضرة، لذلك فإن البار ينسحق هنا، وأما في الحياة الأبدية - موضع النعيم – فيرتفع.

    لكن عندما قال: "تجف النفس" بحق استهلها بقوله: "في ذاتي"... ففي ذواتنا تحزن بالحق نفوسنا، أما في الله فتنتعش.

    البابا غريغوريوس (الكبير)

    اللَّيْلَ يَنْخَرُ عِظَامِي فِيَّ،

    وَعَارِقِيَّ لاَ تَهْجَعُ [17].

    هنا يتحدث عن الليل كشخصٍ كما في أيوب (3: 3). فالليل يقوم بدور خطير، عمله أن ينخر عظامه فينهار هيكله العظمي، وعروقه في داخله لا تتوقف عن بث الألم الذي ينخر في كيانه!

    بِكَثْرَةِ الشِّدَّةِ تَنَكَّرَ لِبْسِي.

    مِثْلَ جَيْبِ قَمِيصِي حَزَمَتْنِي [18].

    فقد أيوب ثياب الكرامة بكونه حاكمًا وقاضيًا له دوره وكلمته في المجتمع، ولكن ما هو أخطر أن ثيابه تهلهلت وساء حالها تمامًا بسبب ما حل بجسمه من أمراض وقروح. تحولت ثيابه الخارجية إلى ثياب حداد دائم، أو ثياب حزن، طوَّقت بجسمه ولا تفارقه، مثلها مثل ثيابه الداخلية.

    v حسب التفسير التاريخي ماذا يعني ثوب الطوباوي أيوب سوى جسده؟ بالحق أُستهلك الثوب عندما تعرض جسمه للعذاب.
    البابا غريغوريوس (الكبير)

    قَدْ طَرَحَنِي فِي الْوَحْلِ،

    فَأَشْبَهْتُ التُّرَابَ وَالرَّمَادَ [19].

    قديمًا كان البسطاء من الشرقيين يُعبرون عن حزنهم الشديد إما بالجلوس على التراب، أو يضعونه على رؤوسهم وهم ينوحون. هنا يصور أيوب الله كمن يطرحه في التراب ليمارس الحزن في أقصى صوره، ومما زاد ألمه أن أيوب رأى في نفسه أنه قد صار شبيهًا بالتراب والرماد.

    على أي الأحوال حملت هذه المرثاة صورة لما بلغه أيوب من انسحاق نفس وتواضع، إذ حسب نفسه ترابًا ورمادًا. قال إبراهيم: "إني قد شرعت أكلم المولى وأنا تراب ورماد" (تك 18: 27). وجاء في ابن سيراخ: "الرب يستعرض جنود السماء العليا، أما البشر فجميعهم تراب ورماد" (17: 31). هكذا يتطلع الإنسان إلى حقيقة نفسه فيجد نفسه ترابًا، لكن بالمسيح يسوع يصير خليقة جديدة على صورة خالقه.

    v يقول الكتاب: "احتقرت نفسي، وانطرحت، حسبت نفسي ترابًا ورمادً" (أي 19:30 Vulgate). هذا هو تواضع النادمين. عندما تحدث إبراهيم مع إلهه، وأراد أن يناقش معه موضوع حرق سدوم، قال: "أنا تراب ورماد" (تك 27:18). كيف يوجد هذا التواضع على الدوام في العظماء القديسين؟[1207]
    القديس أغسطينوس

    v أيها الغني، لماذا تترفَّع بغناك وتفخر بأمجاد أجدادك؟ أتتفاخر بموطنك وتُسر لجمال جسدك وتفرح لشرفٍ زائلٍ؟ انتبه لنفسك. تذكَّر بأنَّك إنسان مائت وأنك تراب وإلى التراب تعود (تك3: 19)... اِنحنِ واُنظر إلى القبور، فهل تميِّز بين عظام الفقراء وعظام الأغنياء؟ بين عظام العبيد وعظام الأسياد؟ اِفطن لذاتك إذن وتخلَّ عن التكبُّر والبخل وقسوة القلب[1208].
    القدِّيس باسيليوس الكبير

    v قيل عن القديس أنطونيوس: إنه لما دخل البرية الداخلية نظر إليه الشياطين وانزعجوا واجتمعوا عليه وقالوا له: ”يا صبي العمر والعقل، كيف جسرت ودخلت إلى بلادنا، لأننا ما رأينا ههنا آدميًا سواك“؟! وابتدأوا يحاربونه كلهم، فقال لهم: ”يا أقوياء، ماذا تريدون مني أنا الضعيف المسكين؟ وما هو قدري حتى تجتمعوا كلكم عليَّ، وأنا تراب ووسخ ولا شيء، وضعيف عن قتال أحد أصاغركم“؟ وكان يُلقي بذاته على الأرض، ويصرخ ويقول: ”يا ربي أعنِّي وقوِّ ضعفي، ارحمني يا رب فإنِّي التجأتُ إليك، يا رب لا تتخلَّ عني، ولا يقوَ عليَّ هؤلاء الذين يحسبون أنِّي شيء، يا رب أنت تعلم أنني ضعيف عن مقاومة أحد أصاغر هؤلاء“. وكانت الشياطين متى سمعت هذه الصلاة المملوءة حياةً وتواضعًا يهربون منه، ولا يقدرون على الدنوِّ إليه.
    بستان الرهبان

    إِلَيْكَ أَصْرُخُ، فَمَا تَسْتَجِيبُ لِي.

    أَقُومُ فَمَا تَنْتَبِهُ إِلَيَّ [20].

    كثيرًا ما يشعر بعض المؤمنين وسط مرارة نفوسهم كأن الله لا يستجيب لصلواتهم وصرخاتهم. مع أنه يُدعى "سامع الصلاة" (مز 65: 2). في سماعه للصلاة قد تكون الاستجابة بتحقيق الطلبة لكن في الوقت اللائق. وذلك كاستجابته لطلبة إبراهيم فأعطاه اسحق ولكن في زمن الشيخوخة؛ وقد يرفض الله الطلبة لأنه يعلم أنها ليست لصالح طالبها.

    v عندما يعاني قديسوه من ضغوط اضطهاد الأعداء، وعندما يصرخون بلا انقطاع متوسلين لكي ينقذهم، فبتدبيرٍ عظيمٍ يبدو الله كمن لا يسمع أصوات توسلاتهم، حتى يتزكوا بالأكثر في آلامهم.
    إنهم يتزكون بالأكثر عندما لا تُستجاب طلبتهم سريعًا... كُتب: "إلهي في النهار أدعو فلا تستجيب" (مز 2:22).

    البابا غريغوريوس (الكبير)

    v لا تضجر في طلبك. لا تفكر بأن طلبك يعود فارغًا.
    لا تقل: طلبت كثيرًا ولم أجد، ولعلني لا أجد أبدًا[1209].

    القدِّيس مار يعقوب السروجي

    تَحَوَّلْتَ إِلَى جَافٍ مِنْ نَحْوِي.

    بِقُدْرَةِ يَدِكَ تَضْطَهِدُنِي [21].

    في مرارة نفسه يرى أيوب كأن الله قاسٍ، يستخدم كل قوة يده ضده. ليس من تناسب بين قدرة يد الله القوية وضعف الإنسان، فكيف يمكن له أن يتحمل مقاومة الله؟ جاء في الترجمة اليسوعية: "أصبحت لي عدوًا قاسيًا، وبقوة يديك حملت عليّ".

    يرى البابا غريغوريوس (الكبير) أن الله يبدو جافًا أو عنيفًا مع قديسيه، ليس لأن فيه قسوة وعنف، إنما يبدو هكذا بمقاومته لإرادتنا، فنحسبه هكذا.

    حَمَلْتَنِي، أَرْكَبْتَنِي الرِّيحَ،

    وَذَوَّبْتَنِي تَشَوُّهًا [22].

    جاء في الترجمة اليسوعية: "خطفتني، وعلى الريح أركبتني، وأذابتني العاصفة". وجاء في ترجمة NKJ : "رفعتني إلى الريح، وأركبتني إياه، وأفسدت نجاحي".

    لعل أيوب حسب أيام رخائه كمن كان قد رفعه الله إلى الريح، فصار عاليًا جدًا؛ صارت الرياح مركبته الفائقة. لكن بقدر ما ارتفع سمح له الله أن يسقط، فيتحطم كل ما قد ناله!

    حقًا إن مجد العالم الزائل مجد باطل، هو جلوس على الريح غير الآمن، فبقدر ما يحسب الإنسان نفسه طائرًا كما على الريح يكون سقوطه مدمرًا له تمامًا.

    v مجد الحياة الحاضرة يبدو أنه عالٍ، لكنه ليس فيه أي ثبات، فيكون الإنسان كمن رُفع إلى أعلى وجلس على الريح (أي أنه في غير ثبات، إنما يسقط منه).
    البابا غريغوريوس (الكبير)

    لأَنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ إِلَى الْمَوْتِ تُعِيدُنِي،

    وَإِلَى بَيْتِ مِيعَادِ كُلِّ حَيٍّ [23].

    كان رجال العهد القديم يتطلعون إلى الموت، وهو مصير كل إنسانٍ، عبورًا إلى الهاوية التي هي بيت كل حيّ، وداره الذي يعود إليه. لكن جاء السيد المسيح، ونقل الأموات المؤمنين من الجحيم إلى الفردوس، كغنائم خلصها من يد إبليس ومن سلطان الموت الأبدي.

    v في الجزء السابق من هذا العمل أشرت إلى أنه قبل مجيء الرب نزل حتى الأبرار إلى مساكن الهاوية، حتى وإن كانوا ليسوا ساقطين في ويلات، وإنما كانوا في راحة... بحق كان ذلك يناسب أيوب قبل نعمة المخلص، إذ كان الأبرار يُحملون إلى مساكن الهاوية. مجرد دخول الهاوية يُدعى "بيت كل الأحياء".
    البابا غريغوريوس (الكبير)

    وَلَكِنْ فِي الْخَرَابِ أَلاَ يَمُدُّ يَدًا؟

    فِي الْبَلِيَّةِ أَلاَ يَسْتَغِيثُ عَلَيْهَا؟ [24]

    جاء في الترجمة الكاثوليكية: "لا شك أن اليد لا تُمد إلى الخراب، وفي الانهيار تأتي النجدة" [24].

    نظرة رائعة لأيوب البار، وموقف إيماني حيّ، ففيما تبدو له يد الله قاسية، وتصرفات الله تصدر كما من عدو، إذا به يعترف أن ما يسمح به الله من خراب زمني إنما هو بمثابة يد الله للبنيان الأبدي. يتطلع إلى بليته فيدرك وهو يستغيث أنها لخلاصه، حتى وإن وصل إلى الانهيار المؤقت.

    v "على أي الأحوال لا تمد يدك لخرابهم، وإن سقطوا أرضًا ستنقذهم بنفسك[1210]". بينما يروي أيوب عن ظروفه وعدم معاقبة الآخرين... يرى أن الرب لا يمد يده لهلاك الذين يخطئون، عندما يُصلح من حالهم بضربهم.
    البابا غريغوريوس (الكبير)

    أَلَمْ أَبْكِ لِمَنْ عَسَرَ يَوْمُهُ؟

    أَلَمْ تَكْتَئِبْ نَفْسِي عَلَى الْمِسْكِينِ؟ [25]

    بإيمان حيّ يطالب أيوب البار التدخل الإلهي، فهو لا يبرر نفسه، لكنه يؤمن أنه كما ترفق بل وكما كان يبكي حين كان يجد إنسانًا في ضيقٍ، ويرثي لحال المساكين، فحتمًا يرد له الله هذا الحنو بالحنو, كأنه يقول لله: "قانونك: بالكيل الذي به تكيلون يُكال لكم". لقد قدمت كل حنو للنفوس المتألمة المجروحة، وكل تعزية للمساكين، الآن نفسي تئن من الجراحات، ومحتاجة إلى تعزيات إلهية، أليس من حقي أن أغتصبها منك يا أيها البار وحده؟

    v لاحظوا كيف درٌَب نفسه بخصوص آلام الجسد وإهانته، فبقدر ما لم يعانِ من شيءٍ كهذا قط حيث كان يعيش دومًا في غنى وفير وسموٍ اعتاد أن يهتم بمصائب الآخرين، واحدًا واحدًا. هذا ما أعلنه عندما قال: "لأني ارتعابًا ارتعبت فأتاني، والذي فزعت منه جاء عليٌَ" (أي 25:3). مرة أخرى "ألم أبكِ لمن عسر يومه؟! ألم تكتئب نفسي حين كنت أرى إنسانًا في محنةٍ" (راجع 25:30). بسبب هذا لم يرتبك من أي شيءٍ حلٌ به[1211].
    v لتكن مراحمنا فياضة، ولنقدم دلائل عن محبتنا الشديدة للإنسان، سواء باستخدام أموالنا أو تصرفاتنا. فإن رأينا شخصًا ماٍ يُساء إليه ويُضرب في السوق، فإن كنا نقدر أن نقدم مالاً عنه، فلنفعل ذلك، أو إن كنا نخلصه بالكلمات، فلا نتراجع عن ذلك. فحتى تقديم الكلمة لها مكافأتها، وبالأكثر تنهداتنا. هذا ما قاله أيوب: "بكيت على كل إنسان متعسر، وتنهدت عندما كنت أرى إنسانًا في محنة" (أي 25:30)[1212].
    القديس يوحنا الذهبي الفم

    v "لقد بكيت قديمًا على من في تعبٍ، نفسي تألمت مع المسكين[1213]" [25]. وإن كان هذا حنوًا حقيقيًا بالنسبة لنا أن نشارك زميلنا المخلوق آلامه بالعطاء بسخاء، لكن أحيانًا عندما تكون الخيرات الخارجية لدينا بفيضٍ، فإن أيادينا تعطي بسخاء وبسهولة أكثر من تقديمنا مشاعر المشاركة في الأسى.
    لهذا يليق بنا أن نعرف أننا نعطي بطريقة كاملة عندما نبلغ إلى المتألمين، وفي نفس الوقت نحمل في داخلنا ذات مشاعرهم.

    يليق بنا أولاً أن نحمل آلام الشخص المتألم في داخلنا، وبعد ذلك نشاركه أحزانه، مظهرين تعاوننا خلال الخدمة العملية...

    يبلغ حنو قلبنا الكمال حينما لا نخشى أن نلقي على أنفسنا شر الاحتياج من أجل زميلنا، لكي ما ننقذه من الألم.

    هذا النموذج من الحنو، في الواقع وهبنا إياه الوسيط بين الله والناس. فإنه كان يمكنه أن يأتي ليعيننا دون أن يموت، لكنه أراد أن يعين البشرية بالموت. بالتأكيد لو أنه لم يحمل جراحاتنا، لكان حبه لنا قليلاً جدًا... لقد أظهر مدى عظمة فضيلة الحنو بأن وضع لنفسه أن يصير إلى حالٍ لا يريدنا أن نكون عليه، وذلك من أجلنا...

    هذا أيضًا ما يليق أن تفعله الكنيسة المقدسة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). إنها إذ ترى شخصًا يحمل دموع التوبة، تربط دموعها به بالصلاة الدائمة، وتتعاطف مع الإنسان المسكين لكي ما تعين الذهن العاري من الفضائل بتوسلاتها وشفاعتها. إننا نرثي الحزين، متعاطفين معه، عندما نشعر أن جراحات الآخرين هي جراحاتنا، ونجاهد بدموعنا لغسل خطايا المرتكبين المعصية.

    البابا غريغوريوس (الكبير)

    حِينَمَا تَرَجَّيْتُ الْخَيْرَ، جَاءَ الشَّرُّ،

    وَانْتَظَرْتُ النُّور،َ فَجَاءَ الدُّجَى [26].

    يدهش أيوب الذي كان يترجى البركات مقابل حنوه على إخوته فانهالت الشرور (التجارب) عليه. وإذ أنار الطريق لمن هم حوله أحاطت الظلمة به. توقع إشراق الصباح المنير على حياته، فإذا به في ليلٍ بهيم.

    هذه هي المشاعر البشرية حتى بالنسبة لرجال الله أحيانًا، حين تشتد بهم التجارب في وقت كانوا يترجون فيضًا من البركات!

    v يترجى المؤمنون الخير لكنهم ينالون شرًا، وينتظرون النور فيأتي عليهم الظلام، لأن من أجل الرجاء في نوال المكافأة للتمتع بأفراح الملائكة، يُسلمون لأيدي الذين يضطهدونهم، وإن تأخر نوالها قليلاً هنا في العالم السفلي.
    البابا غريغوريوس (الكبير)

    أَمْعَائِي تَغْلِي، وَلاَ تَكُفُّ.

    تَقَدَّمَتْنِي أَيَّامُ الْمَذَلَّةِ [27].

    صورة للأبرار أو للكنيسة بكونها متألمة، تشارك مسيحها صليبه. داخلها غليان لا يهدأ، إذ تعيش كما في أيام الشقاء. وكما يقول المرتل: "في المساء يحل البكاء، وفي الصباح الفرح".

    v غليان أحشاء الكنيسة المقدسة بالنسبة لها هو احتمال عنف الاضطهاد... "أيام المذلة عاقتني". تعرف كنيسة المختارين أنها ستعاني من شرورٍ كثيرة في الضيق الأخير، لكن أيام المذلة تعوقها، لأنه حتى في زمن السلام تحتمل في داخلها حياة الأشرار بروح متثقلة.
    الباب غريغوريوس (الكبير)

    اِسْوَدَدْتُ لَكِنْ بِلاَ شَمْس.

    قُمْتُ فِي الْجَمَاعَةِ أَصْرُخُ [28].

    يرى البابا غريغوريوس (الكبير) أن حديث أيوب هنا هو حديث كل بارٍ يحترق قلبه لا بنار شمس التجارب، وإنما بنيران الغيرة المقدسة والرغبة الصادقة لخلاص كل نفس. فالإنسان المؤمن لن يستريح حتى يجد الكل قد استراح معه في الرب، ويتمتع معه بخبرة عربون السماء! إنه يصرخ مع إرميا النبي قائلاً: "أحشائي، أحشائي، توجعني جدران قلبي. يئن فيّ قلبي. لا أستطيع السكوت" (إر 4: 19).

    v "صرت في ثوب حداد (أسود) دون إثارة غيظ، قمت في الجماعة أصرخ[1214]" [28]. مع أن هذا الرجل كان له سلطان فوق زملائه، لكنه كان داخليًا يقدم للرب ذبيحة سرية للقلب النادم، وذلك خلال حداده. "ذبائح الله روح منكسر وقلب منكسر وتائب" (مز 51: 17)...
    كان شاهدًا على نفسه أنه في وسط كل تلك الظروف (من الغنى والسلطة الخ.) لم يتنعم، بل صار في حدادٍ. فإنه بالنسبة للقديس الذي لا يزال في حالة سياحة (في العالم) كل شيء مهما كان مملوءً بالرخاء بدون رؤية الله يكون فقرًا مدقعًا. فإن المختارين إذ يرون كل شيء يحزنون أنهم لا يرون خالق كل الأشياء، وبالنسبة لهم كل هذه الأمور تافهة للغاية مقابل حرمانهم من ظهور الكائن الأعظم.
    البابا غريغوريوس (الكبير)

    صِرْتُ أَخًا لِلذِّئَابِ،

    وَصَاحِبًا لِلنَّعَامِ [29].

    لم يجد أيوب إنسانًا ما يسنده وسط ضيقته، حتى بالنسبة لأسرته مثل زوجته أو أقاربه، فحسب الذئاب المفترسة إخوته، يعيش بينهم كحملٍ بسيط. كما حسب أصدقاءه كالنعام التي لها مظهر جميل لكنها عاجزة عن الطيران كغالبية الطيور.

    لا نعجب أننا نعيش في عالمٍ لا يفرز الأبرار من الأشرار، ولا ينقي الحنطة من القش، حتى تأتي الساعة التي فيها يتم الفصل الحقيقي أمام الديان القدير.

    v يقول إني سقطت إلى مستوى الطيور أو النعام. لم أعد بعد أعرف طبيعتي، صار حالي ليس أفضل من حالهم. هذا أيضًا ما قاله داود: "صرت مثل بوُمة الخرب... صرت كعصفورٍ منفرد على السطح" (مز 102: 6-7).
    القديس يوحنا ذهبي الفم

    v "كنت أخًا للتنانين، ورفيقًا للنعام[1215]" [29]. إلى ماذا تشير التنانين إلا إلى حياة أصحاب العقول الشريرة؟ عن هؤلاء أيضًا يُقال بالنبي: "يستنشقون الريح مثل التنانين" (إر 14: 6). يستنشق كل الأشرار الريح مثل التنانين، وذلك عندما يُبتلعون بفكر الكبرياء الشرير.
    ولكن ماذا يفهم من الذين يُشار إليهم بالنعام سوى المحبون للظهور؟ فللنعامة جناحان لكنها لا تطير، هكذا كل المحبين للظهور، لهم مظهر القداسة، لكن ينقصهم صلاح القداسة.
    هذا أيضًا يتفق مع كلمات الطوباوي أيوب، هذا الذي كان على مستوى من الجلَدْ والثبات، كان رجلاً صالحًا بين الأشرار. فإنه ليس من إنسانٍ كاملٍ لا يكون حليمًا وسط شرور أقربائه. من لا يحتمل شرور الآخرين في رباطة جأشٍ، بطول أناته، يشهد عن نفسه أنه بعيد جدًا عن فيض الصلاح.
    من لا يختبر حقد قايين يرفض أن يكون "هابيل".
    ففي البيدر توجد الحنطة تحت ضغط القش... وتنمو الوردة ذات الرائحة الجميلة بين الأشواك الشائكة.
    كان أبناء نوح الثلاثة في الفلك، لكن اثنين استمرا في التواضع، وواحدًا في طيشٍ استخف بأبيه.
    كان لإبراهيم ابنان، واحد كان بارًا، والآخر كان مضطهدًا لأخيه.
    كان لإسحق ابنان، واحد خلص في تواضع، والثاني طُرد حتى قبل أن يُولد.
    وُلد اثنا عشر ابنًا ليعقوب، من بين هؤلاء بيع واحد في براءة، والبقية كانوا بائعين لأخيهم خلال شرهم.
    أختير اثنا عشر تلميذًا في الكنيسة المقدسة، لكنهم لم يبقوا دون فحص، واحد امتزج بهم، الذي باضطهاده (لهم) اُمتحنوا.
    يلتصق الإنسان البار بشر الخاطي، كما في التنور يُضاف القش إلى الذهب في النار، فالقش يحترق، والذهب يتنقى. حقًا إنهم أناس صالحون، هؤلاء القادرون أن يتمسكوا بالصلاح، حتى في وسط الأشرار.
    قيل للكنيسة المقدسة بصوت العريس: "كالسوسنة بين الشوك، كذلك حبيبتي بين البنات" (نش 2:2). وهكذا يقول الرب لحزقيال: "وأنت يا ابن الإنسان لديك غير مؤمنين والساقطون، وأنت ساكن بين العقارب" (حز 2: 6).
    مجَّد بطرس حياة الطوباوي لوط، قائلاً: "وأنقذ لوطًا البار مغلوبًا من سيرة الأردياء في الدعارة، إذ كان البار بالنظر والسمع وهو ساكن بينهم يُعذب يومًا فيومًا نفسه البارة بالأفعال الأثيمة" (2 بط 2: 7-8).
    يمَّجد بولس حياة تلاميذه، وبتمجيدهم يقويهم، قائلاً: "في وسط جيلٍ معوجٍ وملتوٍ تضيئون بينهم كأنوارٍ في العالم، متمسكين بكلمة الحياة" (في 2: 15-16). هكذا بواسطة يوحنا يحمل ملاك كنيسة برغامس شهادة لذلك بالكلمات: أنا عارف... أين تسكن حيث كرسي الشيطان، وأنت متمسك باسمي، ولم تنكر إيماني" (رؤ 2: 13)
    البابا غريغوريوس (الكبير)

    إِسْوَدَّ جِلْدِي عَلَيَّ،

    وَعِظَامِي احْتَرَقَتْ مِنَ الْحُمَّى فِيَّ [30].

    إذ يُشير أيوب إلى الكنيسة يرى البابا غريغوريوس (الكبير) حزن الكنيسة على النفوس الضعيفة التي تحرق شمس الضيقات جلدهم وتحرق عظامهم، فتُحسب ما حلّ بهم إنما حلّ بها، بكونهم أعضاء الكنيسة.

    v "اسوَّد جلدي عليّ، واحترقت عظامي من الحرارة فيَّ" [30]... يشير بالجلد إلى الضعفاء، هؤلاء الذين يخدمون فيها لنفعٍ خارجي. والعظام تمثل الأقوياء، إذ خلالها يتم ترابط الجسم كله.
    يسقط الضعفاء في الكنيسة عن الثبوت في الإيمان، إما بالإغراء المالي أو التحطيم بالاضطهادات. وبعد سقوطهم يقومون هم أنفسهم باضطهادها، فتعاني الكنيسة من سواد جلدها.
    "وتجف عظامي من الحرارة"، فقد احترقت أقوى عظمة للكنيسة المقدسة، بولس، وجفت بالقلق على الآخرين، عندما قال لبعض الساقطين: "من يضعف وأنا لا أضعف؟ من يعثر وأنا لا ألتهب؟" (2 كو11: 29). هكذا اسوَّد الجلد، وجفت العظام من الحرارة، لأن الضعفاء يثبون نحو الشر، والأقوياء يتعذبون بنار غيرتهم.
    البابا غريغوريوس (الكبير)

    v بماذا نقارن بولس الذي يئنٌ يوميًا من أجل كل إنسانٍ في هذا العالم، من أجل كل جنسٍ ومدينةٍ، من أجل كل نفسٍ؟ لقد كانت عزيمته أشدٌ قوة من الحديد، وأكثر حزمًا من الصلب، فبأية كلمات نصف هذه الروح؟![1216]
    v يا له من شعور عجيب في الراعي. يسقط الآخرون ويقول: إني أؤكد حزني. يتعثر آخرون فيقول: تلتهب نيران آلامي!
    ليت كل الذين عُهد إليهم قيادة القطيع العاقل أن يتمثلوا بهذا، ولا يظهروا أنهم أقل من الراعي الذي يهتم إلى سنوات كثيرة بقطيع غير عاقلٍ.
    ففي حالة القطيع غير العاقل لا يحدث ضرر يًذكر حتى إن حدث إهمال، أما في حالتنا فإن هلك خروف واحد أو افتراس سيكون الضرر خطيرًا جدًا ومرعبًا والعقوبة لا يُنطق بها، فوق هذا كله إذ سبق الرب واحتمل سفك دمه من أجله، فأي عذر يقدمه هذا الإنسان أن يسمح لنفسه أن يهمل ذاك الذى اهتم به الرب وبذل كل الجهد من جانبه لرعاية القطيع؟[1217]
    القديس يوحنا الذهبي الفم

    صَارَ عُودِي لِلنَّوْحِ،

    وَمِزْمَارِي لِصَوْتِ الْبَاكِينَ [31].

    يرى القديس أغسطينوس أن أيوب هنا يتطلع إلى الروح القدس الذي يضرب على أوتار النفس البشرية، فيقيم منها عودًا ومزمارًا؛ تذوب النفس بحب البشرية في الرب. يقضي الإنسان حياته حزينًا على كل نفس متألمة، وباكيًا مع الباكين. هذه هي حكمة الله العاملة في الإنسان فيشارك الكل مشاعرهم، وهو في هذا يشعر بسلام فائق أثناء حزنه على الآخرين.

    ويرى البابا غريغوريوس (الكبير) أن المؤمن أشبه بوتر في عود أو قيثارة، إن ضُرب عليه بخفة شديدة لا يقدم صوتًا، وإن ضُرب عليه بشدة يسبب إزعاجًا. لذا يليق بالإنسان أن يسلك باعتدال في كل شيء، ففي نسكه لا يبالغ حتى لا يدمر حيويته، ولا يترك النسك كلية فلا يقدر أن يضبط جسده.

    إننا أوتار مختلفة في قيثارة الله، نعمل معًا، فتخرج سيمفونية مبهجة يتقبلها الله ذبيحة تسبيح وشكر مقبولة ومرضية لديه. بهذا يتمتع المؤمن بالحياة السماوية بكونها حياة جماعية في الرب، كل عضو بمفردة يشعر بلمسات يّد الله العازفة به، ولكن بذات اليد تضرب على الأوتار الأخرى في تناغمٍ وتناسقٍ بديعٍ!

    v يصعب علينا أن نشك - على ما أظن - أن أيوب في هذه العبارة يعني الروح القدس.
    موضوع النقاش هو الحكمة، من أين تأتي إلى البشر، إنها لا تأتي من كثرة السنين، بل الروح القدس الذي (يسكن) في القابلين للموت والنسمة التي للقدير هي تعلم...
    واضح تمامًا أنه لا يتحدث عن روح الإنسان في عبارة "الروح الذي في القابلين للموت". لقد أراد أن يظهر من أين ينال البشر الحكمة، فإنها ليس من عندهم... بنفس الطريقة في عبارة أخرى في ذات السفر يقول: "فهم شفتي لا يتأمل النقاوة. الروح الإلهي الذي شكلني ونسمة القدير تعلمني" (راجع أي 30: 3-4 LXX)[1218].
    القديس أغسطينوس

    v "صار عودي للنوح، ومزماري لصوت الباكين" [31]. ليؤخذ في الاعتبار أنه إن ضُرب وتر العود خفيفًا جدًا لا يعطي صوتًا، وإن ضُرب بشدة عظيمة يُصدر صوتًا فظًا. هكذا فإن فضيلة النسك تصير بكاملها كلا شيء إن لم يروض الإنسان جسمه قدر المستطاع. لكنها تُستخدم بطريقة خاطئة إن أرهق الإنسان جسمه أكثر مما يحتمل. فإنه بالنسك تتآكل نقائص الجسد، وليس الجسد نفسه، ويليق بكل أحدٍ أن يضبط نفسه بنظامٍ دقيقٍ، بحيث لا يتشامخ الجسد فيخطئ، ومع ذلك يُسند ليمارس البرّ. يقول الكارز العظيم: "أميتوا أعضاءكم التي على الأرض" (رو 3: 5). ومع هذا كتب إلى الكارز المحبوب لديه جدًا: "استعمل خمرًا قليلاً من أجل معدتك، وأسقامك الكثيرة" (1 تي 5: 23).
    البابا غريغوريوس (الكبير)



    من وحي أيوب 30

    نفسي تئن في مرارة!



    v كثيرًا ما أتطلع إلى حياتي،
    فأراها عبرت سريعًا بلا ثمر.

    كنت أود أن أشهد لك كلما عبر بيّ الزمن.

    لكن نفسي مُرّة، إذ لا أرى ثمارًا روحية في حياتي وخدمتي!

    من ينزع روح اليأس عنيّ، سوى صليبك يا واهب الرجاء!

    لألتصق بك، فتحملني على ذراعيك،

    وتطمئن نفسي بك، يا منقذ النفوس من الفساد!



    v كثيرون يسخرون بيّ حتى في شيخوختي!
    يعكسون ما في قلوبهم من عوزٍ وجوعٍ وخزيٍ،

    ويسكبونه على نفسي لتحطيمها.

    لكن أنت هو خبزي السماوي وشبعي ومجدي!

    سمرِّ عيني عليك، فأرتفع عن المزبلة التي أعاني منها.



    v التف حوليّ من لم يذوقوا الحق ولا الشبع بنعمتك،
    وها هم يسخرون بيّ.

    لقد خرجوا عليك كأنما على لصٍ،

    وها هم يمارسون ذات العمل مع كنيستك!

    هب لي ألاّ تضطرب نفسي!



    v تركوا مدينة الله بكل بركاتها.
    عوض العودة إليها، يشمتون في رجال الله المتألمين.



    v انطلقوا إلى القفار والبراري،
    حرموا أنفسهم من الغرس الإلهي ومياه الروح القدس،

    ظنوا أنفسهم أقوياء،

    فجاءوا يسخرون بالغروس الإلهية، كرم الله العجيب!



    v لماذا تئن نفسي من سخرية العالم.
    حبك مشبع لنفسي!

    آلامك وعار صليبك وموتك عني تعزيتي الحقيقية!

    من يستحق أن يشترك معك في عارك المجيد؟

    من يتأهل أن يحمل معك صليبك؟



    v في ضيق نفسي أراك قد أطلقت العنان لمضايقي،
    تبدو كمن يصوب السهام ضدي.

    لكنك وأنت الحب كله تحول مراراتي إلى عذوبة.

    تحول مضايقات المقاومين إلى أمجاد أبدية.

    تتركهم يسخرون بألسنتهم، يصبون الاتهامات ضدي.

    ويمارسون الظلم كما بغير ضابطٍ!

    وفي هذا كله عيناك عليّ، تترفقان بيّ!

    أنت هو خلاصي ومجدي!



    v إذ أسقط تحت الآلام،
    تتجلى أمامي يا أيها المتألم لأجلي،

    أنسى آلامي برؤياك المفرحة لقلبي.

    وتتحول مرثاتي إلى أغنية سماوية وتهليل لا ينقطع.



    v ليس للمخادع عمل سوى أن يُضللني عن الحق.
    يظن أنه يقطع عليّ الطريق، فلا أعبر إلى الملكوت.

    يا لغباوته. أنت هو الطريق الذي لا تستطيع قوة أن تحجبه عني.

    إنه يطلب هلاكي، ولم يدرك أنك أنت هو مخلصي القدير.



    v يتحرك العدو نحوي كما في عاصفة ليدمرني.
    يظن أنه يسحقني كحجر تحت كسَّارة حجارة عريضة.

    لم يدرك أنك حجر الزاوية تضمني بك إلى الهيكل السماوي!

    ليس من قوة تقدر أن تسحقني مادمت في يديك!



    v صارت حياتي كريحٍ عابر أو سحابةٍ سرعان ما تختفي.
    صارت كأنها بلا هدف ولا طعم!

    جفت تمامًا كشجرةٍ بلا حياةٍ ولا ثمرٍ.

    هاج الليل عليّ، فصار ينخر عظامي.

    عروقي في داخلي لا تعرف الراحة.

    التحفت بالآلام كثوبٍ ملتصق بي.

    انطرحت في وسط الوحل.

    وتحولت حياتي إلى تراب ورماد.



    v فقدت حياتي كل استقرار وأمان.
    تحولت عيناي إلى القبر، كبيتٍ يستقر فيه كل إنسانٍ!

    تحول النور إلى ظلمة بالنسبة ليّ.

    أحشائي في داخلي ذابت من الغليان.

    لم يعد ليّ من يواسيني، ولا من يشاركني آلامي.

    صرت أخًا للذئاب المتوحشة، والنعام العاجز عن الطيران!

    لم أعد أعزف على قيثارة نفسي نشيدًا أو أغنية.

    إنما تحول كل كياني إلى قيثارة تعزف مراثٍ دائمة!



    v هذه مرثاتي، من يقدر أن يعزيني غيرك؟
    من يستطيع أن يقيمني من القبر غير القائم من الأموات؟

    من يرفعني من المزبلة إلا السماوي الذي بحبه نزل إليّ؟

    من يعطي لحياتي طعمًا سوى ذاك الذي يحول المرارة إلى عذوبة،

    مرثاتي لا تحطم نفسي،

    بل تهبني رجاءً فيك، يا مفرح القلوب!






    عدل سابقا من قبل harvy في الإثنين مايو 16, 2011 8:10 am عدل 1 مرات
    harvy
    harvy
    مدير عام
    مدير عام


    عدد الرسائل : 559
    عارضة الطاقة :
    تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Left_bar_bleue75 / 10075 / 100تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/11/2008

    كتاب رد: تفسير سفر أيوب الجزء الثانى

    مُساهمة من طرف harvy الإثنين مايو 16, 2011 7:55 am

    الأصحاح الحادى والثلاثون





    1 عهدا قطعت لعيني، فكيف أتطلع في عذراء

    2 وما هي قسمة الله من فوق، ونصيب القدير من الأعالي

    3 أليس البوار لعامل الشر، والنكر لفاعلي الإثم

    4 أليس هو ينظر طرقي، ويحصي جميع خطواتي

    5 إن كنت قد سلكت مع الكذب، أو أسرعت رجلي إلى الغش

    6 ليزني في ميزان الحق ، فيعرف الله كمالي

    7 إن حادت خطواتي عن الطريق، وذهب قلبي وراء عيني، أو لصق عيب بكفي

    8 أزرع وغيري يأكل، وفروعي تستأصل

    9 إن غوي قلبي على امرأة، أو كمنت على باب قريبي

    10 فلتطحن امرأتي لآخر ، ولينحن عليها آخرون

    11 لأن هذه رذيلة، وهي إثم يعرض للقضاة

    12 لأنها نار تأكل حتى إلى الهلاك، وتستأصل كل محصولي

    13 إن كنت رفضت حق عبدي وأمتي في دعواهما علي

    14 فماذا كنت أصنع حين يقوم الله ؟ وإذا افتقد، فبماذا أجيبه

    15 أوليس صانعي في البطن صانعه، وقد صورنا واحد في الرحم

    16 إن كنت منعت المساكين عن مرادهم، أو أفنيت عيني الأرملة

    17 أو أكلت لقمتي وحدي فما أكل منها اليتيم

    18 بل منذ صباي كبر عندي كأب، ومن بطن أمي هديتها

    19 إن كنت رأيت هالكا لعدم اللبس أو فقيرا بلا كسوة

    20 إن لم تباركني حقواه وقد استدفأ بجزة غنمي

    21 إن كنت قد هززت يدي على اليتيم لما رأيت عوني في الباب

    22 فلتسقط عضدي من كتفي ، ولتنكسر ذراعي من قصبتها

    23 لأن البوار من الله رعب علي، ومن جلاله لم أستطع

    24 إن كنت قد جعلت الذهب عمدتي، أو قلت للإبريز: أنت متكلي

    25 إن كنت قد فرحت إذ كثرت ثروتي ولأن يدي وجدت كثيرا

    26 إن كنت قد نظرت إلى النور حين ضاء، أو إلى القمر يسير بالبهاء

    27 وغوي قلبي سرا، ولثم يدي فمي

    28 فهذا أيضا إثم يعرض للقضاة، لأني أكون قد جحدت الله من فوق

    29 إن كنت قد فرحت ببلية مبغضي أو شمت حين أصابه سوء

    30 بل لم أدع حنكي يخطئ في طلب نفسه بلعنة

    31 إن كان أهل خيمتي لم يقولوا: من يأتي بأحد لم يشبع من طعامه

    32 غريب لم يبت في الخارج. فتحت للمسافر أبوابي

    33 إن كنت قد كتمت كالناس ذنبي لإخفاء إثمي في حضني

    34 إذ رهبت جمهورا غفيرا، وروعتني إهانة العشائر، فكففت ولم أخرج من الباب

    35 من لي بمن يسمعني ؟ هوذا إمضائي. ليجبني القدير. ومن لي بشكوى كتبها خصمي

    36 فكنت أحملها على كتفي. كنت أعصبها تاجا لي

    37 كنت أخبره بعدد خطواتي وأدنو منه كشريف

    38 إن كانت أرضي قد صرخت علي وتباكت أتلامها جميعا

    39 إن كنت قد أكلت غلتها بلا فضة، أو أطفأت أنفس أصحابها

    40 فعوض الحنطة لينبت شوك، وبدل الشعير زوان





    harvy
    harvy
    مدير عام
    مدير عام


    عدد الرسائل : 559
    عارضة الطاقة :
    تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Left_bar_bleue75 / 10075 / 100تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/11/2008

    كتاب رد: تفسير سفر أيوب الجزء الثانى

    مُساهمة من طرف harvy الإثنين مايو 16, 2011 7:56 am

    تفسير الأصحاح الحادى والثلاثون




    فيه يشهد أيوب لنفسه بالبر ويدافع عن نفسه من كل الجرائم التي نسبها له أصحابه ظلماً (مثال للإتهامات 6:22) وفي تبريره لنفسه كان يطلب أن يعاقبه الله بعقوبة مريرة لو كان قد فعل أي خطية من التي ينكر أنه فعلها. بل هو دافع عن نفسه بأن حتي لم يفعل خطايا سرية، أي خطايا لم يشهد أحد عليه أنه فعلها وبالتالي لا يستطيع أحد أن يحاسبه، ويذكر السبب أنه كان يخشي الخطية وهو أنه يخشي الله.

    الأيات 1-12:- عهداً قطعته لعينى فكيف أتطلع في عذراء. وما هي قسمة الله من فوق ونصيب القدير من الأعالى. أليس البوار لعامل الشر والنكر لفاعلى الإثم. أليس هو ينظر طرقى ويحصى جميع خطواتى. إن كنت قد سلكت مع الكذب أو أسرعت رجلى إلى الغش. ليَزِنِى في ميزان الحق فيعرف الله كمالى. إن حادت خطواتى عن الطريق وذهب قلبى وراء عينى أو لصق عيب بكفى. أزرع وغيرى يأكل وفروعى تستأصل. إن غوى قلبى على إمرأة أو كمنت على باب قريبى. فلتطحن إمرأتى لآخر ولينحنى عليها آخرون. لأن هذه رذيلة وهي إثم يعرض للقضاة. لأنها نار تأكل حتى إلى الهلاك وتستأصل كل محصولى.

    في الآية (1) "عهدا قطعت لعيني فكيف اتطلع في عذراء". شهوة الجسد ومحبة العالم هما صخرتان يسقط عليهما الكثيرين وهنا يدافع أيوب عن نفسه أنه لم يسقط فيهما. وفي هذه الآية يدافع عن نفسه في أنه لم يشته إمرأة قريبه، ولا أي إمرأة، بل كان أميناً لزوجته. وهو حافظ علي نفسه من أول خطوات الخطية وهي النظرة، فمن يريد أن يحفظ قلبه طاهراً فليحفظ عينيه أولاً فهي الطريق والمدخل إلي القلب. ونلاحظ أن أيوب كان يتكلم هنا بروح العهد الجديد وتعاليم السيد المسيح " من نظر إلي إمرأة ليشتهيها فقد زني بها في قلبه". وأيوب أمسك عينيه عن أن تنظرا لتشتهيا حتي لا يضرم شهوات قلبه وفي (2) "و ما هي قسمة الله من فوق ونصيب القدير من الاعالي". يقول لماذا فضل أن يعيش طاهراً، ومنع نفسه من التطلع في عذراء، لأنه عرف أن كل خطية تغضب الله تمنع عنه بركات السماء. وما هي قسمة الله من فوق= أي ماذا يتوقع الخاطئ من بركات السماء، الخاطئ لا ينتظر بركات سواء أرضية أو سماوية بعد الموت.

    وفي (3) "اليس البوار لعامل الشر والنكر لفاعلي الاثم". هنا إجابة السؤال ما هي قسمة الله من فوق (آية 2) والأجابة البوار عوضاً عن البركة. وقد يستهتر الخاطئ بنتائج الخطية ولكن نصيب سدوم وعمورة تشهد بأن الخطية نتائجها مرعبة. وفي (4) "اليس هو ينظر طرقي ويحصي جميع خطواتي". هو يشعر بأن الله عينه عليه دائماً ولا يخفي عليه شئ، وهكذا كان يوسف (تك 9:39). هنا أيوب يعلن إيمانه بالله الذي لا يخفي عليه شئ، أي أن معرفته غير محدودة. وهو يحصي جميع خطواتي= أي أن الله يزن كل عمل من أعمالي، ويحاسبني علي ما هو صالح أو ما هو الشرير.

    وفي (5) "ان كنت قد سلكت مع الكذب أو اسرعت رجلي إلى الغش". يبرئ أيوب نفسه من أنه حصل علي أي ثروة بالغش أو الكذب. فهو يؤمن أن كل ما حصل عليه بالغش لابد وسيضيع. وفي (6) "ليزني في ميزان الحق فيعرف الله كمالي". من ثقته في أمانته يود لو وزن الله كل خطواته ليعلن بره ويكون له هذا كرامة. هنا هو يستشهد الله علي صدق قوله وهذا يعني ضمناً أن الله قد ظلمه إذ أتي عليه بهذه الألام. وفي (7) "ان حادت خطواتي عن الطريق وذهب قلبي وراء عيني أو لصق عيب بكفي". يقول أنه لم يحد عن طريق الأمانة بل ربط نفسه بطريق البر، وقلبه لم يسير وراء شهوة عينيه، ولم يشتهي ما لغيره. ولم يلطخ يديه بأي شيء خاطئ، أي لم يحصل علي شيء بعدم أمانة، ولم يحتفظ بشئ ليس له، ولم يلطخ يديه بأجرة عبيده الذين لم يظلمهم، وكان يدفع أجرتهم ولم يحجزها عنهم. ولاحظ قوله ذهب قلبي وراء عيني= أخلاقيات أيوب علي مستوي العهد الجديد. فهو لا يحسب الخطايا التي ينفذها فقط أنها خطايا، بل يحسب علي نفسه ما فكر فيه في قلبه أيضاً. وفي (8) "ازرع وغيري ياكل وفروعي تستاصل". يقول أنه لو كان قد فعل أي خطية فليعاقبه الله بأن يخسر كل شئ.

    وفي (9) "ان غوي قلبي على امراة أو كمنت على باب قريبي". إن غوي قلبي إمرأة= نري أن كل الخطايا منبعها قلب مخدوع. ولم يكمن علي باب قريبه= أي لم يدبر للزنا مع زوجة قريبه. فلتطحن إمرأتي لآخر= أي تصير عبدة لسيد أخر، والعبدة أو الجارية هي سرية لسيدها، له الحق أن يضطجع معها ولينحن عليها أخرون= أي إذا كنت فعلت هذا مع إمراة قريبي فليفعل هذا مع إمرأتي. وفي (11) "لان هذه رذيلة وهي اثم يعرض للقضاة". في نظر أيوب أن الزنا جريمة حقيرة فهي تغيظ الله وتأتي علي الإنسان بالخراب (روحياً وجسدياً). ولنري الخراب الذي أتي علي بيت داود بسبب الزنا مع بثشبع. وهذه الجريمة تميت الضمير وتحرم الإنسان جميع الأفراح الطبيعية وتبعده عن الله. وفي (12) "لأنها نار تاكل حتى إلى الهلاك وتستاصل كل محصولي". نراه يصور الزنا علي أنه نار تأكل حتي الخراب النهائى. والشهوة نار للروح تحرق من تسيطر عليهم وتتحكم فيهم، وتذهب كل تعزياتهم تماماً، بل هي تشعل نار غضب الله الذي يؤدي لخراب النفس الأبدي. فالشهوات المشتعلة تأتي بالأحكام النارية ضد الإنسان (سدوم وعمورة).

    الأيات 13-23:-إن كنت رفضت حق عبدى وأمتى في دعواهما علىَ. فماذا كنت أصنع حين يقوم الله وإذا إفتقد فبماذا أجيب. أوَليس صانعى في البطن صانعه وقد صورنا واحد في الرحم. إن كنت منعت المساكين عن مرادهم أو أفنيت عينى الأرملة. أو أكلت لقمتى وحدى فما أكل منها اليتيم. بل منذ صباى كبر عندى كأب ومن بطن أمى هديتها. إن كنت رأيت هالكاً لعد اللبس أو فقيراً بلا كسوة. إن لم تباركنى حقواه وقد إستدفأ بجزة غنمى. إن كنت قد هززت يدى على اليتيم لما رأيت عونى في الباب. فلتسقط عضدى من كتفى ولتنكسر ذراعى من قصبتها. لأن البوار من الله رعب علىَ ومن جلاله لم أستطع.

    في (13) "ان كنت رفضت حق عبدي وامتي في دعواهما علي". نجده ينصف عبيده ويعطيهم حقوقهم، حتي لو إشتكوا منه هو. فهو لم يعتبر عبيده مجرد شيء يقتنيه وفي (14) "فماذا كنت اصنع حين يقوم الله واذا افتقد فبماذا اجيبه". نجد عدله مع عبيده راجع لخوفه من الله وفي (15) "اوليس صانعي في البطن صانعه وقد صورنا واحد في الرحم". هنا نظرة مسيحية لنظام العبيد، فهو وعبيده لهم سيد واحد هو الله. إذاً هم جميعاً، هو وعبيده إخوة. أما العهد القديم فقد أباح العبودية، ومن قول أيوب هذا نفهم أن نظام العبودية ليس بحسب قصد الله حين خلق الإنسان، فها هو إنسان من العهد القديم وقبل الناموس ويتكلم كلاماً فيه الفكر الصحيح عن العبيد وعلاقتهم مع سادتهم وأنهم إخوة (غل 28:3). بل هو صنع له أصدقاء بمال الظلم وفي (16) "ان كنت منعت المساكين عن مرادهم أو افنيت عيني الارملة". يدافع عن نفسه فيما قاله أليفاز، فقد إتهمه أليفاز بأنه يظلم المساكين والأرامل، ويقول أنه كان يلبي لهم رغباتهم= لم يمنع مرادهم.

    أو أفنيت عيني الأرملة= لم يكن ينتظر الأرملة أن تطلب منه، بل كان يفهم من نظرة عينيها إحتياجها ويلبيه، أو لم يكن يتركها تنتظر عبثاً. وفي (17) "او اكلت لقمتي وحدي فما اكل منها اليتيم". كان يأكل مع اليتامي وفي (18) "بل منذ صباي كبر عندي كاب ومن بطن امي هديتها". نجده يربي اليتامي كأب لهم. ومن بطن أمي هديتها= المقصود أنه تعلم أعمال الرحمة علي اليتامي والأرامل من بطن أمه، هو مولود بها، منسوجة في طبيعته.

    وفي (20، 19) "ان كنت رايت هالكا لعدم اللبس أو فقيرا بلا كسوة، ان لم تباركني حقواه وقد استدفا بجزة غنمي". لم يترك عارياً إلا وكساه، وحينما إستدفأت حقواه باركه الفقير أي دعا له بالبركة. وفي (21) "ان كنت قد هززت يدي على اليتيم لما رايت عوني في الباب". هززت يدي علي اليتيم= اي لم أظلم يتيم، أو رفعت يدي عليه لأؤذيه أيام مجدي= لما رأيت عوني في الباب= حينما كان القضاة يلتفون حولي والكل يتمني رضائي، لم أستغل معارفي في ظلم أحد. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وفي (22) "فلتسقط عضدي من كتفي ولتنكسر ذراعي من قصبتها". لو كان قد إضطهد أرملة أو يتيم لتصبه أمراض صعبة فلتسقط عضدي= يتعفن لحمي علي عظامي.

    وتنكسر عظامي= وأيوب رأي أنه من العدل أن الذراع الذي إرتفع علي مسكين يكسر. وفي (23) "لان البوار من الله رعب علي ومن جلاله لم استطع". هو لم يظلم أحد لخوفه من الله وعقوباته علي الظالم. فالظالم يتصور أنه لا يوجد من هو أعظم منه ليحاسبه، أما أيوب فيشعر أن عيني الله عليه كل اليوم

    الأيات 25:-24-إن كنت قد جعلت الذهب عمدتى أو قلت للإبريز أنت متكلى. إن كنت قد فرحت إذ كثرت ثروتى ولأن يدى وجدت كثيراً.

    في (24) "ان كنت قد جعلت الذهب عمدتي أو قلت للابريز انت متكلي". أيوب كان عنده أموال كثيرة، لكنه لم يكن يتكل عليها. وهذه الآية هي نفس تعليم السيد المسيح (مر 24:10). أما من يتكل علي أمواله فهو عابد وثن، ولا يمكن لأحد أن يعبد سيدين الله والمال. (راجع كو 5:3) وبنفس المفهوم في (25) "ان كنت قد فرحت اذ كثرت ثروتي ولان يدي وجدت كثيرا". كان أيوب لا يفرح بزيادة أمواله.

    وفي الأيات (26-28) "ان كنت قد نظرت إلى النور حين ضاء أو إلى القمر يسير بالبهاء، وغوي قلبي سرا ولثم يدي فمي، فهذا ايضا اثم يعرض للقضاة لاني اكون قد جحدت الله من فوق ".

    ينفي عن نفسه تهمة الوثنية. وأنه لم يمارس أي طقوس وثنية ولا إنحراف قلبه وراءها يوماً. وكانت عبادة الشمس والقمر منتشرة أيام أيوب والإغراءات كثيرة في أمثال هذه العبادات. أما أيوب فلم يكن ينظر للشمس ولا للقمر كألهة يبهر بها بل كمخلوقات الله. فهو ينظر لخالقهم ويسبحه علي أعماله العظيمة. [عبادة الأجرام السماوية هي أقدم عبادة، والأجرام السماوية يسمونها tsaba ومنها عبادة الأجرام السماوية sabaism وكرد علي هذه العبادات أطلق اليهود علي الله رب الصباؤوت فهي خليقته وهو ربها وخالقها]

    لثم يدي فمي= علامة وثنية كانت منتشرة لتوقير الشمس والقمر. [وربما نشأت من أن الوثنيين كانوا يقبلون العجول هو 2:13 + 1مل 18:19. ولأن الإنسان لن يصل للشمس والقمر فكان يقبل يده عوضاً عن تقبيل آلهته الشمس والقمر] وأيوب يري أن من يفعل ذلك يستحق حكم علني من القضاة (آية 28) "فهذا ايضا اثم يعرض للقضاة لأني اكون قد جحدت الله من فوق". ليرتدع الجميع.

    الأيات 29-40:- "ان كنت قد فرحت ببلية مبغضي أو شمت حين اصابه سوء، بل لم ادع حنكي يخطئ في طلب نفسه بلعنة، ان كان اهل خيمتي لم يقولوا من ياتي باحد لم يشبع من طعامه، غريب لم يبت في الخارج فتحت للمسافر ابوابي، ان كنت قد كتمت كالناس ذنبي لاخفاء اثمي في حضني، اذ رهبت جمهورا غفيرا وروعتني اهانة العشائر فكففت ولم اخرج من الباب، من لي بمن يسمعني هوذا امضائي ليجبني القدير ومن لي بشكوى كتبها خصمي، فكنت احملها على كتفي كنت اعصبها تاجا لي، كنت اخبره بعدد خطواتي وادنو منه كشريف، ان كانت ارضي قد صرخت علي وتباكت اتلامها جميعا، ان كنت قد اكلت غلتها بلا فضة أو اطفات انفس اصحابها، فعوض الحنطة لينبت شوك وبدل الشعير زوان تمت اقوال ايوب".

    أيوب لم يكن ينتقم من أعدائه، وكان لا يشمت فيهم إن أصابتهم بلية وهذا ما قيل في أم 17:24، 18 + 21:25. من يشمت بعدوه يلحقه بالخراب. اما في العهد الجديد فالمسيح طلب "أحبوا أعدائكم". وكان فكر أيوب بذلك أرقي من فكر الفريسيين الذين نادوا بأن "حب قريبك وإكره عدوك مت 43:5. وفي (30) " لم يطلب أي لعنة تصيب أحد أعدائه. وفي (31) نري مثلاً كيف يربح إنسان أصدقاء بمال الظلم. وفي (32) نجد أن إضافة الغرباء التي عملها إبراهيم ولوط وأوصي بها معلمنا بطرس في العهد الجديد، قام بها أيوب (1بط 9:4) وفي (33) يدفع عن نفسه تهمة الرياء، فهو لم يظهر غير ما يبطن. وهذا ما إتهمه به صوفر 12:20. وفي (34) يدفع عن نفسه تهمة الجبن، فهو لم يرهب أحداً مهما كانوا جمهوراً. وأنه لمن الجبن أن نخفي الحق، أو نكتم شهادة الحق حين يجب أن نعلنها، أو لا نعطي المظلوم حقه خوفاً من الجمهور. فأيوب كان يخاف الله ولا يخاف صياح الظالمين. وروعتني إهانة العشائر= هو لم يرهب إهاناتهم بل شهد للحق حتي وإن أزعجهم ذلك فأهانوه وفي (35) يرفع أيوب قضيته لله. فهو عرض كل قضيته وأثبت براءته. هوذا إمضائي كأنه يوقع علي طلب رفع الدعوي أمام الله، وينتظر إجابة منه= ليجبني القدير.

    وفي (36) لو وجد شكوي كتبها خصم له، أي لو أدانه أحد بأي خطية أحملها علي كتفي أي أتحمل كل نتائجها وعقوباتها، أما لو ظهرت برائتي من هذه الشكوي= كنت أعصبها تاجاً لي= تاج يكلل كل أعمال بري. لقد بالغ أيوب في كماله وكان هذا رداً علي أصحابه الذين بالغوا في إدانته. وفي (37) من تأكده من براءته وكماله كان مستعداً أن يعطي لمقاوميه تقريراً عن كل خطوة من خطوات حياته. فهو لا يخجل من أي تصرف بل كان يدنو منه كشريف.

    وفي الأيات (38-40) يقول أن أرضه لم تصرخ عليه، أي هو لم يظلم أحد ليغتصبها (حب 9:2-11). وصراخ الأرض هنا كأنها تطلب الإنتقام من الظالم، وكأن الأرض شاهدة ضد الظالم وتدينه بصراخها. ثم يصور الموضوع بصورة شعرية فيضيف= وتباكت أتلامها(خطوط حرثها بحسب الترجمة اليسوعية). أي أن الأرض كلها تبكي لو كان حدث ظلم لصاحبها. أطفأت أنفس أصحابها= قتل مالك الأرض ليغتصبها كما حدث مع نابوت. وأكلت غلتها بلا فضة= أي إشتري الأرض ولم يغتصبها وفي (40) الحكم الذي يصدره علي نفسه لو فعل أي من الأخطاء المذكورة.

    تمت أقوال أيوب= أنهي أيوب دفاعه عن نفسه هنا. ولن يظهر أيوب ثانية في الحوار إلا حين يعترف أمام الله بأنه خاطئ.






    harvy
    harvy
    مدير عام
    مدير عام


    عدد الرسائل : 559
    عارضة الطاقة :
    تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Left_bar_bleue75 / 10075 / 100تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/11/2008

    كتاب رد: تفسير سفر أيوب الجزء الثانى

    مُساهمة من طرف harvy الإثنين مايو 16, 2011 7:59 am

    الأصحاح الثانى والثلاثون





    1 فكف هؤلاء الرجال الثلاثة عن مجاوبة أيوب لكونه بارا في عيني نفسه

    2 فحمي غضب أليهو بن برخئيل البوزي من عشيرة رام. على أيوب حمي غضبه لأنه حسب نفسه أبر من الله

    3 وعلى أصحابه الثلاثة حمي غضبه، لأنهم لم يجدوا جوابا واستذنبوا أيوب

    4 وكان أليهو قد صبر على أيوب بالكلام، لأنهم أكثر منه أياما

    5 فلما رأى أليهو أنه لا جواب في أفواه الرجال الثلاثة حمي غضبه

    6 فأجاب أليهو بن برخئيل البوزي وقال: أنا صغير في الأيام وأنتم شيوخ، لأجل ذلك خفت وخشيت أن أبدي لكم رأيي

    7 قلت: الأيام تتكلم وكثرة السنين تظهر حكمة

    8 ولكن في الناس روحا ، ونسمة القدير تعقلهم

    9 ليس الكثيرو الأيام حكماء، ولا الشيوخ يفهمون الحق

    10 لذلك قلت: اسمعوني . أنا أيضا أبدي رأيي

    11 هأنذا قد صبرت لكلامكم. أصغيت إلى حججكم حتى فحصتم الأقوال

    12 فتأملت فيكم وإذ ليس من حج أيوب، ولا جواب منكم لكلامه

    13 فلا تقولوا: قد وجدنا حكمة. الله يغلبه لا الإنسان





    harvy
    harvy
    مدير عام
    مدير عام


    عدد الرسائل : 559
    عارضة الطاقة :
    تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Left_bar_bleue75 / 10075 / 100تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/11/2008

    كتاب رد: تفسير سفر أيوب الجزء الثانى

    مُساهمة من طرف harvy الإثنين مايو 16, 2011 8:00 am

    تفسير الأصحاح الثانى والثلاثون





    الإصحاحات (32، 33، 34، 35، 36، 37) هي خطاب أليهو:-

    تكلم أليهو بعد أن إنتهي حوار أيوب مع أصحابه. فلا أيوب إعترف بأنه أخطأ ولا أصحابه تنازلوا عن قضيتهم، وكان أليهو أصغر الموجودين سناً، وإعتذر عن كونه أصغرهم ومع هذا يبدي رأياً، وهو تكلم للأسباب الآتية:-

    1. لأن أصحاب أيوب عجزوا عن الرد علي أيوب.

    2. لأن أيوب برر نفسه في كل شيء وألقي باللوم علي الله .

    3. هو لم يدين أيوب كالأصحاب، بل أدخل إعتباراً جديداً في المناقشة، وهو أن الآلام هي تأديب من الله. والتأديبات علامة محبة.

    4. وهو تكلم لأنه وجد الرد في داخله ولم يستطع أن يكتمه.

    5. لأنه ثار غاضباً علي عدم إعطاء الله كرامته، لذلك قد يفهم كثيراً من كلماته أنها صادرة عن غرور أو كبرياء ولكن بالعكس نجد أليهو متواضعاً مملوءاً حكمة وفطنة ومعرفة لله، لم يقاطع الشيوخ وهم يتكلمون، بل تكلم أخيراً، لكن ثورته كانت علي الكلمات الصعبة التي قالها أيوب ضد الله مبرراً نفسه، وعلي منطق أصحاب أيوب أنهم لم يجدوا رداً علي أيوب في تبرير سبب النكبات سوي إتهاماتهم له بأنه شرير مما جعله يثور ثورة عارمة ضدهم بل ضد الله نفسه.

    وكان كلام أليهو مقنعاً جداً، وتكلم ولم يخطئ ولذلك لم يرد عليه أيوب كما رد علي أصحابه الأخرين، ولم يرد عليه الأصحاب بل بينما لام الله الأصحاب الباقين لم يوجه اي لوم له (7:42)

    آية 1:- "فكف هؤلاء الرجال الثلاثة عن مجاوبة ايوب لكونه بارا في عيني نفسه".

    كف أصحاب أيوب عن الحوار لأنهم وجدوا أيوب باراً في عيني نفسه. وإنه من المستحيل النقاش مع مثل هذا الإنسان. ولقد رأي أصحاب أيوب أنه من العبث الإستمرار في النقاش، لا هم قادرين علي إقناعه ولا هو قادر علي إقناعهم.

    الأيات 2-5:- "فحمي غضب اليهو بن برخئيل البوزي من عشيرة رام على ايوب حمي غضبه لانه حسب نفسه ابر من الله، وعلى اصحابه الثلاثة حمي غضبه لانهم لم يجدوا جوابا واستذنبوا ايوب، وكان اليهو قد صبر على ايوب بالكلام لانهم اكثر منه اياما، فلما راى اليهو انه لا جواب في افواه الرجال الثلاثة حمي غضبه".

    أليهو= هو إلهي. برخئيل= بركة الله.البوزي= من نسل بوز بن ناحور أخو إبراهيم تك 21:22 (وهم من قبائل العرب أر 23:25. فهو قريب لإبراهيم وهو شاب صغير لكنه حار في الروح. وتكلم ليعرف كل واحد خطأه ويقدم توبة. وهو أدان أيوب لأنه لم يتكلم عن الله بوقار كما يجب ولأن أيوب برر نفسه أكثر من الله، فهو أجهد نفسه ليثبت بره ولكنه لم يهتم أن يثبت بر الله ولم يبرر الله من الخطأ في تجربته. فهو إهتم بكرامته أكثر من كرامة الله. والطريق الصحيح في التعامل مع الله أن نبحث نحن عن مجد الله والله هو الذي يبررنا. وأدان أليهو الأصحاب لأنهم لم يقدموا ردودهم برفق لأيوب وإصرارهم علي أنه شرير مرائي وأيضاً لضعف حججهم. وأدان الجميع بسبب أن كل طرف أصر علي أن الطرف الأخر خاطئ، كل منهم كان يبحث عن خطأ في كلام الأخر ويضخم هذا الخطأ دون أن يبحث في النقاط الإيجابية التي قالها. ونلاحظ تصرف أليهو الصائب فهو لم يتدخل في المناقشة حتي أنهى الأكبر سناً كلامهم، فهو إحترمهم بسبب تقدمهم في الأيام بالرغم من أنه كان يري أخطائهم في المناقشة. وهذا يشير لتواضعه. وتكلم أليهو لأن الله أعلن له فكان سكوته بعد ذلك تردد في الشهادة لله.

    الأيات 6-22:- "فاجاب اليهو بن برخئيل البوزي وقال انا صغير في الايام وانتم شيوخ لاجل ذلك خفت وخشيت ان ابدي لكم رايي، قلت الايام تتكلم وكثرة السنين تظهر حكمة، ولكن في الناس روحا ونسمة القدير تعقلهم، ليس الكثيرو الايام حكماء ولا الشيوخ يفهمون الحق، لذلك قلت اسمعوني انا ايضا ابدي رايي، هانذا قد صبرت لكلامكم اصغيت إلى حججكم حتى فحصتم الاقوال، فتاملت فيكم واذ ليس من حج ايوب ولا جواب منكم لكلامه، فلا تقولوا قد وجدنا حكمة الله يغلبه لا الانسان، فانه لم يوجه الي كلامه ولا ارد عليه انا بكلامكم، تحيروا لم يجيبوا بعد انتزع عنهم الكلام، فانتظرت لانهم لم يتكلموا لانهم وقفوا لم يجيبوا بعد، فاجيب انا ايضا حصتي وابدي انا ايضا رايي، لاني ملان اقوالا روح باطني تضايقني، هوذا بطني كخمر لم تفتح كالزقاق الجديدة يكاد ينشق، اتكلم فافرج افتح شفتي واجيب، لا احابين وجه رجل ولا املث انسانا، لاني لا اعرف الملث لانه عن قليل ياخذني صانعي".

    في (7) "قلت الايام تتكلم وكثرة السنين تظهر حكمة". يعترف أن الأكثر أياماً أكثر حكمة. وفي (8) "و لكن في الناس روحا ونسمة القدير تعقلهم". في الناس روحاً المقصود أن مصدر المعرفة للإنسان ليس فقط خبرته، بل إرشاد الروح القدس للإنسان، فهناك مصدر إلهي للمعرفة داخل الإنسان. وأليهو كان يعرف أنه خاضع لله وبالتالي فإن روح الله يرشده، وفي هذا يستوي الكبير والصغير وفي (9) "ليس الكثيرو الايام حكماء ولا الشيوخ يفهمون الحق". المقصود أن الخبرة التي يكتسبها الشيوخ بالسن هي لا شيء بجانب الإعلان الإلهي الذي تكلم عنه في آية (8). بل لو إبتعد الإنسان عن الله لفقد حكمته تماماً بالرغم من سنه. وفي (10) "لذلك قلت اسمعوني انا ايضا ابدي رايي". إسمعوني= لأنني أعلم أن الروح القدس هو الذي علمني ما أقول. وفي (11، 12) "هانذا قد صبرت لكلامكم اصغيت إلى حججكم حتى فحصتم الاقوال، فتاملت فيكم واذ ليس من حج ايوب ولا جواب منكم لكلامه". هو سكت منتظراً من الأصحاب أن يجدوا رداً علي أيوب لكنهم لم يردوا، والسبب أنهم ما كانوا يبحثون عن مجد الله، ولا عن الرد الصحيح ولا عن الحكمة الإلهية بل كان كل همهم منصباً علي محاولة إثبات شر أيوب. وكان خطأ أيوب أيضاً أنه لم يحاول أن يبحث عن حكمة إلهية ترشده عن سبب آلامه، بل إنصبت كل محاولاته في تبرير نفسه. وحينما يكون لنا غرض مخالف عن البحث عن مجد الله نفقد حساسية الإستماع لصوت روح الله فينا، وفي هذا لم يخطئ أليهو.

    وفي (13) "فلا تقولوا قد وجدنا حكمة. الله يغلبه لا الانسان". لا تقولوا قد وجدنا حكمة= لا تقولوا إننا وجدنا في كلام أيوب حكمة لا تقاوم ولا تقولوا أننا لنا حكمة بسبب تقدمنا في الأيام، فبسكوتكم سيظن أيوب فعلاً أنه بار وأن الله أخطأ في تجربته لأيوب. الله يغلبه لا الإنسان= سيكون الرد عليه بحكمة إلهية، بصوت أسمعه من الله، لا بخبرات إنسانية وحكمة بشرية.

    وفي (14) "فانه لم يوجه الي كلامه ولا ارد عليه انا بكلامكم". فإنه لم يوجه إلي كلامه= كانت المشكلة بين أيوب واصحابه أن الحوار إنقلب ليصبح صراعاً شخصياً بينهم. وأليهو يقول أنا خارج هذا الصراع ولا خصومة بيني وبين أيوب، وهو لم يوجه لي في خطاباته أي إتهام. ولا أرد عليه بكلامكم= فأنا لن أتهم أيوب بأنه مرائي وشرير كما فعلتم. وفي (15، 16) "تحيروا لم يجيبوا بعد انتزع عنهم الكلام، فانتظرت لانهم لم يتكلموا لانهم وقفوا لم يجيبوا بعد". ما دفع أليهو للكلام أنهم سكتوا بينما يجد هو القضية واضحة جداً. والكلام هنا بصيغة الغائب فربما كان أليهو يتكلم أمام حاضرين أخرين ووجه لهم الكلام، أو هو يناجي الله ويتكلم عنهم.

    وفي الأيات (18-20) "لاني ملان اقوالا روح باطني تضايقني، هوذا بطني كخمر لم تفتح كالزقاق الجديدة يكاد ينشق، اتكلم فافرج افتح شفتي واجيب". لقد إنتظر أليهو أن يقول أحدهم رأياً صحيحاً يحسم القضية فلم يجد، بينما هو وجد الرد الصحيح داخله، ولم يستطع أن يكتمه، فهو كان كنار في داخله. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وهكذا كل من يكلفه الله بكلمات يشهد بها، فهو لا يستطيع أن يكتمها وإن كتمها تكون كنار في داخله (أر 9:20 + مز 3:39). ملآن أقوالاً= فحين صمت الشيوخ ملأ الله أليهو الشاب فالله لا يبقي نفسه بلا شاهد. والله ملأه فكان لابد أن يتكلم، وإن لم يفعل يشعر أنه يكاد ينفجر هوذا بطني... كالزقاق... يكاد ينشق ولا طريقة يهدأ بها سوي أن يتكلم= أتكلم فأفرج. فالروح القدس يعطيه ما يتكلم به ويدفعه دفعاً أن يتكلم، فهو يعطي الكلمة والقوة على الكلام. [راجع مت 17:9 فالزقاق القديمة لو وضعوا فيها خمراً جديدة تتشقق لأنهم يغلقونها جيداً، ومع تفاعلات الخمر الجديدة يكون هناك غازات وأبخرة تمزق الزقاق القديمة، فلابد من وضع الخمر الجديدة في زقاق جديدة لتتحمل ولا تتمزق. وأليهو هنا يشبه نفسه بالزقاق الجديدة المملوءة خمراً جديدة وبداخلها ضغوط حتي لتكاد تنفجر]

    والأيات (22، 21) "لا احابين وجه رجل ولا املث انسانا، لاني لا اعرف الملث لانه عن قليل ياخذني صانعي". هو في كلامه لن يرائي ولن يبحث كيف يرضي البشر السامعين بل كيف يشهد لله، فلن يحابي أيوب بسبب آلامه ولن يحابي الأصحاب بسبب مراكزهم.





    harvy
    harvy
    مدير عام
    مدير عام


    عدد الرسائل : 559
    عارضة الطاقة :
    تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Left_bar_bleue75 / 10075 / 100تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/11/2008

    كتاب رد: تفسير سفر أيوب الجزء الثانى

    مُساهمة من طرف harvy الإثنين مايو 16, 2011 8:01 am

    الأصحاح الثالث والثلاثون






    1 ولكن اسمع الآن يا أيوب أقوالي، واصغ إلى كل كلامي

    2 هأنذا قد فتحت فمي. لساني نطق في حنكي

    3 استقامة قلبي كلامي ، ومعرفة شفتي هما تنطقان بها خالصة

    4 روح الله صنعني ونسمة القدير أحيتني

    5 إن استطعت فأجبني. أحسن الدعوى أمامي. انتصب

    6 هأنذا حسب قولك عوضا عن الله. أنا أيضا من الطين تقرصت

    7 هوذا هيبتي لا ترهبك وجلالي لا يثقل عليك

    8 إنك قد قلت في مسامعي، وصوت أقوالك سمعت

    9 قلت: أنا بريء بلا ذنب. زكي أنا ولا إثم لي

    10 هوذا يطلب علي علل عداوة. يحسبني عدوا له

    11 وضع رجلي في المقطرة . يراقب كل طرقي

    12 ها إنك في هذا لم تصب. أنا أجيبك، لأن الله أعظم من الإنسان

    13 لماذا تخاصمه ؟ لأن كل أموره لا يجاوب عنها

    14 لكن الله يتكلم مرة ، وباثنتين لا يلاحظ الإنسان

    15 في حلم في رؤيا الليل، عند سقوط سبات على الناس، في النعاس على المضجع

    16 حينئذ يكشف آذان الناس ويختم على تأديبهم

    17 ليحول الإنسان عن عمله، ويكتم الكبرياء عن الرجل

    18 ليمنع نفسه عن الحفرة وحياته من الزوال بحربة الموت

    19 أيضا يؤدب بالوجع على مضجعه، ومخاصمة عظامه دائمة

    20 فتكره حياته خبزا، ونفسه الطعام الشهي

    21 فيبلى لحمه عن العيان، وتنبري عظامه فلا ترى

    22 وتقرب نفسه إلى القبر، وحياته إلى المميتين

    23 إن وجد عنده مرسل، وسيط واحد من ألف ليعلن للإنسان استقامته

    24 يتراءف عليه ويقول: أطلقه عن الهبوط إلى الحفرة، قد وجدت فدية

    25 يصير لحمه أغض من لحم الصبي، ويعود إلى أيام شبابه

    26 يصلي إلى الله فيرضى عنه، ويعاين وجهه بهتاف فيرد على الإنسان بره

    27 يغني بين الناس فيقول: قد أخطأت، وعوجت المستقيم، ولم أجاز عليه

    28 فدى نفسي من العبور إلى الحفرة، فترى حياتي النور

    29 هوذا كل هذه يفعلها الله مرتين وثلاثا بالإنسان

    30 ليرد نفسه من الحفرة ، ليستنير بنور الأحياء

    31 فاصغ يا أيوب واستمع لي. انصت فأنا أتكلم

    32 إن كان عندك كلام فأجبني. تكلم. فإني أريد تبريرك

    33 وإلا فاستمع أنت لي . انصت فأعلمك الحكمة




    harvy
    harvy
    مدير عام
    مدير عام


    عدد الرسائل : 559
    عارضة الطاقة :
    تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Left_bar_bleue75 / 10075 / 100تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/11/2008

    كتاب رد: تفسير سفر أيوب الجزء الثانى

    مُساهمة من طرف harvy الإثنين مايو 16, 2011 8:07 am

    تفسير الأصحاح الثالث والثلاثون




    الأيات 1-7:- "و لكن اسمع الان يا ايوب اقوالي واصغ إلى كل كلامي، هانذا قد فتحت فمي لساني نطق في حنكي، استقامة قلبي كلامي ومعرفة شفتي هما تنطقان بها خالصة، روح الله صنعني ونسمة القدير احيتني، ان استطعت فاجبني احسن الدعوى امامي انتصب، هانذا حسب قولك عوضا عن الله انا ايضا من الطين تقرصت، هوذا هيبتي لا ترهبك وجلالي لا يثقل عليك".

    أليهو هنا يقنع أيوب، أنه إنما يتكلم لفائدته وليس لغرض شخصي. فتحت فمي= بعد أن سكت طويلاً، فإعطني فرصة لأشرح لك. إستقامة قلبي كلامي= أي كلماتي تصدر من قلب مستقيم. ومعرفة شفتي هما تنطقان بها خالصة= شفتاي تتحدثان بإخلاص بما أعلم، وبما كشفه لي روح الله. ومعني كلامه هنا أنه لن يكون منحازاً لأحد، ولا حتي لرأي شخصي، ولا لنظرية يحاول إثباتها أو تطبيقها علي ايوب، كما حاول أليفاز وصاحبيه أن يطبقوا نظرية خاصة علي أيوب، ربما كانوا هم أول المقتنعين بأنها لا تنطبق عليه، فهم بالتأكيد كانوا يعرفون بره. روح الله صنعني هذا مصدر حكمة أليهو، الإعلانات التي يعلنها الله له، فالله هو المصدروليس خبرته الشخصية، ومعني كلامه، لا تحتقروا ما سوف أقول بسبب صغر سني. وفي (5) إنتصب= إن وجدت رداً يا أيوب علي ما أتكلم به فهيا قم وتحاور معي وفي (6) طلب أيوب من قبل أن يحاكم أمام الله 21:16 + 3:23 + 3:13. وفي 21:16 كان يتمني أن يحاكم عند الله كما يقف إنسان أمام إنسان. وهو طلب أن يحاكم أمام الله لكن بشرط أن لا يرعبه الله بمجده ونور بهائه 20:13-22. وأليهو يقول له هنا ما تطلبه الآن موجود. فأنت عرضت قضيتك أمامي وسأرد عليك بالنيابة عن الله، وأنا إنسان مثلك، ولن أريعك فأنا أيضاً من الطين تقرصت= أي إنسان مخلوق من الطين مثلك، تقرصت= جُبِلْت. ولاحظ أيضاً أن طلب أيوب أن يتصالح أيضاً مع الله. وهنا أليهو يقوم بهذا الدور. وقوله أنا طين يشير لأن أليهو يشعر بآلام أيوب، وهكذا ينبعي أن الخادم يشعر بآلام الناس. وما قاله أليهو هنا عن نفسه يشير لعمل المسيح، كلمة الله الذي تجسد ليصالحنا علي الله، ولكي نتكلم معه ولا نرتعب من جلاله فهو إبن الإنسان وهو يشعر بضعفاتنا ويرثي لنا فهو إجتازها من قبلنا عب 17:2، 18.

    الأيات 8-13:- "انك قد قلت في مسامعي وصوت اقوالك سمعت، قلت انا بريء بلا ذنب زكي انا ولا اثم لي، هوذا يطلب علي علل عداوة يحسبني عدوا له، وضع رجلي في المقطرة يراقب كل طرقي، ها انك في هذا لم تصب انا اجيبك لان الله اعظم من الانسان، لماذا تخاصمه لان كل اموره لا يجاوب عنها".

    هنا نجد أليهو يعاتب أيوب علي الأقوال الصعبة التي فلتت منه في أثناء نقاشه وهي الخاصة بعدل الله وصلاحه تجاه أيوب. قلت في مسامعي= أي سمعتك بنفسي ولم ينقل لي أحد. فأنا متأكد من هذا. وفي (9)-(11)يكرر كلام أيوب الصعب وإتهاماته لله وراجع[21:9 + 7:10 + 23: 10، 1+ 5:27 + 24:13 + 27:13 + 13:10 + 21:30 + 11:19] فهو يصور نفسه أنه كامل وبرئ. فالله إذاً يعاديه بلا سبب، وهو غير قادر علي الجدال مع الله ولا الهرب منه فرجله في المقطرة. والله كعدو يتصيد عليه أي خطأ ثم يعامله بجفاء وقسوة وهو يعلم أنه برئ.

    وفي (12) الله أعظم من الإنسان= حتي وإن لم نعرف حكمة الله فيما يفعله فعلينا أن نعترف بأنه أعظم وأحكم ونعترف بأننا أضعف وأجهل من أن نفهم كل حكمة الله. وبالتالي لا يليق أن تشكو الله يا أيوب= ها إنك في هذا لم تصب= عليك أن تكف عن الشكوي من الله وتتواضع أمامه، لتصطلح معه. ونلاحظ الفرق بين تهمة أليهو ضد أيوب وتهم أصدقاء أيوب له. فأليهو يقول لأيوب قد أخطأت في قولك هذا بينما أصحاب أيوب قالوا له أنت مخطئ في كل شيء دون تحديد. وهذا هو الحوار المقبول ومعني قول أو لوم أليهو أنه لا يصح أن ننسب لله تصرفات خاطئة فكل أعماله صالحة.

    وفي (13) من يشتكي الله يقاومه، لأن من يشتكي الله يظهر الله كأنه مخطئ فيما عمل. وهل نخاصم الله غير المحدود في محبته وقدرته، وهل يتخاصم الإناء الخزفي مع صانعه ولنلاحظ أن الله غير ملزم بتقديم تفسير عن كل عمل يقوم به، بل علينا نحن أن نثق فيه وستثبت الأيام أن تدبير الله هو الذي كان صحيحاً.

    الأيات 14-16:- "لكن الله يتكلم مرة وباثنتين لا يلاحظ الانسان، في حلم في رؤيا الليل عند سقوط سبات على الناس في النعاس على المضجع، حينئذ يكشف اذان الناس ويختم على تاديبهم".

    لكن الله يتكلم= الله يكشف عن أسراره بقدر ما يحتمل الإنسان أن يعرف. وهذا رد علي أيوب حين قال أن الله تركه في ظلمة، لا يعرف لماذا حدث كل ما حدث. لذلك تصور أيوب أن الله يتصرف معه كعدو. ولذلك يرد عليه أليهو بأن الله قد تحدث معك وأنت لم تفهم، أو لم تدرك ولكن عموماً فكل تصرف من الله هو للخير. مرة وبإثنتين= فالله من محبته يسر بحديثه مع الإنسان. والروح القدس داخلنا عمله أن يبكت ويرشد ويعلم ويذكر ويقود. والله له وسائله المختلفة، فإن لم نستمع لصوت الروح القدس الهادئ داخلنا، نسمع لصوت كلمة الله في الكتاب المقدس أو في عظة، أو من أي إنسان يرسله الله. وإن لم يسمع الإنسان فهناك وسائل أخري يستعملها الله كإنذارات وتأديب، فإن فشل أحد الإنذارات في تنبيه الإنسان نجد الله يرسل إنذاراً آخر... وهكذا حتي يصير الإنسان بلا عذر. ولكن الإنسان لجهله لا يلاحظ طرق الله. وفي (15) نجد أليهو يحدد طرق إتصال الله بالإنسان، عن طريق الأحلام، وهناك أحلام من الله(يوسف النجار، فرعون، نبوخذ نصر) ويوجد أحلام من الشياطين وأحلام مصدرها خيال الإنسان، وهذه الأخيرة هي المصدر الأساسي للأحلام. وقد يسمع الإنسان صوت الله في خلوته مساءً وهو علي سرير فراشه، في هدوء الليل. ولكن أليهو هنا يقصد الأحلام. وفي (16) حينئذ يكشف أذان الناس= أي يزيل من أذانهم ومن قلوبهم معطلات السمع، فحين يسمح الله أن تصل لإنسان رسالة من السماء سيزيل كل العوائق التي نصنعها نحن بخطايانا.

    ويختم علي تأديبهم= يجعلها الله تسكن في قلوبهم حتي لا ينسون إنذار الله.



    الختم


    1- يظهر من الختم من الذي وقع علي الورقة.

    2- يظهر علي الختم صورة نقش.

    3- الختم يوضع بعد أن تغلق الرسالة.


    بينما عمل الله


    1- يظهر من التأديب أن الله هو الذي يؤدب.

    2- إذا إستفاد الإنسان من التأديب تظهر فيه صورة الله غل 19:4.

    3- ثمار التأديب وعمل الله تكون داخلية.



    الأيات 17-22:- "ليحول الانسان عن عمله ويكتم الكبرياء عن الرجل، ليمنع نفسه عن الحفرة وحياته من الزوال بحربة الموت، ايضا يؤدب بالوجع على مضجعه ومخاصمة عظامه دائمة، فتكره حياته خبزا ونفسه الطعام الشهي، فيبلى لحمه عن العيان وتنبري عظامه فلا ترى، وتقرب نفسه إلى القبر وحياته إلى المميتين".

    ما فائدة التأديبات، يجيب في (17) ليحول الإنسان عن عمله= أي يقوده للتوبة عن خطيته. ويكتم الكبرياء= وهذا ما يعمله الله الآن مع أيوب شخصياً.

    وفي (18) الله ينذر ويوبخ ليمنع عنا الخطايا حتي لا نهلك فالخطايا تؤدي للهلاك.

    وفي (19) مفهوم أليهو رائع أن الله يسمح بالألم للتأديب، وهو نفس مفهوم بولس الرسول عب 5:12-11. وهو هنا يرفض فكر أيوب وفكر أصحابه

    فكر أيوب:- لماذا أتالم وأنا بار

    فكر الأصحاب:- الألم علامة غضب الله علي الأشرار.

    ولذلك أيوب قطعاً شرير وأليهو بهذا الكلام يوجه نظر أيوب أن التأديب فيه محبة ورحمة من الله. فالتأديب أفضل بما لا يقاس من الهلاك في هوة الموت. وهنا نري إحدي وسائل التأديب التي يستخدمها الله ألا وهو المرض= يودب بالوجع. وهنا نري صورة مؤلمة لمرض مؤلم للعظام= مخاصمة عظامه دائمة= فالمرض شبهه بعدو يخاصم الإنسان فلا يتركه ليلاً أو نهاراً. وفي (20) أحد مظاهر المرض فقدان الشهية. وفي (21) يتحول المريض إلي هيكل عظمي. لتنبري عظامه= أي تتلاشى وهي مبالغة شعرية والمعني الضعف العام.

    وفي (22) يصل المريض لحافة اليأس وتظهر عليه كل علامات الموت. المميتين= هم إما آلام المرض التي تؤدي للموت أو هم الملائكة المرسلون من الله ليميتوا ويهلكوا، 2صم 16:24. وهنا الأمراض والآلام تجعل الإنسان قريباً جداً من القبر.

    آية 23:- "ان وجد عنده مرسل وسيط واحد من الف ليعلن للانسان استقامته". بعد أن تكلم عن الملائكة المميتين، نجده هنا يتكلم عن ملاك مرسل لينقذ الإنسان من أيديهم. والأن الله يؤدب أيوب، لكن كيف يفهم أيوب فيكون هذا التأديب لتبريره وتقديسه، ولا يكون سبب خصام مع الله؟ يكون هذا بأن يرسل الله وسيطاً كأليهو ليشرح لأيوب وليعلن للإنسان إستقامته= أي إستقامة الله، أي يبرر الله فيما سمح له به من آلام للتأديب. وتفهم كلمة إستقامته أنها عائدة علي أيوب فالمرسل يشرح لأيوب أنه مستقيم ومقبول من الله وليس شريراً وعدواً مرفوضاً من الله، وأن هذه الآلام سبب تأديب له. وإذا فهم أيوب يكون التأديب له فائدة. وهذا الوسيط هنا يعزي ويرافق ويشرح له تدبير الله لخلاص نفسه، الوسيط هو رجل حكيم يفهم معني القضيب المؤدب الذي يستخدمه الله. وهذا عمل خدام الله دائماً. واحد من ألف= تفهم بمعنيين:-

    (1) الله له 1000 وسيط يمكنهم أن يشرحوا لأيوب، والله أرسل واحد منهم هو أليهو

    (2) أن الوسيط أو الخادم الذي يفهم أساليب الله هو عينة نادرة وسط الخدام. فكل أصحاب أيوب فشلوا في شرح المعاني التي شرحها أليهو.

    والمرسل الذي إنتظرته البشرية هو المسيح، وهو الوسيط بين الله والإنسان. وهو وحده الذي يرافقنا في رحلة الألم في هذه الحياة، ولو قبلنا الآلام كشركة صليب معه نتعزي، وهو وحده الذي شرح معني الألم. فهل تألم المسيح لأنه شرير؟! حاشا (و في هذا رد علي منطق الأصحاب). بل فهمنا الآن بالمسيح معني الألم، وبالوسيط يسوع المسيح نتبرر. وكان أيوب مخطئاً حين ظن نفسه باراً فلا تبرير سوي بدم المسيح. ودمه هو الذي يحمينا من الهبوط في الحفرة والهلاك. ونجد الأن معني ثالث لقول واحد من الف:-

    (3) فرقم 1000 يشير للسماء. والمسيح أتي من السماء كوسيط يو 13:3.

    الأيات 24-33:- "يترءاف عليه ويقول اطلقه عن الهبوط إلى الحفرة قد وجدت فدية، يصير لحمه اغض من لحم الصبي ويعود إلى ايام شبابه، يصلي إلى الله فيرضى عنه ويعاين وجهه بهتاف فيرد على الانسان بره، يغني بين الناس فيقول قد اخطات وعوجت المستقيم ولم اجاز عليه، فدى نفسي من العبور إلى الحفرة فترى حياتي النور، هوذا كل هذه يفعلها الله مرتين وثلاثا بالانسان، ليرد نفسه من الحفرة ليستنير بنور الاحياء، فاصغ يا ايوب واستمع لي انصت فانا اتكلم، ان كان عندك كلام فاجبني تكلم فاني اريد تبريرك، والا فاستمع انت لي انصت فاعلمك الحكمة".

    آية (24) يبدأ من هنا شرح نتائج التجاوب الصحيح لتأديبات الله. الله الإله العطوف الذي تكلم في حلم وأدب بالمرض وأرسل وسيط ليتصالح مع أيوب. بل مع أي إنسان. فإذا تخلص الإنسان من خطيته التي جلبت عليه التأديب شفي من مرضه ويتبرر أمام الله، ويكون هذا الإنسان شهادة أمام الأخرين. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ومعني كلام أليهو أن المتألم لو تجاوب مع عمل الله يقبله الله ويتراءف عليه، وينجو من الهلاك الأبدي= أطلقه عن الهبوط إلي الحفرة. قد وجدت فدية= أي حينما قدم توبة شفاه الله ورحمه. كأن الله هو الذي يقول قد وجدت فدية، فتوبة هذا الشخص كانت فداءً له، فسأعطيه أن ينجو من الموت. والتأديب لا يتوقف إلا إذا أتي بثماره. ولكن نري في آية (24) عجبا. فأليهو بروح النبوة إنفتحت عيناه. ورأي أنه لا خلاص من الهبوط للحفرة، أي الموت الأبدي، إلا بوجود فدية. وليس من فدية تعطينا الخلاص إلا دم المسيح، الذي سبق وأسماه المرسل والوسيط. والمسيح هو نفسه الفادي وهو نفسه الفدية، هو الكاهن وهو الذبيحة، هو الشاري وهو الثمن (هو إشترانا وحررنا من يد إبليس بثمن هو دم نفسه)، وهو الذي بررنا وهو الذي صالحنا مع الآب.

    لقد سبق ورأينا أيوب قد إنفتحت عيناه ورأي الولي الحي، وكانت شركة الصليب هي السبب في فتح عينيه. وهنا نري أليهو تنفتح عينيه بسبب أخر هو الإيمان القوي ومحبته وغيرته علي مجد الله.

    وفي آية (25) التخلص من نتائج الخطية، أي شفاء المرض (مثال نعمان السرياني) لكن ليس في كل مرة يعود اللحم كلحم صبي صغير. ولكن هذا سيحدث في الجسد الممجد بعد القيامة.

    وفي (26) تسترد النفس سلامها وعلاقتها بالله، فالتائب يصلي والله يقبل صلاته، ويرتد غضب الله عنه، ويظهر علي وجهه نور رضا الله ويعيش في سلام داخلي...وهذا ما قاله المسيح "سلامي أترك لكم... " ويعاين وجهه= "طوبي لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله". فبعد أن كان الخاطئ غير قادر أن يري وجه الله، يراه ويفرح به. ويقول فم الذهب "الذين يعاينون وجه الله وهو راض عنهم يذوقون أفراح السماء وهم علي الأرض. فيرد علي الإنسان بره= الله يعيد للتائب بره بأن يغفر خطاياه.

    وفي (27، 28). يغني بين الناس فيقول قد أخطأت. يغني إشارة لأفراح التائب الذي نال الغفران. وماذا يقول التائب في فرحه قد أخطأت. هذه تسبحة التائب الحقيقي، فالتائب لا ينكر خطيته أبداً. وسبب فرحه غفران الله له= لم أجاز عليه. فدي نفس من العبور إلي الحفرة= فبالتأديب إنتقل من الموت إلي الحياة ="إبني هذا كان ميتاً فعاش" فتري حياتي النور= وينتقل من الظلمة إلي النور. لكن من الذي يستفيد من الفداء؟ التائب. ولنري هنا مفهوم أليهو أن فرح التائب يكون بغفران خطاياه، فهو يعترف أنه أخطأ وهو فرح بالغفران وهذا عكس ما كان أيوب يحاول إثباته، أنه بار ولا حاجة له لفداء فكان منطق أيوب سبباً لتعاسته ولنقارن قول داود "لم يصنع معنا حسب خطايانا ولم يجازنا بحسب أثامنا مز 10:103 فهو يشبه تماماً قول أليهو هنا يغني... قد أخطأت وهو عكس قول أيوب 14:16-17.

    وفي (30، 29). الله يفعل هذا دائماً، فهو لا يفرح بموت الخاطئ، بل بأن يفدي نفسه فيرجع ويحيا، وفي سبيل هذا يستخدم الإنذارات والألام. مرتين وثلاثاً= إن لم يستجب الإنسان للإنذار الأول يكون هناك إنذار ثانٍ.. وكل إنذار أصعب من الذي قبله.

    وفي (31، 32):- أليهو يتمني أن أيوب يفهم أن أليهو ليس خصماً له، فهو ليس مثل الأصحاب يحاول إثبات شره، بل هو يسعي وراء الحق ليتوب أيوب فيتبرر= أريد تبريرك

    وفي (33) إنصت فأعلمك الحكمة= من يتعلم أن ينصت في هدوء وليس بروح الجدل سيسمع وسيتعلم الحكمة، وأي حكمة أروع من التي قالها أليهو أن الله في محبته يسعي وراء الإنسان ليفتديه من الحفرة، وينقذه من الموت، ولا ينتظر من الإنسان إلا أن يعود إليه بالتوبة، ويظل الله وراء أولاده بالتأديبات حتي لا يهلكوا، بل يظلوا في طريق الخلاص. إستمع أنت لي= ما سيقوله بعد ذلك.





    harvy
    harvy
    مدير عام
    مدير عام


    عدد الرسائل : 559
    عارضة الطاقة :
    تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Left_bar_bleue75 / 10075 / 100تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/11/2008

    كتاب رد: تفسير سفر أيوب الجزء الثانى

    مُساهمة من طرف harvy الإثنين مايو 16, 2011 8:11 am

    الأصحاح الرابع والثلاثون







    1 فأجاب أليهو وقال

    2 اسمعوا أقوالي أيها الحكماء، واصغوا لي أيها العارفون

    3 لأن الأذن تمتحن الأقوال، كما أن الحنك يذوق طعاما

    4 لنمتحن لأنفسنا الحق ، ونعرف بين أنفسنا ما هو طيب

    5 لأن أيوب قال: تبررت، والله نزع حقي

    6 عند محاكمتي أكذب. جرحي عديم الشفاء من دون ذنب

    7 فأي إنسان كأيوب يشرب الهزء كالماء

    8 ويسير متحدا مع فاعلي الإثم، وذاهبا مع أهل الشر

    9 لأنه قال: لا ينتفع الإنسان بكونه مرضيا عند الله

    10 لأجل ذلك اسمعوا لي يا ذوي الألباب. حاشا لله من الشر، وللقدير من الظلم

    11 لأنه يجازي الإنسان على فعله، وينيل الرجل كطريقه

    12 فحقا إن الله لا يفعل سوءا، والقدير لا يعوج القضاء

    13 من وكله بالأرض، ومن صنع المسكونة كلها

    14 إن جعل عليه قلبه، إن جمع إلى نفسه روحه ونسمته

    15 يسلم الروح كل بشر جميعا، ويعود الإنسان إلى التراب

    16 فإن كان لك فهم فاسمع هذا، واصغ إلى صوت كلماتي

    17 ألعل من يبغض الحق يتسلط، أم البار الكبير تستذنب

    18 أيقال للملك: يا لئيم، وللندباء: يا أشرار

    19 الذي لا يحابي بوجوه الرؤساء، ولا يعتبر موسعا دون فقير. لأنهم جميعهم عمل يديه

    20 بغتة يموتون وفي نصف الليل. يرتج الشعب ويزولون، وينزع الأعزاء لا بيد

    21 لأن عينيه على طرق الإنسان، وهو يرى كل خطواته

    22 لا ظلام ولا ظل موت حيث تختفي عمال الإثم

    23 لأنه لا يلاحظ الإنسان زمانا للدخول في المحاكمة مع الله

    24 يحطم الأعزاء من دون فحص، ويقيم آخرين مكانهم

    25 لكنه يعرف أعمالهم، ويقلبهم ليلا فينسحقون

    26 لكونهم أشرارا، يصفقهم في مرأى الناظرين

    27 لأنهم انصرفوا من ورائه، وكل طرقه لم يتأملوها

    28 حتى بلغوا إليه صراخ المسكين، فسمع زعقة البائسين

    29 إذا هو سكن، فمن يشغب ؟ وإذا حجب وجهه، فمن يراه سواء كان على أمة أو على إنسان

    30 حتى لا يملك الفاجر ولا يكون شركا للشعب

    31 ولكن هل لله قال: احتملت. لا أعود أفسد

    32 ما لم أبصره فأرنيه أنت. إن كنت قد فعلت إثما فلا أعود أفعله

    33 هل كرأيك يجازيه، قائلا: لأنك رفضت ؟ فأنت تختار لا أنا، وبما تعرفه تكلم

    34 ذوو الألباب يقولون لي، بل الرجل الحكيم الذي يسمعني يقول

    35 إن أيوب يتكلم بلا معرفة، وكلامه ليس بتعقل

    36 فليت أيوب كان يمتحن إلى الغاية من أجل أجوبته كأهل الإثم

    37 لكنه أضاف إلى خطيته معصية. يصفق بيننا، ويكثر كلامه على الله



    harvy
    harvy
    مدير عام
    مدير عام


    عدد الرسائل : 559
    عارضة الطاقة :
    تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Left_bar_bleue75 / 10075 / 100تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/11/2008

    كتاب رد: تفسير سفر أيوب الجزء الثانى

    مُساهمة من طرف harvy الإثنين مايو 16, 2011 8:12 am

    تفسير الأصحاح الرابع والثلاثون






    الأيات 1-9:- "فاجاب اليهو وقال، اسمعوا اقوالي ايها الحكماء واصغوا لي ايها العارفون، لان الاذن تمتحن الاقوال كما ان الحنك يذوق طعاما، لنمتحن لانفسنا الحق ونعرف بين انفسنا ما هو طيب، لان ايوب قال تبررت والله نزع حقي، عند محاكمتي اكذب جرحي عديم الشفاء من دون ذنب، فاي انسان كايوب يشرب الهزء كالماء، ويسير متحدا مع فاعلي الاثم وذاهبا مع اهل الشر، لانه قال لا ينتفع الانسان بكونه مرضيا عند الله".

    الحكماء... العارفون= أليهو كان مختلفاً معهم ومع هذا كان يحترمهم. الأذن تمتحن الأقوال= الأذن تمتحن بمعني العقل والإدراك. هو دعاهم أن يسمعوا أقواله ويتذوقوها ثم يحكموا هل كلامه فيه حكمة أم لا. لنمتحن لأنفسنا الحق= هنا جمع أليهو نفسه معهم، ومعني كلامه أنه يجب أن نمتحن كل ما نسمعه لنحكم عليه، فهو كمن يطلب أن يتحاور معهم للوصول إلي الحقيقة بلا فرض رأي.

    وفي (5) يلوم أيوب علي الكلام الصعب الذي قاله عن الله (18:13 + 2:27، 4، 5) خصوصاً إصراره أنه برئ وأن الله ظلمه= نزع حقي. وميزة أليهو أنه يدين أيوب في أقوال محددة بينما الأصحاب أدانوه علي أعمال تصوروا هم أنه عملها وهو برئ منها مما أثاره. وفي (6) عند محاكمتي أكذب= ترجمتها هكذا اليسوعية "أُكَذَبْ والحق لي" أي الله يعلم إنني برئ ومع هذا يتهمني أنني كاذب وخاطئ ليعذبني بلا سبب. جرحي عديم الشفاء من دون ذنب= آلامه ميئوس من شفائها وهو برئ.

    وفي (7) أليهو يلوم أيوب بشدة ويصوره كمن يجلس في مجلس المستهزئين ليهزأ بأحكام الله. يشرب الهزء كالماء= معناها أنه أخذ قدراً كبيراً في توجيه الإتهامات لله. وفي (8) يسير متحداً مع فاعلي الأثم= في إتهامات أيوب لله والهزء من أحكامه صار أيوب كأنه زميل لفاعلي الإثم الأشرار. وفي (9) إتهم أليهو أيوب ولامه لأنه فهم من كلامه أن أيوب يقصد أن الإنسان المتدين البار لن يستفيد من تدينه. كما لو كانت خدمة الله بلا جدوي. وهذا الكلام إستخلصه من 22:9

    الأيات 10-20:- "لاجل ذلك اسمعوا لي يا ذوي الالباب حاشا لله من الشر وللقدير من الظلم، لانه يجازي الانسان على فعله وينيل الرجل كطريقه، فحقا ان الله لا يفعل سوءا والقدير لا يعوج القضاء، من وكله بالارض ومن صنع المسكونة كلها، ان جعل عليه قلبه ان جمع إلى نفسه روحه ونسمته، يسلم الروح كل بشر جميعا ويعود الانسان إلى التراب، فان كان لك فهم فاسمع هذا واصغ إلى صوت كلماتي، العل من يبغض الحق يتسلط ام البار الكبير تستذنب، ايقال للملك يا لئيم وللندباء يا اشرار، الذي لا يحابي بوجوه الرؤساء ولا يعتبر موسعا دون فقير لانهم جميعهم عمل يديه، بغتة يموتون وفي نصف الليل يرتج الشعب ويزولون وينزع الاعزاء لا بيد".

    في الأيات (10-12) كانت خطة أليهو أن يجعل أيوب يتقبل آلامه وهو في سلام. وسبق له في الإصحاح السابق أن شرح أن الله يقصد تاديب الإنسان بالألام، وبالتالي فالآلام هي لخير الإنسان. وهنا يثبت أن الله يعطي العقوبة أو التأديب بقدر إستحقاق الإنسان تماماً وليس بأكثر من ذلك.

    وفي (13) من وكله بالأرض= يريد أليهو أن يثبت عدل الله، وأنه له السلطان المطلق فهو الذي صنع المسكونة كلها فهو بالتالي الذي يحكمها، وسلطانه عليها لم يأتي من أحد، فلم يوكله أحد. وصاحب الشئ يهتم بما يملكه أكثر من إهتمام الوكيل به. بل هو لو أغفل عن إهتمامه لحظة تحطم كيان الكون في لحظة. فالله لأنه صاحب هذه الأرض يحكمها بالعدل، فلماذا يحكمها بالظلم، ولمصلحة من. لو كان هو يديرها كوكيل، ربما كان يخطيء لصالح نفسه (كوكيل الظلم)، ولكن هي أرضه فلماذا لا يعدل، هل هناك من هو أقوي أو أعدل منه.

    والأيات 15، 14:- أنت يا أيوب تتهم الله بأنه يظلمك، وهو كعدو لك، جافٍ من نحوك، هل تتصور يا أيوب عمن تتكلم، الله الذي له كل السلطان، الله الذي بيده روحك، إن غفل عنك لحظة تموت، وإن وضع في نفسه أن يكون ضدك لهلكت في طرفة عين، فروحك في يده. فلماذا يعذبك إذاً، هو لو أراد، فهو قادر أن يهلكك في لحظة. إن جعل عليه قلبه= الله لو وضع قلبه، أي صمم علي ضرب شخص إن جمع إلي نفسه روحه ونسمته= ينزع منه روحه فيموت= يُسلم الروح كل بشر= هل يستطيع إنسان أن يمتنع. الله لا يحتاج لقوة حتي يسحق الإنسان الضعيف، فقط يسحب منه النسمة التي سبق فأعطاها له. إن جمع إلي نفسه روحه ونسمته= أي يسترد الله لنفسه هذه النسمة التي أعطاها للإنسان فيموت.

    وفي (16) فإن كان لك فهم= إفهم أن الله لا يمكن مخاصمته، وإفهم أنه ليس عدواً لك فلو عاداك الله لهلكت في لحظة. وفي (17) العل من يبغض الحق يتسلط= هل لو تصورت أن الله ظلمك من دون حق فكيف يكون الله وهو مبغض للحق يتسلط علي العالم. الملك الدنيوي لو حكم بلا عدل تنهار مملكته من الفساد، فهل يحكم الله العالم بلا عدل حتي ينهار العالم، ولمصلحة من يسمح الله بإنهيار العالم الذي خلقه أم البار الكبير تستذنب= الله هو البار العظيم، الذي بلا خطأ فهل تنسب له الظلم.

    وفي (18) إذا كان لا يليق أن نوجه إساءة للملوك الأرضيين والندباء= الأمراء. فهل نوجه تهمة الظلم لله، وتهمة الظلم أو اللؤم لا يمكن ولا يصح أن نوجهها للملك الأرضي، فهل توجهها يا أيوب لملك الملوك. وفي (20، 19):- الله في سلطانه المطلق لا يحابي أحد فهو خالق الجميع من تراب، فهو لن يجامل موسعاً= غنياً لأنه غني. ولن يجامل فقير لأنه مسكين. فكلهم يموتون لابيد= أي دون تدخل إنسان، ولكن لان الله اراد ذلك

    الأيات 21-30:- "لان عينيه على طرق الانسان وهو يرى كل خطواته، لا ظلام ولا ظل موت حيث تختفي عمال الاثم، لانه لا يلاحظ الانسان زمانا للدخول في المحاكمة مع الله، يحطم الاعزاء من دون فحص ويقيم اخرين مكانهم، لكنه يعرف اعمالهم ويقلبهم ليلا فينسحقون، لكونهم اشرارا يصفقهم في مراى الناظرين، لانهم انصرفوا من ورائه وكل طرقه لم يتاملوها، حتى بلغوا اليه صراخ المسكين فسمع زعقة البائسين، اذا هو سكن فمن يشغب واذا حجب وجهه فمن يراه سواء كان على امة أو على انسان، حتى لا يملك الفاجر ولا يكون شركا للشعب".

    إبتداء من هنا يثبت حتمية عدل الله بأنه يعرف كل شيء دون أن يفحص.

    ففي (21) الله يفحص عمل كل واحد لذلك تكون عقوبته عادلة. وفي (22) لا ظلام ولا ظل موت= كل شيء مكشوف أمام عينيه، ولا شيء يختفي عنه من شرور عمال الإثم. ففاعلي الشر قد يختبأون في الظلام فلا يراهم إنسان، فهل يختفون من أمام الله.

    وفي (23)، (24) لأنه لا يلاحظ الإنسان زماناً للدخول في المحاكمة مع الله= القاضي البشري يحتاج زماناً لمراقبة المتهم، وفحص قضيته ولكن الله، لأن طرق الإنسان كلها مكشوفة أمامه ففي لحظة يحطم الأعزاء الأشرار من دون فحص= أي لا يحتاج لوقت لفحص قضيتهم. هذا إثبات أن حياتنا بتفاصيلها كلها مكشوفة أمامه.

    وفي (26، 25) الله يسحق بعدل فهو يعرف أعمال الجميع. وحين يضرب يضرب أمام الناظرين ليرتدع الجميع. ويقلبهم ليلاً= هكذا ضرب بيلشاصر ليلاً. ولكن قوله ليلاً يشير لشرهم. فالليل يشير لأعمال الظلمة. والمعني الله يضربهم بسبب شرهم.

    وفي (28، 27) شر هؤلاء الخطاة أنهم متمردين علي الله لا يخافون منه ولا يراعوا في شرورهم إنسان، فصاروا طغاة ضد المساكين (لو 2:18). وسر شر الأشرار أنهم تصوروا أنهم بلا إله في هذا العالم= إنصرفوا من ورائه. ولم يعودوا يخافون من أحكامه، لأنهم لم يتأملوا في عقاب الله للأشرار= وكل طرقه لم يتأملوها.

    وفي (29) الله له السلطان المطلق علي كل الخليقة وما يقرره لا يمكن لأحد أن يغيره. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). إن حجب وجهه= يحزن الإنسان، وفي هذه الحالة لن يستطيع إنسان تعزيته، وحجب الله لوجهه عن المتألم معناه أنه لا عزاء لهذا الإنسان. وفي سلطان الله المطلق يحفظ العدل لكل الناس= حتي لا يملك الفاجر= الله لا يترك الفاجر يتحكم في الأبرار حتي لا يكون شركاً للشعب. حتي وإن سمح الله للفاجر أن يملك زمناً فهو لا يتركه دائماً مز 3:125. وإن ملك فاجر علي شعب يكون هذا بسماح من الله لكي يؤدب هذا الشعب. وبعد أن يأتي التأديب بثماره ينزع الله هذا الفاجر.

    الأيات 31-37:- "و لكن هل لله قال احتملت لا اعود افسد، ما لم ابصره فارنيه انت ان كنت قد فعلت اثما فلا اعود افعله، هل كرايك يجازيه قائلا لانك رفضت فانت تختار لا انا وبما تعرفه تكلم، ذوو الالباب يقولون لي بل الرجل الحكيم الذي يسمعني يقول، ان ايوب يتكلم بلا معرفة وكلامه ليس بتعقل، فليت ايوب كان يمتحن إلى الغاية من اجل اجوبته كاهل الاثم، لكنه اضاف إلى خطيته معصية يصفق بيننا ويكثر كلامه على الله".

    أليهو يعلم أيوب ماذا يجب أن يقول، فبعد أن لامه يضع في فمه كلاماً يقوله. (وخطوات التوبة أن نمتنع عن التكلم بكلام شرير ثم نبدأ نتعلم أن نتكلم كلاماً صالحاً). ولكن هل لله قال إحتملت= عليك يا أيوب إن كنت رجلاً باراً حقاً أن تقول لله، أنا أحتمل كل ما تسمح به، أحتمل لأنه تأديب، ولأنني واثق في أنك لا تفعل سوي الخير. لا أعود أفسد= لا أعود لخطاياي. هنا يدعوه للإعتراف بأنه أخطأ، وبأن يقدم توبة فلا يعود لخطيته ثانية. ويفهم أن يحتمل التأديب كأنه علاج لحالته حتي لا يهلك بسبب خطاياه، كما يحتمل المريض الدواء ليشفي. ما لم أبصره فأرنيه أنت= أنا إكتشفت بعضاً من أخطائي، فإكشف لي يارب ما لا أستطيع أن أراه، إكشف المختبئ فيَ والذي لا أعلمه فلا أعود إليه. بهذا يعترف أيوب أمام الله كما فعل اللص اليمين "أنا بعدل جوزيت". وقول أليهو هل لله قال= المقصود أيوب أو أي تائب.

    وفي (33) هل كرأيك يجازيه= هنا يسأل أليهو أيوب "هل كرأيك يا أيوب يجازي الله الإنسان التائب، أو هل يستشير الله إنسان فيما يفعله، أو في طريقة التأديب المناسبة، الإنسان قاصر في معرفته فكيف يختار. والكلام هنا كأن الله يوجه الكلام لأيوب لأنك رفضت= لأنك يا أيوب ترفض حكمي وطرقي وتظن أنني أخطأت. فأنت تختار لا أنا= تفضل يا أيوب أختار التصرف السليم بدلاً مني.

    وفي (34، 35) يستشهد أليهو بكل العقلاء والفهماء، وبأنهم يؤيدوه في أن أيوب تكلم بلا عقل. هنا يقول أليهو لأيوب ما سبق وقاله أيوب لزوجته "تتكلمين كإحدي الجاهلات". وفي بعض الأحيان نشير علي الناس بنصائح نحتاج أن نُسمِعها لأنفسنا.

    وفي (36) يتمني أليهو أن الله يترك أيوب لآلامه حتي آخر المشوار لتنكشف كل أخطائه ويسحب كل الكلام الصعب الذي قاله ويقدم توبة حقيقية فيصير باراً فعلاً.

    وفي (37) يصفق بيننا= علامة علي إستمرار تمرده وغضبه، وأنه مستمر في إتهامه لله بالظلم. وبهذا أضاف لخطاياه خطية جديدة.

    harvy
    harvy
    مدير عام
    مدير عام


    عدد الرسائل : 559
    عارضة الطاقة :
    تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Left_bar_bleue75 / 10075 / 100تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/11/2008

    كتاب رد: تفسير سفر أيوب الجزء الثانى

    مُساهمة من طرف harvy الإثنين مايو 16, 2011 8:13 am

    الأصحاح الخامس والثلاثون





    1 فأجاب أليهو وقال

    2 أتحسب هذا حقا ؟ قلت : أنا أبر من الله

    3 لأنك قلت: ماذا يفيدك ؟ بماذا أنتفع أكثر من خطيتي

    4 أنا أرد عليك كلاما ، وعلى أصحابك معك

    5 انظر إلى السماوات وأبصر، ولاحظ الغمام. إنها أعلى منك

    6 إن أخطأت فماذا فعلت به ؟ وإن كثرت معاصيك فماذا عملت له

    7 إن كنت بارا فماذا أعطيته ؟ أو ماذا يأخذه من يدك

    8 لرجل مثلك شرك، ولابن آدم برك

    9 من كثرة المظالم يصرخون. يستغيثون من ذراع الأعزاء

    10 ولم يقولوا: أين الله صانعي، مؤتي الأغاني في الليل

    11 الذي يعلمنا أكثر من وحوش الأرض، ويجعلنا أحكم من طيور السماء

    12 ثم يصرخون من كبرياء الأشرار ولا يستجيب

    13 ولكن الله لا يسمع كذبا، والقدير لا ينظر إليه

    14 فإذا قلت إنك لست تراه، فالدعوى قدامه، فاصبر له

    15 وأما الآن فلأن غضبه لا يطالب، ولا يبالي بكثرة الزلات

    16 فغر أيوب فاه بالباطل، وكبر الكلام بلا معرفة


    harvy
    harvy
    مدير عام
    مدير عام


    عدد الرسائل : 559
    عارضة الطاقة :
    تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Left_bar_bleue75 / 10075 / 100تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/11/2008

    كتاب رد: تفسير سفر أيوب الجزء الثانى

    مُساهمة من طرف harvy الإثنين مايو 16, 2011 8:14 am

    تفسير الأصحاح الخامس والثلاثون




    الأيات 1-8:- "فاجاب اليهو وقال، اتحسب هذا حقا قلت انا ابر من الله، لانك قلت ماذا يفيدك بماذا انتفع اكثر من خطيتي، انا ارد عليك كلاما وعلى اصحابك معك، انظر إلى السماوات وابصر ولاحظ الغمام انها اعلى منك، ان اخطات فماذا فعلت به وان كثرت معاصيك فماذا عملت له، ان كنت بارا فماذا اعطيته أو ماذا ياخذه من يدك، لرجل مثلك شرك ولابن ادم برك". يعاتب أليهو هنا أيوب علي خطأين له في كلامه

    1. أنه يبرر نفسه أكثر من الله، بمعني أن أيوب تصور أنه قدم لله الكثير، بل أكثر كثيراً مما قدمه الله له، وفي الموازين أصبح أيوب دائناً لله، وأن أعمال أيوب البارة كافأه الله عليها بأقل مما يستحق، وجازاه علي شروره بأكثر مما يستحق.

    2. إعتباره أن علاقته بالله لا تفيده شيئاً.

    أنا أبر من الله= هذه شرحها في نقطة (1). بماذا أنتفع أكثر من خطيتي.. نقطة (2) وراجع 30:9، 31+ 15:10.

    بماذا أنتفع أكثر من خطيتي= قلت ماذا يفيدني وأي شيء أنفع لي من أن أخطأ. (حسب ترجمة اليسوعيين). أي ماذا سيعود عليَ بالنفع لو تطهرت من خطيتي، وإن كنت خاطئاً فالويل لي، ولكن إن كنت باراً فماذا أستفيد (مز 13:73، 14) والمقصود بالنفع هنا، النفع المادي كالصحة والثروة. ولكن هنا خطأ في الحساب فعطايا الله ليست كلها مادية، بل عطاياه أساساً روحية. وهذا ما توصل إليه كاتب مزمور 73 (راجع 23:73-26). ولكن خطأ أيوب في حساباته أنه نظر إلي الخيرات الجسدية ورأي أنها تعطي أحياناً للأشرار وليس للأبرار فحسب هذا ظلماً وليس بحكم عادل. وعموماً فمثل هذا التفكير أي وجوب مجازاة البار علي الأرض بخيرات مادية هو تفكير يهودي بعيد عن الروح المسيحية. وأنها لأنانية أن يظل الإنسان يطلب خيرات مادية، فالمسيحي يجب أن يكون صورة للمسيح الذي جاء يبذل نفسه ويطلب ما للأخرين ولا يطلب ماله.

    وفي (4) أليهو يرد علي كل من يقول هذا أيوب أو أصحابه

    وفي (5) أليهو يثبت أن الله أعلي من الجميع فالسموات فوق الجميع، فالله أعظم من جميع خلائقه ولا يحتاج لأحد منهم، ولا يطمع في أحد منهم، لذلك لن يظلمهم. أما ملوك الأرض فهم قد يظلمون رعاياهم ليربحوا منهم.

    وفي (7، 6) يطلب أليهو من أيوب أن يغير طريقه تفكيره فأيوب يتصور أن الله يراقب الإنسان وحين يخطئ يعاقبه. وأليهو يقول أن أخطأ الإنسان فالله لن ينقص. ولو كان الإنسان باراً فهذا لا يزيد الله شيئاً. وهذا رد من أليهو علي تفكير أيوب ماذا أنتفع لو تطهرت من خطيتي. فالله يهتم بأن الإنسان يتوب ليس لأن هذا في مصلحة الله، بل لأن في هذا خير الإنسان والله يحب البشر.

    وفي (8) شرورنا وبرنا لا يتأثر بهما الله، بل نحن نتأثر بهما، فالله أسمي من أن نصل إليه سواء بشرورنا أو ببرنا. والله كقاضٍ عادل يكافئ الأعمال البارة ويجازي علي الأعمال الشريرة. فالخطية عقوبتها فيها ومن يخطيء كمن يلعب بالنار والنار سوف تؤذيه. ومن يحيا في البر سيتمتع بحمآية وبركة الله. والله حين أعطي الوصايا للإنسان لم يكن يريد أن يتحكم فيه، بل كان يطلب الخير له.

    الأيات 9-13:- "من كثرة المظالم يصرخون يستغيثون من ذراع الاعزاء، ولم يقولوا اين الله صانعي مؤتي الاغاني في الليل، الذي يعلمنا اكثر من وحوش الارض ويجعلنا احكم من طيور السماء، ثم يصرخون من كبرياء الاشرار ولا يستجيب، ولكن الله لا يسمع كذبا والقدير لا ينظر اليه".

    كان أيوب قد قال إن المظلوم يصرخ والله لا يستجيب له. وأليهو هنا يقدم تفسير رائع لماذا لا يستجيب الله لصراخ بعض المظلومين. وربما يشرح معلمنا يعقوب نفس المنطق بقوله "تطلبون ولستم تأخذون لأنكم تطلبون ردياً يع 3:4. فأليهو يبرر الله في أنه لا يستجيب بأن الخطأ ليس في الله ولكن فيمن يصرخ. والسؤال الآن هل هناك صراخ بطريقة صحيحة، وصراخ آخر بطريقة خاطئة؟ وهنا نقول أن الله سمح بالألم لأن هناك خطية ما في هذا الشخص، يريد الله أن يتوب عنها فتكون له حياة، فإذا صرخ الخاطئ المتألم طالباً أن يرفع الله عنه التجربة دون أن يقدم توبة عن خطاياه، فالله لا يستجيب لأن الألم أو التجربة التي سمح بها الله لم تؤتي ثمارها بعد. وهذا ما قاله هوشع النبي 14:7 "ولا يصرخون إليَ بقلوبهم حينما يولولون علي مضاجعهم، يتجمعون لأجل القمح والخمر ويرتدون عني" أي هم يصرخون في المجاعة وحينما يتوفر لهم القمح والخمر يرجعون عن الله مرتدين كما قال أحدهم "صام وصلي لأمر ما، فلما إنقضي الأمر لا صام ولا صلي" فالله بحكمته طالما يري الإنسان مازال بعيداً غير تائب، لا يرفع الألم عنه حتي يتوب وإلا فماذا كانت فائدة التجربة. الله مستعد دائماً أن يسمع وينقذ، إذا كان المظلوم يصرخ في قلبه طالباً الله= أين الله صانعي. ولنلاحظ أن المظلوم لو عاد لله بقلبه وصلي بأمانة لوجد تعزية كافية حتي تُرفع الضيقة، والضيقة ترفع حين تؤتي ثمارها. فالتائب حين يذكر أن الله صانعه يذكر أن الله مسئول عنه، عينه عليه دائماً:-

    1- عينه عليه ليدبر أموره.. فيطمئن 2- عينه عليه يراه وهو يخطئ…. فيتوب.

    ولاحظ الصرخة التي يسمعها الله أين الله صانعي مؤتي الأغاني في الليل= في الترجمة اليسوعية "أين الله الذي صنعني الذي ينعم بالترنيم ليلاً"= أي وسط ليل ألامنا وأحزاننا، إلهنا قادر أن يعطي تعزيات سماوية فنسبحه بأغاني وتسبيح. والليل فيه إشارة للحزن والخوف والضيق. وفي وسط الضيقة الله قادر أن يعزي (أع 25:16) فأليهو يصور الله هنا أنه إله خير صنع الإنسان وأعطاه أن يفرح ويتعزي حتي في الضيقة.

    الذي يعلمنا أكثر من وحوش الأرض ويجعلنا أحكم…= الوحش أو الطير إذا تألم فهو يصرخ ويعوي ولكنه لا يقول "أين الله صانعي، ومن يصرخ بدون أن ينتبه لله صانعه، أي دون أن يقدم توبة يشابه صراخ الوحوش والطيور، ولكن الله أعطانا حكمة أكثر من كل الخليقة، وبهذه الحكمة يجب أن ندرك أن الله صانع خيرات ولا يمكن أن يسمح بألم أو ضيقة إلا لو كان بعدها بركة وخير. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). لذلك فمن له هذه الحكمة فليصرخ لله تائباً، مسبحاً وشاكراً. وهذه هي الصرخة المقبولة. ومهما صرخ المظلوم من كبرياء الأشرار دون أن يكون تائباً فالله لا يستجيب هذا مفهوم آية (13). فالله لا يسمع كذباً= الله لن يستجيب لصراخ غير التائب الذي يصرخ لرفع التجربة دون توبة.

    الأيات 14-16:- "فاذا قلت انك لست تراه فالدعوى قدامه فاصبر له، واما الان فلان غضبه لا يطالب ولا يبالي بكثرة الزلات، فغر ايوب فاه بالباطل وكبر الكلام بلا معرفة".

    بعد هذا الدرس من أليهو، يوجه أليهو الكلام لأيوب مقدماً له نصيحة ذهبية= فأصبر له= وعلي كل من يصلي أن لا ييأس من رحمة الله بل بصبر ينتظر يوم يرفع عنه هذه التجربة. وأليهو هنا يوبخ أيوب علي قوله أنه لا يري عدل الله= إنك لست تراه= هنا أيوب قد تسرع فعدل الله يأتي ولكن علينا أن نصبر فالله ليس متسرعاً كالبشر بل هو طويل الأناه، وهو وحده الذي يعرف الوقت المناسب لرفع التجربة. وطول أناة الله ليست فقط في طول المدة التي بعدها ترفع التجربة، بل أيضاً تظهر طول أناة الله في أنه إحتمل الكلام الصعب الذي قاله أيوب= فلأن غضبه لا يطالب بينما لو كان الله متسرعاً كما يطلب البشر لجازي أيوب وعاقبه عقاباً شديداً علي كل ما تفوه به. وكثيراً ما نطالب الله في أن يجازي ويعاقب من سبب لنا ألماً وظلماً، علي أن يكون هذا علي وجه السرعة. ولكن هل بنفس السرعة سنقبل أن يعاقبنا الله لو أخطأنا في حق الأخرين. يجب أن نعلم أن الله ليس كالبشر. ولكن أيوب إستغل طول أناة الله وأنه لم يعاقبه فتطاول عليه وتكلم كلاماً صعباً= فغر أيوب فاه بالباطل. وكبَر الكلام= قال كلاماً صعباً بلا معرفة.



    harvy
    harvy
    مدير عام
    مدير عام


    عدد الرسائل : 559
    عارضة الطاقة :
    تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Left_bar_bleue75 / 10075 / 100تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/11/2008

    كتاب رد: تفسير سفر أيوب الجزء الثانى

    مُساهمة من طرف harvy الأحد مايو 22, 2011 5:30 pm

    الأصحاح السادس والثلاثون







    1
    وعاد أليهو فقال


    2
    اصبر علي قليلا،
    فأبدي لك أنه بعد لأجل الله كلام


    3
    أحمل معرفتي من بعيد
    ، وأنسب برا لصانعي


    4
    حقا لا يكذب كلامي.
    صحيح المعرفة عندك


    5
    هوذا الله عزيز،
    ولكنه لا يرذل أحدا. عزيز قدرة القلب


    6
    لا يحيي الشرير، بل
    يجري قضاء البائسين


    7
    لا يحول عينيه عن
    البار، بل مع الملوك يجلسهم على الكرسي أبدا، فيرتفعون


    8
    إن أوثقوا بالقيود،
    إن أخذوا في حبالة الذل


    9
    فيظهر لهم أفعالهم
    ومعاصيهم، لأنهم تجبروا


    10
    ويفتح آذانهم
    للإنذار، ويأمر بأن يرجعوا عن الإثم


    11
    إن سمعوا وأطاعوا
    قضوا أيامهم بالخير وسنيهم بالنعم


    12
    وإن لم يسمعوا،
    فبحربة الموت يزولون، ويموتون بعدم المعرفة


    13
    أما فجار القلب
    فيذخرون غضبا. لا يستغيثون إذا هو قيدهم


    14
    تموت نفسهم في الصبا
    وحياتهم بين المأبونين


    15
    ينجي البائس في ذله
    ، ويفتح آذانهم في الضيق


    16
    وأيضا يقودك من وجه
    الضيق إلى رحب لا حصر فيه، ويملأ مؤونة مائدتك دهنا


    17
    حجة الشرير أكملت،
    فالحجة والقضاء يمسكانك


    18
    عند غضبه لعله يقودك
    بصفقة. فكثرة الفدية لا تفكك


    19
    هل يعتبر غناك ؟ لا
    التبر ولا جميع قوى الثروة


    20
    لا تشتاق إلى الليل
    الذي يرفع شعوبا من مواضعهم


    21
    احذر. لا تلتفت إلى
    الإثم لأنك اخترت هذا على الذل


    22
    هوذا الله يتعالى
    بقدرته. من مثله معلما


    23
    من فرض عليه طريقه،
    أو من يقول له: قد فعلت شرا


    24
    اذكر أن تعظم عمله
    الذي يغني به الناس


    25
    كل إنسان يبصر به.
    الناس ينظرونه من بعيد


    26
    هوذا الله عظيم ولا
    نعرفه وعدد سنيه لا يفحص


    27
    لأنه يجذب قطار
    الماء. تسح مطرا من ضبابها


    28
    الذي تهطله السحب
    وتقطره على أناس كثيرين


    29
    فهل يعلل أحد عن شق
    الغيم أو قصيف مظلته


    30
    هوذا بسط نوره على
    نفسه، ثم يتغطى بأصول اليم


    31
    لأنه بهذه يدين
    الشعوب، ويرزق القوت بكثرة


    32
    يغطي كفيه بالنور،
    ويأمره على العدو


    33
    يخبر به رعده،
    المواشي أيضا بصعوده




    harvy
    harvy
    مدير عام
    مدير عام


    عدد الرسائل : 559
    عارضة الطاقة :
    تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Left_bar_bleue75 / 10075 / 100تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/11/2008

    كتاب رد: تفسير سفر أيوب الجزء الثانى

    مُساهمة من طرف harvy الأحد مايو 22, 2011 5:36 pm

    تفسير الأصحاح السادس والثلاثون




    إتهم الأصحاب أيوب بأنه شرير، وبسبب شروره أصابه الله بما أصابه، وطالت فترة آلامه لأنه مصر علي شره، لا يريد أن يتوب عنه. ورفض أيوب كلامهم. أما أليهو الحكيم، فلم يتهم أيوب بتهمة تخيلها هو، بل لامه بشدة علي الأقوال الصعبة التي قالها عن الله، وشرح له أن آلامه هي للتأديب، وأن آلامه طالت لأنه يصرخ ويصرخ دون أن يتواضع بين يدي الله، وكان دليله أنه لم يتواضع هو أقواله الصعبة، لذلك دعاه أليهو للتواضع بين يدي الله، وهنا يضرب أليهو أمثلة عن عظمة الله وقدرته غير المتناهية، وعظمته الظاهرة في جميع أعماله وفي خليقته، ليحثه علي أن يتواضع أمام الله القدير. كأنه يقول له أنظر علي من تكلمت هذا الكلام الصعب، وهل كان هذا يليق؟!!

    الأيات 2-4:- "اصبر علي قليلا فابدي لك انه بعد لاجل الله كلام، احمل معرفتي من بعيد وانسب برا لصانعي، حقا لا يكذب كلامي صحيح المعرفة عندك". 

     لأجل الله كلام= (في الترجمة الإنجليزية) بالنيابة عن الله، هو يريد أن يدافع عن الله ضد أي كلام خاطئ قيل عنه. أحمل معرفتي من بعيد= كلمة بعيد قد تعني:-

    1. أن أليهو علي إستعداد لبذل أقصي جهده ليصل إلي أعماق الحقيقة، ومهما كلفه هذا من وقت وعناء، سيحاول أن يصل إلي أي مكان يمكن أن يجد فيه إثبات لبر الله، أو أمثلة علي بر الله. وأنسب براً لصانعي. 

    2. أن أليهو لن يناقش الأمور السطحية بل سيناقش أساس المشكلة التي بين أيوب وبين الله، وسيدخل إلي أعماق الموضوع ليثبت بر الله. وعموماً فالحقائق الروحية هي بعيدة عن تفكير الإنسان السطحي العادي. 

    حقاً لا يكذب كلامي= لن أكذب حتي أثبت بر الله، ولن ألجأ لقصص ملفقة كاذبة. فالله لا يحتاج أن نبرره بمخترعاتنا، بل الحقيقة وحدها كافية للشهادة له. صحيح المعرفة عندك= ها أنا أقول لك يا أيوب المعلومات الصحيحة، فأنا لا أبحث سوي عن الحقيقة ولذلك إسمعني. فأنا أختلف في الرأي عن أصحابك الذين أثاروك. 

    الأيات 5-15:- "هوذا الله عزيز ولكنه لا يرذل احدا عزيز قدرة القلب، لا يحيي الشرير بل يجري قضاء البائسين، لا يحول عينيه عن البار بل مع الملوك يجلسهم على الكرسي ابدا فيرتفعون، ان اوثقوا بالقيود ان اخذوا في حبالة الذل، فيظهر لهم افعالهم ومعاصيهم لانهم تجبروا، ويفتح اذانهم للانذار ويامر بان يرجعوا عن الاثم، ان سمعوا واطاعوا قضوا ايامهم بالخير وسنيهم بالنعم، وان لم يسمعوا فبحربة الموت يزولون ويموتون بعدم المعرفة، اما فجار القلب فيذخرون غضبا لا يستغيثون اذا هو قيدهم، تموت نفسهم في الصبا وحياتهم بين المابونين. ، ينجي البائس في ذله ويفتح اذانهم في الضيق". 

     تبدأ من هنا شهادة أليهو عن الله. هوذا الله عزيز= كلمة عزيز تترجم عظيم أو قدير. فهو قادر علي كل شئ. ومع كل عظمته= لا يرذل أحداً. الإنسان قد يرذل أخيه الإنسان أما الله فلا يرذل أحداً. مهما كان صغيراً أو حقيراً هو "الناظر إلي المتواضعات… القداس الباسيلي" ولأن الله لا يرذل أحداً فهو حاكم عادل وقاض منصف، لا ينسب إليه ظلم، وأيوب إتهم الله بأنه تركه لأنه مخلوق صغير ولكنها تهمة باطلة، فالله لا يجد غضاضة في أن يهتم بأقل المخلوقات. وهذا لأن الله غير متناهي لكن قدرته غير متناهية، فلن يقلل من شأنه أن يهتم بالصغير. بل أن الإنسان كلما إزداد صلاحه يهتم بالصغار فكم وكم الله. ولكن الله يفيض من نعمه علي الأمناء له. عزيز قدرة القلب= أي الفهم والحكمة. فالإنسان لو رذل أحداً يكون هذا لأنه ذا قدرات محدودة ولا يعرف قلوب من أمامه، أما الله فيعرف كل شيء 

    والآية (5) رد علي قول أيوب في "7:19 + 13:23"

    وفي (6) لا يحيي الشرير= قال أيوب في "7:21 لماذا تحيا الأشرار ويشيخون "وهنا يرد أليهو أن الله لا يحيي الشرير لأنه غير مهتم بشروره أو هو موافق علي شروره. بل 

    1. ربما في طول أناته يعطي له فرصة التوبة  

    2. يستغل شره في تأديب أولاده

    3. إذا حفظ الله حياة شرير فإن يذخرها ليوم الغضب رو 5:2. 

     فأليهو إعترض علي فكر أيوب، بل أكد أن الله ينصف البائس= يجري قضاء البائسين= وينقذهم من أيدي الذين ظلموهم، بل هو يقضي علي الظالمين. 

    وفي (7) لا يحول عينيه عن البار= هذه مثل عيني عليك من أول السنة إلي آخرها. مع الملوك يجلسهم= (مثل يوسف ودانيال وداود..). بل سيجلس الله قديسيه مع ملائكته في الأعالي. 

    في الأيات (8-10) نجد هنا رأي أليهو أنه مختلف عن رأي الأصحاب، فهنا يشرح أليهو أن الله قد يسمح بالآلام للأبرار. ومن عينات الآلام أن يوثقوا بالقيود أو أخذوا في حبالة الذل (وهذا حدث مع بولس/ بطرس/ يوسف…) ومثال واضح الأن أنت يا أيوب. لكن إذا سمح الله بالألم للأبرار فهو لتنقيتهم من خطيئة لا يعرف البار عنها شيئاً وقد تكون سبباً في هلاكه دون أن يعلم= فيظهر لهم أفعالهم ومعاصيهم. فمهما كان الإنسان باراً فهو عرضة للخطية ومحتاج للتأديب. والقيود والذل كنآية عن الضيق عموماً. رؤ 19:3 والله يظهر لهم معاصيهم ليتوبوا عنها. ولكن ألا توجد طريقة أخري يتوب بها البار غير الضيق؟‍!‍من المؤكد أنه لو وجدت طريقة أخري لما لجأ الله لأي طريق مؤلم. ومن المؤكد أن الله إستخدم وسائل متعددة مع هذا البار الخاطئ ولكنه لم يقبل أن يسمع، ربما كان في كبريائه يظن أنه فوق مستوي الخطية لذلك قال لأنهم تجبروا وكلمة تجبروا معناها سلكوا بكبر وعجب. والألم يهيئ أذن المتألم ليسمع صوت الله. 

    في الأيات (12، 11) لو إستجاب الخاطئ لصوت الله ترفع عنه التأديبات ويعود لسابق حالته وسعادته ويقضوا سنيهم بالنعم= هذا لو إستمروا في حالة التوبة التي بدأوها وهم تحت عصا التأديب. وإن لم يسمع الخاطئ يساق للهلاك= حربة الموت. بعدم المعرفة= الأشرار بإرادتهم يظلوا في حالة جهل وعدم معرفة، عميان روحياً، فهم لم ينتبهوا إلي تأديب الله. عموماً الله لا يسر بموت الخاطئ بل بأن يرجع ويحيا مز 23:18. 

    وفي (14، 13) فجار القلب= يقصد المرائين الذين شرهم داخل قلبهم، يمكنهم خداع البشر، أما الله فلا يخدع. فيذخرون غضباً= الله يخزن لهم شرورهم ليوم الغضب رو 5:2. هؤلاء الفجار لا يستغيثون إذا قيدهم= لا يرفعون قلوبهم بالتوبة إلي الله ويصلوا ويقدموا توبة، بل يتقسى قلبهم في عناد. لذلك تموت نفسهم في الصبا= يموتون فجأة في شبابهم، ويهلكوا ونصيبهم الجحيم. وحياتهم بين المأبونين= المأبونين هم رجال كرسوا أنفسهم لممارسة الشذوذ الجنسي في هياكل الأوثان. فالشرير الذي يتقسى قلبه أمام الله ينضم إلي هذه الجماعة (خطية سدوم وعمورة) وخطيتهم أبشع خطية في نظر الله إستوجبت حريق سدوم وعمورة وإنقلابهما. 

    وفي (15) أما البائس البار الذي دعا الله ففي ضيقته يفتح الله أذنه= ليسمع صوت الله ويفهم معني التجربة ويسمع تعزية الله. وبعد ذلك يعود لسابق إزدهاره= ينجي البائس

    الأيات 16-21:- "و ايضا يقودك من وجه الضيق إلى رحب لا حصر فيه ويملا مؤونة مائدتك دهنا، حجة الشرير اكملت فالحجة والقضاء يمسكانك، عند غضبه لعله يقودك بصفقة فكثرة الفدية لا تفكك، هل يعتبر غناك لا التبر ولا جميع قوى الثروة، لا تشتاق إلى الليل الذي يرفع شعوبا من مواضعهم، احذر لا تلتفت إلى الاثم لانك اخترت هذا على الذل". 

     أليهو يدعو أيوب أن يتواضع بين يدي الله فيعود لما كان عليه= إلي رحب أي يخلصك من ألامك ويعيد لك ثروتك ومائدتك تمتلئ بأفخر الطعام= تملأ مائدتك دهناً. وفي (17) حجة الشرير أكملت فالحجة والقضاء يمسكانك= مترجمة في الإنجليزية أنت مملوء من القضاء الذي علي الأشرار، ولذلك سيلحقك القضاء والعدل. أما في ترجمة اليسوعيين "ولكن إذا إستوفيت دعوي النفاق فالدعوي والقضاء يمسكانك" ويصير المعني لو إستمريت يا أيوب في مسلكك بلا توبة فأنت في طريق الأشرار ولسوف تدان معهم. وفي (18) تحذير لأيوب بأنه لو إستمر في طريق الأشرار فالله سيضربه ضربة شديدة= لعله يقودك بصفقة= صفقة تعني ضربة شديدة. ولن ينفعك أحد، ولن يفديك شيء من يدي الله= كثرة الفدية لا تفكك= مهما كان لك من مال لن ينفعك، أو ربما يتصور أيوب أن ما كان له من آلام قد يفديه من غضب الله.. لا شيء سوي التوبة هي التي تنجي. لا تشتاق إلي الليل= لاتشتاق إلي الموت ليخلصك، والموت معبر عنه هنا بالليل. وأيوب طالما تكلم عن الموت كنهآية لآلامه. وأليهو ينبه أن الموت لن يحل مشكلته فهناك دينونة، فلا تتعجل المثول أمام كرسي الله. 

    وفي (21) الذل= المقصود به آلام أيوب. وهنا أليهو يحذر أيوب من أن يختار طريق الشجار مع الله وتبرير نفسه عن الخضوع لتأديب الله. إحذر لأنك إخترت هذا = أي إخترت الإثم والشجار مع الله... وفي هذا هلاكك.. علي الذل= أي إحتمال الألم بصبر. أليهو هنا يؤنب أيوب علي عدم إحتماله، وخضوعه بين يدي الله بتواضع. 

    الأيات 22-33:- "هوذا الله يتعالى بقدرته من مثله معلما، من فرض عليه طريقه او من يقول له قد فعلت شرا، اذكر ان تعظم عمله الذي يغني به الناس، كل انسان يبصر به الناس ينظرونه من بعيد، هوذا الله عظيم ولا نعرفه وعدد سنيه لا يفحص، لانه يجذب قطار الماء تسح مطرا من ضبابها، الذي تهطله السحب وتقطره على اناس كثيرين، فهل يعلل احد عن شق الغيم أو قصيف مظلته، هوذا بسط نوره على نفسه ثم يتغطى باصول اليم، لانه بهذه يدين الشعوب ويرزق القوت بكثرة، يغطي كفيه بالنور ويامره على العدو، يخبر به رعده المواشي ايضا بصعوده". 

    هي شهادة لعظمة الله. فهل مع كل قدرته وعظمته نجادله نحن الضعفاء. أليهو يحاول أن يرسم لأيوب صورة يشهد فيها عن عظمة الله ليقنعه بالخضوع بفرح لمشئيته تعالي. من مثله= هو يعرف جميع الأشياء وجميع الناس ويعرف أحسن الطرق وأنسبها لتعليم كل شخص= من مثله معلماً= فهناك من يفيض عليه بمراحمه لأنه يجده في إحتياج إليها، وهناك من يؤدبه ليرتدع، والله وحده يعلم الأسلوب الذي يناسب كل شخص وهو وحده مصدر كل نور ومعرفة وتعليم ويحب البشر محبة خالصة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وتعليم الله يكون بالإقناع للعقل والقلب، وأمام إمكانيات الله اللانهائية فليخف كل إنسان من أن يملي علي الله طريقة التصرف فهو يتعالي بقدرته. وفي (25، 24) أذكر أن تعظم عمله الذي يغني به الناس= المقصود أن خلقة الله عظيمة وعجيبة وكلها حكمة ومقدرة عجيبة وكلها صلاح ومحبة للبشر، وكل أعماله ظاهرة أمام أعيننا. وأينما نظرنا نجد أننا بسهولة نعاين إصبع الله ظاهراً في خلقة السماء والأرض رو 20:1 + مز 3:19. وكل من يشعر بعمل الله يسبحه علي عمله= يغني به. الناس ينظرونه من بعيد= نحن ندرك الله من أعماله ولكنه بعيد عن أن ندركه إدراكاً كاملاً ونلاحظ أعمال الله العظيمة، الخلق والعنآية بخليقته ثم الفداء، وكل إنسان يبصر عمل الله، ولكننا لا نستطيع أن ندرك الله نفسه، فمن أعماله ندركه كأننا ننظر من بعيد 

    وفي (26) الله غير مفحوص ولا نهائي، عظيم ومكتفي بنفسه بل يكفي كل الخليقة، نحن نعرف أنه هو كائن ولكن لا نعرف ما هو وكيف هو، نعرف عنه جزئياً ولا يمكننا أن نعرفه بالتمام. لذلك فمن المستحيل أن نسأله علي كل تصرف له، ومن الخطأ أن ننسب له خطأ في أعماله. فنحن أمام إله أزلي أبدي= عدد سنيه لا يفحص

    وفي (28، 27):- أليهو طلب من أيوب في 5:35 أن ينظر إلي السماء. وهنا يشرح له ما سوف يراه لو نظر من أعمال تمجد الله. فالله يجذب قطار الماء= قطار أي قطرات. والقدماء لم يفهموا أمر تحويل الماء إلي بخار وصعوده إلي الجو وصنعه السحب بل ظنوا أن الأوقيانوس(البحر المحيط بالأرض) تعود إليه كل مياه الأنهار والأمطار وبسواقي تحت الأرض تعود للسحاب، ثم تهطل مطراً علي الأرض فتتجمع في الأنهار والأنهار تصب في البحار، ومن البحار للأوقيانوس ومنه إلي السحاب عن طريق السواقي وهلم جرا. وهكذا شرح الأمر في الترجوم العبراني، وهكذا ذكره سليمان في جا 7:1 وهكذا صوروه شعراء اليونان واللاتين. وتقطره علي أناس كثيرين المطر هو عطية الله الصالحة، التي تنزل من فوق من عند أبي الأنوار، فالله مصدر كل الخيرات(مت 45:5) ولكل الناس. ولاحظ أن قوله تقطره عكس ما قيل في تك 11:7 أن الله يفتح كوي السماء. فالمطر حين ينزل كقطرات يكون له فائدة للبشر فهو يتوزع توزيعاً جيداً، أما لو إنفتحت كوي السماء فهي تدمر الأرض. فقوله تقطر هو إعلان عن مراحم الله من نحو البشر. وسؤال أليهو هل تفهم يا أيوب كيف يحدث كل هذا؟ وفي (29) هل يستطيع أحد أن يفسر إنتشار السحاب كستارة فوق الأرض أو كمظلة. فإذا لم نستطع تفسير ما نراه كل يوم، فهل نطالب الله بتفسير كل تصرف تجاهنا، وهل نطالبه بتقديم تبرير لكل شئ. شق الغيم= بواسطة البرق. قصيف مظلته= صوت الرعد حين يقصف. فهل عند أيوب تبرير للبرق والرعد. 

    وفي (30) هوذا بسط نور علي نفسه ثم يتغطي بأصول اليم= الله منير ونوره عجيب لا نقدر أن نراه، وهو مستتر علينا حتي لا يقتلنا إشراقه وضياؤه. وهو يستتر بالسحاب الذي تكون من الماء الصاعد للسماء من البحر= أصول اليم= الماء الذي أصله من اليم أي البحر. التصوير هنا يرسم صورة السحاب الذي يغطي نور الشمس فلا تحرق حرارتها البشر. وأليهو يتصور أن شيئاً مثل هذا يحجب نور الله حتي لا يموت البشر. وهذا صحيح تماماً لذلك حجبت سحابة السيد المسيح في صعوده، لأنه في صعوده إستعاد صورة مجده، وصار وجهه يلمع كالشمس وهي تضئ في قوتها رؤ 16:1

    وفي (31) لأنه بهذه يدين الشعوب= الله يعاقب الشعوب بأن يفتح كوي السماء، وبأن تزداد الأمطار جداً فتأتي الفيضانات الكاسحة. أو يمنع المطر فيحدث الجفاف والجوع وهو لو سمح بنزول المطر علي هيئة قطرات= يرزق القوت بكثرة. والمطر في يده فهو ضابط الكل. وفي (32) يغطي كفيه بالنور= كأن الله أمسك بالبروق في يديه كسهام يضرب بها أعداؤه. فالصواعق تقتل الناس. وفي (33) يخبر به رعده= حتي المواشي تفهم أن صوت الرعد مقدمة للمطر فتبحث عن ملجأ. المواشي أيضاً بصعوده= صوت الرعد ينبئ بحدوث العاصفة المطيرة، وحتي المواشي تفهم إذا كان صوت الرعد عالياً مخيفاً فهناك عاصفة مطيرة مرعبة. وفي هذه الحالة يكون صوت الرعد إشارة لغضب الله. ومما يخجل أن الحيوانات تفهم الإنذارات مثل الرعد وتفهم أن هناك عاصفة، بينما الإنسان يسمع صوت غضب الله ولا يفهم أن هناك ضربات قادمة (لو 54:12-57).



    harvy
    harvy
    مدير عام
    مدير عام


    عدد الرسائل : 559
    عارضة الطاقة :
    تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Left_bar_bleue75 / 10075 / 100تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/11/2008

    كتاب رد: تفسير سفر أيوب الجزء الثانى

    مُساهمة من طرف harvy الأربعاء يونيو 01, 2011 6:27 am


    الأصحاح السابع والثلاثون







    1
    فلهذا اضطرب قلبي
    وخفق من موضعه


    2
    اسمعوا سماعا رعد
    صوته والرمزمة الخارجة من فيه


    3
    تحت كل السماوات
    يطلقها، كذا نوره إلى أكناف الأرض


    4
    بعد يزمجر صوت،
    يرعد بصوت جلاله، ولا يؤخرها إذ سمع صوته


    5
    الله يرعد بصوته
    عجبا. يصنع عظائم لا ندركها


    6
    لأنه يقول للثلج:
    اسقط على الأرض. كذا لوابل المطر، وابل أمطار عزه


    7
    يختم على يد كل
    إنسان، ليعلم كل الناس خالقهم


    8
    فتدخل الحيوانات
    المآوي، وتستقر في أوجرتها


    9
    من الجنوب تأتي
    الأعصار، ومن الشمال البرد


    10
    من نسمة الله يجعل
    الجمد، وتتضيق سعة المياه


    11
    أيضا بري يطرح الغيم
    . يبدد سحاب نوره


    12
    فهي مدورة متقلبة
    بإدارته، لتفعل كل ما يأمر به على وجه الأرض المسكونة


    13
    سواء كان للتأديب أو
    لأرضه أو للرحمة يرسلها


    14
    انصت إلى هذا يا
    أيوب، وقف وتأمل بعجائب الله


    15
    أتدرك انتباه الله
    إليها، أو إضاءة نور سحابه


    16
    أتدرك موازنة السحاب
    ، معجزات الكامل المعارف


    17
    كيف تسخن ثيابك إذا
    سكنت الأرض من ريح الجنوب


    18
    هل صفحت معه الجلد
    الممكن كالمرآة المسبوكة


    19
    علمنا ما نقول له.
    إننا لا نحسن الكلام بسبب الظلمة


    20
    هل يقص عليه كلامي
    إذا تكلمت ؟ هل ينطق الإنسان لكي يبتلع


    21
    والآن لا يرى النور
    الباهر الذي هو في الجلد، ثم تعبر الريح فتنقيه



    22
    من الشمال يأتي ذهب
    . عند الله جلال مرهب


    23
    القدير لا ندركه.
    عظيم القوة والحق، وكثير البر. لا يجاوب


    24
    لذلك فلتخفه الناس.
    كل حكيم القلب لا يراعي




    harvy
    harvy
    مدير عام
    مدير عام


    عدد الرسائل : 559
    عارضة الطاقة :
    تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Left_bar_bleue75 / 10075 / 100تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/11/2008

    كتاب رد: تفسير سفر أيوب الجزء الثانى

    مُساهمة من طرف harvy الأربعاء يونيو 01, 2011 6:29 am



    تفسير الأصحاح السابع والثلاثون







    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    يستمر هنا أليهو في وصف عظائم الله في خلقه للطبيعة، فيري يد الله في الرعد
    والبرق(1-5) وفي الثلج والمطر والريح (6-13). وتحدي أيوب أن يجد تفسيراً
    لكل ما يراه.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    الأيات 1-5:- "فلهذا اضطرب قلبي وخفق من موضعه، اسمعوا سماعا رعد صوته
    والزمزمة الخارجة من فيه، تحت كل السماوات يطلقها كذا نوره إلى اكناف
    الارض، بعد يزمجر صوت يرعد بصوت جلاله ولا يؤخرها اذ سمع صوته، الله يرعد
    بصوته عجبا يصنع عظائم لا ندركها".

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    أليهو
    أنهي الإصحاح السابق بقوله أن حتي الماشية تخاف من صوت الرعد وتفهم أن هناك
    عاصفة مطيرة قادمة. وهنا يقول فلهذا إضطرب قلبي= فربما هو شعر أن
    غضب الله آت بسبب تعديات أيوب في أقواله علي الله. فالله لا يبقي نفسه بلا
    شاهد. ومن خلال الطبيعة فالبرق والرعد الذين يرعبون الناس هما شاهدان لله،
    وعلامة لقدرته ومجده. فكما أن المطر والزرع يشهدان لصلاح الله فالبرق
    والرعد يشهدان لجبروته وأنه إله جبار قادر أن يخيف ويرعب أعدائه (ومن الذي
    لا يخاف من صوت الرعد ومن البرق الذي يقتل
    بصواعقه، وهذا نموذج بسيط لما يمكن أن يفعله الله بالعالم الخاطئ، والأشرار
    لهم هذه العلامات مرعبة، ويقال أن الإمبرطور الروماني كاليجولا كان يحتمي
    تحت السرير أو في أي ركن إذا سمع الرعد) والله قادر دائماً أن يرعب
    الأشرار.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    ولكن غالباً حين بدأ أليهو أقواله عن الرعد كان السحاب قد تجمع بصورة عجيبة
    وبدأت البروق والرعود، فأشار أليهو لما يسمعه الجميع ويرونه كدليل علي عظمة
    الله، وغالباً كان يشير في هذه الأيات لعاصفة رعدية كانت قد بدأت فعلاً،
    لأنه بعد أن أنهي أليهو كلامه في هذا الإصحاح تكلم الله من العاصفة (1:38)
    وأليهو إضطرب قلبه لأنه تصور إن كان صوت الرعد مخيفاً هكذا فكم بالأولي صوت
    الله. وربما من صوت الرعد إضطرب قلبه ولكن غالباً هو كان قد بدأ يشعر بأن
    قوة غريبة تسيطر علي المكان، وهذا صحيح تماماً فالله تكلم بعد دقائق فعلاً.
    ولكن صوت الرعود والبروق هو فقط مجرد علامات مقدمة تسبق كلام الله كما حدث
    علي جبل سيناء ثم مع إيليا، ولكن الله حين يتكلم، يتكلم في صوت هادئ،
    والبروق والرعود مقدمة لمجيئه، يلقيان الخشية
    والرهبة في قلوب السامعين ليكونوا مستعدين لسماع صوت الله. وعموماً فمن لا
    يري يد الله الصالحة في أعماله فيؤمن ويتوب يري بروقه فيرتعب، ومن لا يسمع
    صوت الله الخفيض داخله يسمع صوت الرعد فيرتعد.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    والزمزمة الخارجة من فيه
    =
    الرعد يسمي صوت الله مز 3:29. كذا نوره= البرق
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    أكناف الأرض= أطرافها وأقاصيها. بعد يزمجر صوت= هذه تفهم
    أنه بعد البرق يزمجر صوت الرعد. فالصوت أبطأ من الضوء. ولا
    يؤخرها=
    أي الأمطار وهذا هو التسلسل الطبيعي برق فرعد فأمطار. وقد يفهم
    من قوله بعد يزمجر صوت أنه بعد هذه العلامات من الرعود والبروق فالله نفسه
    سيتكلم. وقوله في (5) لا ندركها= أي أننا لا ندرك كل أسرار الطبيعة
    من حولنا، ولا كل حكمة الله فيها.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    الأيات 6-8:- "لانه يقول للثلج اسقط على الارض كذا لوابل المطر وابل
    أمطار
    عزه، يختم على يد كل انسان ليعلم كل الناس خالقهم، فتدخل الحيوانات الماوي
    وتستقر في اوجرتها".

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    لأنه يقول للثلج=

    أليهو وكل الموجودين من العرب الذين يسكنون مناطق ساخنة، وهؤلاء يندهشون
    إذا رأوا الثلج. ويندهشون كيف أن السماء تمطر ماءً وبعد ذلك تمطر ثلجاً،
    ويرون من وراء هذا كله يد الله. الوابل= المطر الشديد. يختم علي
    يد كل
    إنسان= مع تساقط الثلوج أو المياه الغزيرة من الوابل لا

    يذهب الإنسان إلي عمله، بل يحتمي في منزله، فكون الإنسان لا تمتد يده
    للعمل
    كأن الله ختم علي يده بواسطة أعماله في الطبيعة (الوابل والثلج) فيتعلم
    الإنسان أن رزقه ليس بيده، فالله حين يريد أن الإنسان يعمل يهيئ له الجو،
    بصمة الله وختمه واضحان في رزق الإنسان. بل حتي الحيوانات التي يستخدمها
    الإنسان في عمله تهرب وتختبئ في أوجرتها.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    الأيات 9-13:- "من الجنوب تاتي الاعصار ومن الشمال البرد، من نسمة الله
    يجعل الجمد وتتضيق سعة المياه، ايضا بري يطرح الغيم يبدد سحاب نوره، فهي
    مدورة متقلبة بادارته لتفعل كل ما يامر به على وجه الارض المسكونة، سواء
    كان للتاديب أو لأرضه أو للرحمة يرسلها".

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    في (9) من الجنوب تأتي الأعصار=الجنوب مصدر الرياح الساخنة ومن
    الشمال
    = الشمال مصدر الرياح الشمالية الباردة. من نسمة الله يجعل
    الجمد
    نسمة الله هي إما الرياح الشمالية الباردة التي تجمد الأنهار
    والبحيرات أو هي إشارة لكلمة قدرته التي إذا شاءت تجمد الماء. والتفسير الأول
    متمشى
    مع فكر أليهو فكما أن الرعد يشير به لصوت الله فالريح يشير إليها أنها نسمة
    الله. وتتضيق سعة المياه= في اليسوعية "تتخثر سطوح المياه" أي مع
    مجئ البَرْدْ يبدأ الماء السائل يأخذ أشكال ثلجية جامدة وسط المياه، كما
    يتخثر الجبن وسط اللبن. وفي الترجمة الإنجليزية "والمياة العريضة الواسعة
    تتجمد" بمعني أن الأنهار أو البحيرات الواسعة التي كانت تتحرك بحرية وتفيض
    تتوقف عن سيرها وحركتها.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    أيضا برىٍ يطرح الغيم=

    في اليسوعية "ثم إنه يشحن السحاب بالندي" ونفس الترجمة في الإنجليزية.
    فالله يشحن السحاب بالندي ليعيده السحاب للأرض يرويها. يبدد سحاب نوره=
    في اليسوعية "يشق الغمام بنوره" إذا فهمناها هكذا يكون الكلام عن البرق،
    وفي الإنجليزية "يشتت السحب المنيرة" وفي هذا تتفق ترجمتنا العربية مع
    الإنجليزية، ويصبح المعني، أن هناك سحاب خفيف منير لا يحمل مطراً، وهذا
    النوع ينقشع دون أن يمطر. [ففي آية (12) نجد نوعين من السحاب، السحاب
    المشبع بالمطر وهو سحاب كثيف مظلم، والسحاب الخفيف المنير وهذا غير ممطر]
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    والآية برىٍ يطرح الغيم= تشير للسحاب الممطر الذي شحنه الله مطراً
    ثم بدأ يمطر علي الأرض ليرويها وهو يظل يمطر حتي آخر قطرة فيه، فأصل كلمة
    يطرح أنها تظل تقطر حتي تتعب وذلك لتعطي للإنسان ما يروي أرضه به. والمعني
    من هذا كله أن في يد الله أن يحدد نوع السحاب، فإما يكون سحاب مفيداً
    للإنسان يروي أرضه، أو مجرد سحاب منير ينقشع دون أن يرزق الإنسان بالمطر.

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    فهي مدورة متقلبة=

    أي السحب هي بيد الله يدورها وينقلها من مكان لآخر كما يشاء وهو يرسلها
    أحياناً للتأديب(13) أو لأرضه (لريها). أو للرحمة= للرزق.
    والفرق بين قوله لأرضه وقوله للرحمة:- أن في قوله لأرض يشير لسقوط المطر في
    مواعيده حسب ما تعود الإنسان وكقطرات وليس كسيل مدمر. وفي قوله للرحمة
    يشير لعودة المطر بعد أن كان الله قد أمر بقطعه للتأديب.

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    الأيات 14-20:- "انصت إلى هذا يا ايوب وقف وتامل بعجائب الله، اتدرك انتباه
    الله اليها أو اضاءة نور سحابه، اتدرك موازنة السحاب معجزات الكامل
    المعارف، كيف تسخن ثيابك اذا سكنت الارض من ريح الجنوب، هل صفحت معه الجلد
    الممكن كالمراة المسبوكة، علمنا ما نقول له اننا لا نحسن الكلام بسبب
    الظلمة، هل يقص عليه كلامي اذا تكلمت هل ينطق الانسان لكي يبتلع
    ".

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    ما زال أليهو في خطته أن يذكر أيوب بأعمال الله العجيبة، ليعلم أيوب ضعفه
    وجهله فيسلم لله ويخضع. وهنا يضع أليهو أمام أيوب بعض الأمور في الطبيعة
    التي لا يستطيع أيوب أن يفهمها، ولا أن يسيطر عليها، ولا يتوقع المستقبل
    بالنسبة لها. ففي (14) قف وتأمل= إعط نفسك فرصة للتأمل في أعمال
    الله. والكتاب المقدس يدعونا في مناسبات عديدة إلي أن نقف ونتأمل عمل الله
    في خليقته لنري عظمة الله وعنايته ورعايته لخليقته. فسليمان طلب دراسة
    النمل والمسيح قال أنظروا لزنابق الحقل وأشعياء طلب أن ينظروا للسموات يتعرفوا
    من خلق كل هذا
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    وفي (15) أتدرك إنتباه الله إليها=

    أي هل تفهم كيف يصرف الله أمورها وكيف هي مضبوطة بأعمال عنايته. أو
    إضاءة نور سحابه=
    قد يكون البرق أو قوس قزح. وفي (16) أتدرك موازنة
    السحاب
    = (راجع 8:26) الله
    يُصِر مياه الأمطار الغزيرة في سحبه، والتصوير هنا بمعني أن السحاب كنسيج
    رقيق من الحرير ومع هذا لا يتمزق. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في

    موقع الأنبا تكلا
    في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى).

    وقد تعني موازنة السحاب كيف يقف وسط السماء
    معلقاً بمياهه ومتزناً ولا يسقط بفعل الجاذبية الأرضية، وكيف تنهمر المياه
    منه كقطرات ولا تندفع مرة واحدة. وفي (17) كيف تسخن ثيابك= كيف تسخن
    ثيابك من رياح الجنوب الساخنة التي تندفع بعد إنتهاء موسم الشتاء بأمطاره.
    أي كيف تفسر تغير درجات الحرارة علي التوالي. وفي (18) المرآة المسبوكة=
    كانت المرايا قديماً تصنع من النحاس المصقول صنعة سباكة، أي بصهره وتشكيله.
    والتشبيه هنا هل كنت مع الله حين أسس السماء وصنعها فكانت كالمرأة المسبوكة
    جمالاً. والمرآة نري فيها وجوهنا ولكن مرآة السماء نري فيها نقاء وعظمة
    ولمعان العالم العلوي ومجد ساكنيه. ونلاحظ أن الجلد الصافي أي منظر السماء
    بنجومها حين لا يكون هناك سحاب يكون كمنظر قبة عظيمة راكزة علي أطراف
    الأرض. وفي (19) الظلمة هي ظلمة عقول الناس وقلة معرفتهم بأمور الله،
    وأليهو هنا يقول أنا عاجز ولا أفهم فهل تساعدني يا أيوب، يقول هذا في
    سخرية، بمعني إن كنت قد وجدت نفسك كفؤاً أن تجادل الله
    وتنسب له ظلماً وتنسب له أخطاء فعلمنا ماذا نقول. ولذلك فحينما نتكلم عن
    الله ينبغي أن نتكلم بتواضع شديد وبخجل فهل نحن نحسب
    أنفسنا عارفين شيئاً. نحن أجهل من أن نصف الله أو نتكلم عنه.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    وفي (20) أليهو في تواضع حقيقي يقول أنه خائف مما تكلم به عن الله، خائف أن
    يكون قد أخطأ فيبتلعه الله بسبب جهله وأخطاؤه. وهو ليس خائفاً من القضية
    التي يناقشها وهي بر الله، لكنه خائف أو خجل من الطريقة التي عالجها بها
    فهو يري نفسه أنه أحقر من أن يدافع عن الله. هل ينطق الإنسان لكي يبتلع=
    إذا تكلم أحد عن الله بكبرياء وغرور يبتلعه غضب الله أي يفنيه. بل حتي لو
    تكلم حسناً سوف لا يجد نفسه أمام عظمة ومجد جلال الله وغموض معرفته عنه.
    وربما بهذا أراد أليهو أن يوبخ أيوب إذ طلب أن يبسط دعواه أمام الله 3:13 +
    3:23، 4.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    الأيات 21-24:- "و الان لا يرى النور الباهر الذي هو في الجلد ثم تعبر
    الريح فتنقيه، من الشمال ياتي ذهب عند الله جلال مرهب، القدير لا ندركه
    عظيم القوة والحق وكثير البر لا يجاوب، لذلك فلتخفه الناس كل حكيم القلب لا
    يراعي".

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    في (21) رجاء حلو معزي. فبعد السحاب الذي يحجب نور الشمس، تهب الريح
    فتنقشع السحب ويظهر النور. وفي هذا عزاء لأيوب فالسحب التي تحجب نور الشمس
    رمز للضيقات التي حلت به فلم يري مراحم الله، ولكن كما ذكر الله نوحاً تك
    1:8 فأجاز ريحاً لتهدأ المياه، فأليهو رأي في هذه الرياح دليل علي عودة
    إحسانات الله لأيوب بعد ان مرت عليه فترة كان لا يري فيها مراحم الله.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    وفي (22) من الشمال يأتي ذهب=

    الذهب هو نور الشمس الذهبي، وقيل أنه من الشمال لأن الريح التي تطرد السحاب
    هي ريح شمالية، وتأتي لتنقي الجلد، أم 23:25. وهنا إحساس بأن مراحم الله
    قريبة وسوف تشرق علي أيوب كما تشرق الشمس. ونلاحظ أن الذهب يرمز للسماويات،
    فإحسانات الله الأتية من السماء لابد وأن تأتي علي التائبين كما تشرق الشمس
    من خلف الغيمة
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    وفي (23) القدير لا ندركه
    =
    يجب علي البشر أن لا يحكموا علي تصرفات الله بل يخافوه ويسلموا له أمورهم
    في خضوع، وهو لا يجاوَب، لأنهم لا يقدرون أن يفهموا كل ما يعمله، وليس لهم
    أن يحكموا فيما لا يعلمونه= لذلكفلتخفه الناس (24). كل حكيم
    القلب لا يراعي
    المقصود بحكيم القلب هو الحكيم في عيني نفسه، أي
    المتكبر، هذا لن يخاف ولن يعرف كيف يقترب من الله، فطريق الإقتراب لله هو
    الخشوع والمهابة والتواضع فالله يستجيب صلاة المتواضعين ولا يهتم بإعتراض
    المتكبرين ولن يغير خططه بسبب إعتراض هؤلاء الحكماء المتكبرين. وجاءت الآية
    في ترجمة اليسوعيين "فلذلك يرهبه الأنام وكل حكيم القلب لا يدركه".

    harvy
    harvy
    مدير عام
    مدير عام


    عدد الرسائل : 559
    عارضة الطاقة :
    تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Left_bar_bleue75 / 10075 / 100تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/11/2008

    كتاب رد: تفسير سفر أيوب الجزء الثانى

    مُساهمة من طرف harvy الأربعاء يونيو 01, 2011 6:31 am



    الأصحاح الثامن والثلاثون








    1
    فأجاب الرب أيوب من
    العاصفة وقال


    2
    من هذا الذي يظلم
    القضاء بكلام بلا معرفة


    3
    اشدد الآن حقويك
    كرجل، فإني أسألك فتعلمني


    4
    أين كنت حين أسست
    الأرض ؟ أخبر إن كان عندك فهم


    5
    من وضع قياسها ؟
    لأنك تعلم أو من مد عليها مطمارا


    6
    على أي شيء قرت
    قواعدها ؟ أو من وضع حجر زاويتها


    7
    عندما ترنمت كواكب
    الصبح معا، وهتف جميع بني الله


    8
    ومن حجز البحر
    بمصاريع حين اندفق فخرج من الرحم


    9
    إذ جعلت السحاب
    لباسه، والضباب قماطه


    10
    وجزمت عليه حدي،
    وأقمت له مغاليق ومصاريع


    11
    وقلت: إلى هنا تأتي
    ولا تتعدى، وهنا تتخم كبرياء لججك


    12
    هل في أيامك أمرت
    الصبح ؟ هل عرفت الفجر موضعه


    13
    ليمسك بأكناف الأرض
    ، فينفض الأشرار منها


    14
    تتحول كطين الخاتم،
    وتقف كأنها لابسة


    15
    ويمنع عن الأشرار
    نورهم، وتنكسر الذراع المرتفعة


    16
    هل انتهيت إلى
    ينابيع البحر، أو في مقصورة الغمر تمشيت


    17
    هل انكشفت لك أبواب
    الموت، أو عاينت أبواب ظل الموت


    18
    هل أدركت عرض الأرض
    ؟ أخبر إن عرفته كله


    19
    أين الطريق إلى حيث
    يسكن النور ؟ والظلمة أين مقامها


    20
    حتى تأخذها إلى
    تخومها وتعرف سبل بيتها


    21
    تعلم، لأنك حينئذ
    كنت قد ولدت، وعدد أيامك كثير


    22
    أدخلت إلى خزائن
    الثلج، أم أبصرت مخازن البرد


    23
    التي أبقيتها لوقت
    الضر، ليوم القتال والحرب


    24
    في أي طريق يتوزع
    النور، وتتفرق الشرقية على الأرض


    25
    من فرع قنوات للهطل
    ، وطريقا للصواعق


    26
    ليمطر على أرض حيث
    لا إنسان، على قفر لا أحد فيه


    27
    ليروي البلقع
    والخلاء وينبت مخرج العشب


    28
    هل للمطر أب ؟ ومن
    ولد مآجل الطل


    29
    من بطن من خرج الجمد
    ؟ صقيع السماء، من ولده


    30
    كحجر صارت المياه.
    اختبأت. وتلكد وجه الغمر


    31
    هل تربط أنت عقد
    الثريا، أو تفك ربط الجبار


    32
    أتخرج المنازل في
    أوقاتها وتهدي النعش مع بناته


    33
    هل عرفت سنن
    السماوات، أو جعلت تسلطها على الأرض


    34
    أترفع صوتك إلى
    السحب فيغطيك فيض المياه


    35
    أترسل البروق فتذهب
    وتقول لك: ها نحن


    36
    من وضع في الطخاء
    حكمة، أو من أظهر في الشهب فطنة


    37
    من يحصي الغيوم
    بالحكمة، ومن يسكب أزقاق السماوات


    38
    إذ ينسبك التراب
    سبكا ويتلاصق المدر


    39
    أتصطاد للبوة فريسة
    ، أم تشبع نفس الأشبال


    40
    حين تجرمز في عريسها
    وتجلس في عيصها للكمون


    41
    من يهيئ للغراب صيده
    ، إذ تنعب فراخه إلى الله، وتتردد لعدم القوت



    harvy
    harvy
    مدير عام
    مدير عام


    عدد الرسائل : 559
    عارضة الطاقة :
    تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Left_bar_bleue75 / 10075 / 100تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/11/2008

    كتاب رد: تفسير سفر أيوب الجزء الثانى

    مُساهمة من طرف harvy الأربعاء يونيو 01, 2011 6:32 am



    تفسير الأصحاح الثامن والثلاثون






    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    الله يتكلم=


    في معظم المجادلات ينتصر أحد المتنازعين وتكون له الكلمة الأخيرة. والنزاع
    هنا كان أولاً بين أيوب وأصدقائه، وتنازل الأصدقاء وتركوا الحلبة لأيوب
    وحده، إلي أن دخل أليهو فإنسحب أيوب. وكان أليهو خادماً للرب يهيئ الطريق
    أمامه، مثل يوحنا المعمدان قبل المسيح، وهذا لأن المناقشة إنتهت بتدخل الله
    شخصياً. وكان كلام الله لأيوب أنك لا تعرف كذا وكذا.. من الأمور الطبيعية
    التي تجري أمام عينيك كل يوم، فكيف تجرؤ أن تناقش الله في أحكامه. والله
    هنا يلجأ لأمثلة من الطبيعة التي يراها كل إنسان، وعلي كل إنسان أن يري
    الله فيها، فلم يكن هناك كتاب مقدس يكلم الله البشر به، فخاطبهم بما
    يفهمونه ويرونه. وهكذا كان السيد المسيح يكلم الناس بأمثال مما يرونه في
    حياتهم (الزارع والصياد... الخ). والله بدأ هنا بذكر المخلوقات التي بلا
    روح كالأرض والبحر والنور والمطر والأجرام الفلكية (1:38-38) ثم إنتقل لما
    له روح كالوعول والفرا والثور الوحشي... الخ. ووبخ أيوب علي جسارته فإنه
    كان قد نسب الظلم إلي الله (6:16-17 + 7:19-12). فقال له الله "هل يخاصم
    القدير موبخه أم المحاج الله يجاوبه (2:40). وقال أيضاً لعلك تناقض حكمي.
    تستذنبني لكي تتبرر أنت. فأظهر له الله أن الإنسان

    لا
    يقدر أن يدبر العالم ولا يليق به أن يجعل نفسه في مكان الخالق.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    وربما وجد العلم الحديث إجابات بعض الأسئلة التي وردت هنا، وإكتشف العلماء
    بعض القوانين الطبيعية التي تحكم حركة الأجسام والكواكب مثل قوانين
    الجاذبية والطرد الذاتي وقوانين القوة... الخ. ولكن من كان وراء هذه
    القوانين ومن الذي وضعها ومن الذي يضمن لها أن تنفذ؟ الله وحده. فهو الذي
    يدبر ويضبط الطبيعة ويهتم بها ويظهر أنه يطعم الحيوانات فكم وكم بالأولي
    يهتم ويشفق علي الإنسان الذي يحبه، وهو خلقه لأنه يحبه وليظهر له أعمال
    محبته، ثم لم تظهر محبته كما ظهرت في الصليب. فإذا كان الله يحب الإنسان
    فكيف يسمح بأذيته وضرره. وهذا الكلام موجه لأيوب الذي يحتج علي أحكام الله
    بل إعتبرها موجهة ضده.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    وهكذا شرح المسيح أنه إن كان الله يهتم بزنابق الحقل وطيور السماء فبالأولي
    يهتم بالإنسان. ونلاحظ هنا أن الله لم يشرح لأيوب لماذا سمح له بهذه الآلام
    بل لقد إستخدم الله معه طريقة جميلة. هنا يضع الله في قلب أيوب الثقة فيه.
    الله يضع في قلب أيوب الثقة بعدالة حكم الله وحكمته ومحبته حتي للحيوانات،
    هو أتي بأيوب وجهاً لوجه أمام إمكانياته فظهر لأيوب عجزه، وأمام عجزه وأمام
    قوة الله التي رآها ووثق فيها إرتمي أيوب في أحضان الله طالباً حمايته.

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    وهكذا بالنسبة لكل إنسان يعترض علي أحكام الله كما إعترض أيوب، عليه أن لا
    يطلب تفسيراً لما يحدث له بل يطلب الثقة والإيمان بالله والشعور بمحبته.
    ولو شعرنا بمحبة الله سنقول مع بولس الرسول "من يفصلني عن محبة المسيح أشدة
    أم ضيق أم.... رو 35:8. وذلك لأن بولس شعر أولاً بأن محبة المسيح تحصره.

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    آية 1:- "فاجاب الرب ايوب من العاصفة وقال
    ".

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    فأجاب الرب أيوب من العاصفة=

    عادة تسبق الرعود والبروق والزلازل والنار والسحاب الثقيل كلام الرب
    للإنسان، أو ظهور مجد الرب للبشر (خر 16:19-18 + مز 9:8-13 + 1مل

    19: 12، 11)
    وهذا ما حدث في سيناء مع موسي ثم مع إيليا ولكن حين يتكلم الرب يتكلم بصوت
    منخفض خفيف يصل للقلب. وكان أيوب قد طلب أن يتناقش مع الله "ليرفع عني عصاه
    ولا يبغتني رعبه" ولكن الله لم يستجب له في ذلك، وكانت العاصفة المرعبة
    أولاً ليرعبه، وذلك لتوبيخه أولاً علي جسارته، ثم ليضعه في موقف الخاشع
    أمام مجد الله، ومن هذا الموقف يمكنه أن يستفيد من الكلام الذي سيسمعه من
    الله، ويدخل صوت الله المنخفض الخفيف إلي قلبه، حينئذ تزول الشكوك وتُحَلْ
    مشاكل الذي يسمع. والله يقصد أن يرعب السامع أولاً إن كان في موقف كبرياء
    وتعالي، فالكبرياء تضع حاجزاً بيننا وبين الله. وبعد ذلك يصل كلام الله
    لأيوب فيصرخ مع أرمياء "أقنعتني يا رب فإقتنعت... وحين إقتنع أيوب صرخ
    قائلاً أخطات..

    توبنى يارب فأتوب بعمل روحك القدوس داخلى الذي يقنعنى بأن أتوب.

    فلن يندم إنسان ويتوب إن لم يعمل الله في داخله ويبكته علي خطيته ويقنعه أن
    يتوب عنها، بشرط أن لا يقاوم الإنسان عمل روح الله فيه بل يتجاوب معه. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في

    موقع الأنبا تكلا
    في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى).


    أما
    خدام الله فمثل أليهو عملهم التمهيد لعمل الله في الداخل. وسيسمع صوت الله
    ويتوب كل من يريد حقاً مثلما كان أيوب هنا في حالة إستعداد. والله تكلم ثم
    عاد الروح القدس ليوحي ويملي علي كاتب سفر أيوب ما قاله الله ليسجل في
    الكتاب المقدس. فالروح القدس يذكرنا ويعلمنا ولنعلم أن الكتاب كله موحي به
    من الله 2تي 16:3 + 2بط 21:1.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    آية 2:- "من هذا الذي يظلم القضاء بكلام بلا معرفة".

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    من هذا الذي يُظْلِم القضاء=

    يظلم أي يحيط الأحكام بظلمة ويجعلها تبدو كما لو كان خاطئة، أحكام الله
    منيرة ولكن الإنسان في جهله وظلمته يبدو له أنها غير ذلك، أو هو بأرائه
    الإنسانية وحكمته البشرية الخاطئة يصدر ضد أحكام الله أراء خاطئة ظالمة
    مظلمة تجعل الصورة الظاهرة للبشر لأحكام الله أن هذه الأحكام فيها ظلمة
    وليست كلها نيرة. وهذا الكلام يشير لأيوب الذي نسب الظلم لقضاء الله
    وتكلم بلا معرفة
    أي بجهل وكبرياء. منهذا= من هذا
    الإنسان الضعيف الذي يجسر أن يوجه إلي القدير الظلم؟! هل هو أيوب الذي نسبت
    له الكمال فيتهمني هو بالظلم، هل وصل أيوب إلي أن يقف في موقف الأشرار، هل
    هذا أيوب الذي كان كاملاً. وكانت هذه الكلمة هي التي أثرت في قلب أيوب
    وقادته للتوبة فعاد وكررها في 3:42. وقرر أنه كان غبياً بلا معرفة حين نسب
    الظلم لقضاء الله.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    آية 3:- "اشدد الان حقويك كرجل فاني اسالك فتعلمني".

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    أشدد الأن حقويك كرجل
    =
    أي تشدد لأنني سوف أسالك عدة أسئلة، حاول أن تجاوب عنها لو كنت تقدر، قبل
    أن أجاوب أنا أسئلتك، وهنا يرد الله علي قول أيوب ادع فأنا أجيب 22:13.
    بمعني أنا مستعد يارب أن أجيب علي أي سؤال لك، وطبعاً أيوب كان يقصد بهذا
    أنه مستعد أن يجاوب عن أي إتهام قد يوجهه الله وذلك ليبرر نفسه، ولكن الله
    كما قلنا لم يسلك طريق الحوار العادي، يوجه لأيوب تهمة وينتظر تبريره أو
    دفاعه عن نفسه، ثم يشرح له لماذا فعل ما فعل، هذه الطريقة في الحوار طريقة
    بشرية تصلح للحوار بين إنسان ومثيله الإنسان، ولكن الله كما قلنا إستخدم
    طريقة أخري هي وضع الثقة في قلب أيوب من نحو الله، وبعد أن يثق أيوب
    فليتصرف الله كيفما شاء. لأنه حتي لو حاول الله أن يدين أيوب في أي تصرف
    لحاول أيوب أن يبرر نفسه وهذا ما فعله مع أصحابه، وهَبْ أن أيوب
    إقتنع بأنه أخطأ فهل كان سيقتنع بالتأديب، فأي إنسان يرفض أن يتألم، وهَبْ
    أن أيوب إقتنع بأن الله يجب أن يؤدبه فهل هو يعرف طريقة التأديب لذلك لا
    يدخل الله في المناقشة مع أولاده لأنهم لن يعرفوا أين هو الصالح لهم وعليهم
    فقط أن يثقوا فيه.وايضا ان كان الله قد جاوب ايوب وشرح له كيف اخطأ وكيف
    يعالجه الله ليشفيه ، كان علي الله ان يجاوب كل منا لو تساءلنا لماذا وكيف
    . لكن طريقة الله هنا ان يظهر لايوب ولنا مقدار عظمته وامكانياته ، فان كان
    الله لم يخطئ في كل هذا فهل اخطأ معي؟!
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    وكلمة رجل هنا تعني رجل مقاتل وهي تهكم، فهو تصور أنه في صراع مع
    الله. ولنري طريقة الله في الحوار مع أيوب وكيف أثمرت، فأيوب المقاتل
    بعد أن إنتهي الله من كلامه نجده وقد تواضع وإعترف بأنه لا شيء وإزداد كماله
    في نظر الله. فتعلمني= هي سخرية من أيوب، فهل يقدر الإنسان أن يعلم
    الله، وبالتالي لا حق للإنسان أن يعترض علي الله أو علي ما يعمله، وأن لا
    يشكك في عدله وحكمته لذلك يتحدي الله أيوب أن يظهر حكمته ليبرر تساؤلاته عن
    الحكمة الإلهية التي كان يشكك في عدالتها. والله لن يتأثر جلاله لو إعترضنا
    علي حكمته، وهو لن يزيد مجداً لو نسبنا إليه الحكمة في تصرفاته، ولكن الله
    يهتم جداً بأن نسبحه ونمجده وأن نتصالح معه ليس من أجله هو ولكن لصالحنا
    نحن، ولقد رأينا أيوب وهو في حالة صراع مع الله كيف كان هو نفسه ممزقاً
    متألماً، وكيف إنتهت مشاكله حين تصالح مع الله، ولهذا أتي المسيح.

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    الأيات 4-7:- "اين كنت حين اسست الارض اخبر ان كان عندك فهم، من وضع قياسها
    لانك تعلم أو من مد عليها مطمارا، على اي شيء قرت قواعدها أو من وضع حجر
    زاويتها، عندما ترنمت كواكب الصبح معا وهتف جميع بني الله".


    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    سؤال الله الأول عن الأرض ليدعو أيوب للتواضع، فها هو يحيا علي الأرض
    ويراها كل يوم، فهل هو يا تري يفهم أسرار خلقة الأرض، هل كان مع الله حين
    أسسها أو هو أشار علي الله كيف يؤسسها، هل تعلم يا أيوب كيف وضعت قياسات
    الأرض ثم يضع الله عدة تشبيهات للشرح. فصوَر الله تأسيس الأرض كمن يبني
    بيتاً فهو أولاً يضع القياسات والرسومات ثم يبدأ في البناء والبنائين
    يستعملون المطمار ليكون البناء مستوياً رأسياً حتي لا يسقط (المطمار
    خيط به ثقل يتدلي لأسفل).
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    ثم ليشير لثبات الأرض وأنها لا تسقط من الفضاء يقول أن لها قواعد ثابتة
    عليها ولها حجر زاوية في بنائها، فهي متماسكة ثابتة، وبالتالي يستحيل أن
    يكون كل هذا قد تم بالمصادفة. وكان عمل الله في خلقته كاملاً. وفرح
    الملائكة= كواكب الصبح= بما عمل الله، فرنموا تسبيحاً للخالق،
    والنور عموماً هو صفة لله، والملائكة هم أول خليقة الله أبو الأنوار
    وأورشليم السمائية لن يكون فيها مساء

    رؤ25:21،
    5:22. وهم بني الله
    لأنهم يحملون صورته، ويخدمون الله كما يخدم الإنسان أباه. ونري هنا الله
    الممجد في خليقته أي الملائكة فعمل الله وخلقته تستوجب منا أن نسبحه عليها،
    وهذا معني قولنا في التسبحة "سبحي الرب يا كل الجبال والبحار... ألخ أي
    هذه الخليقة تشهد بعظمة الله التي يجب أن نسبحه عليها.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    الأيات 8-11:- "و من حجز البحر بمصاريع حين اندفق فخرج من الرحم، اذ جعلت
    السحاب لباسه والضباب قماطه، وجزمت عليه حدي واقمت له مغاليق ومصاريع، وقلت
    الى هنا تاتي ولا تتعدى وهنا تتخم كبرياء لججك".

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    سؤال الله الثاني لأيوب عن البحر، وهو يراه أمامه ويتعامل معه يومياً
    ولكنه أبعد نسبياً من الأرض، فهو لا يستطيع أن يصل إلي أعماقه. وخلق البحر
    هنا تشبه بولادة طفل لباسه السحاب وقماطه الضباب. وهنا إشارة إلي
    خلقة الله في اليوم الثالث تك 9:1 حين جمع الله المياه، فأطاعت كما لو كانت
    طفل صغير مولود. والضباب مترجمة
    الظلام

    الكثيف في الإنجليزية. وكما أن
    الطفل نغطيه بلباس وقماط فالبحر مغطي من أعلي بالسحاب والضباب الكثيف. وكما
    يعد الوالدين سريراً (مهداً) لينام فيه المولود الجديد، أعد الله منخفضات
    كافية في القشرة الأرضية بقدر مياه البحار والمحيطات، لينام فيها البحر
    ومياهه في هدوء، ولكل منا قبل أن يخلقه الله مكاناً يأوي إليه. ولكن هذا
    الطفل طفل جبار فحينما تصدمه الرياح يثور، وثورته هذه تخيف الإنسان وكم
    دمرت ثورته مدناً ساحلية، والأن عرف الإنسان بعض المعرفة عن القوي التي
    تؤثر

    في
    البحر (حركة الشمس والقمر وعلاقتها بالمد والجذر، والرياح والعواصف...


    )
    لكن هل يستطيع الإنسان أن يتحكم في مياه البحر ويمنع هياجها، أما الله فهو
    القادر أن يسيطر عليها= جزمت عليه حدي= أي فرضت عليه حكمي، فالله
    ألزمه بحدود ومغاليقومصاريع، فلا يقدر أن يتجاوز الحد الذي
    وضعه الله له. وهذه اليد الرحيمة التي تحدد حدوداً للبحر فلا يتجاوزها هي
    يد الله التي تعتني بالإنسان حتي لا يغرق. ولنتأمل مع أيوب فالبحر المرعب
    بأمواجه وظلامه ما هو إلا طفل في يد الله قادر أن يسكته وقتما يريد.

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;direction:rtl;unicode-bidi:
    embed">

    الأيات 12-15:- "هل في ايامك امرت الصبح هل عرفت الفجر موضعه، ليمسك باكناف
    الارض فينفض الاشرار منها، تتحول كطين الخاتم وتقف كانها لابسة، ويمنع عن
    الاشرار نورهم وتنكسر الذراع المرتفعة".

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;direction:rtl;unicode-bidi:
    embed">
    السؤال الثالث الموجه من الله لأيوب عن شروق النور علي الأرض. ها أنت يا
    أيوب تفرح بشروق الشمس يومياً حين يخرج نورها، لكنك أنت لا تستطيع أن تحدد
    ميعاد الشروق أو تتحكم فيه فهو ثابت ومحدد قبل أن تخلق أنت= هل في أيامك
    أمرت الصبح=
    أي هل بدأ النور يشرق صباحاً في أيامك أنت ولأجلك أنت فقط
    أو بأمر منك. ولقد سبق وقال أيوب في 13:24-17 أن الأشرار يخشون النور، وهنا
    يسأله الله هل لك فضل في شروق
    النور ليسدي خدمة للبشر بإبتعاد الأشرار= فَيُنفَض الأشرار منها.
    لكن الله هو الذي يرسل النور فينفضح الأشرار ويدانون. ويمنع عن الأشرار
    نورهم=
    فنور الأشرار هو
    الظلام

    ففيه يعملون أعمالهم الشريرة، فهم
    يختفوا نهاراً ويعملون ليلاً. وبالتالي فالنور هو علامة قدرة الله ورحمته
    بل هو صفة من صفاته، وهذا عكس الأشرار الذين يسلكون في الظلمة فيكون النور
    هو علامة أيضاً لقضاء الله العادل الذي يفضح شر الأشرار. وينفض الأشرارمنها كما ينفض أحداً بعض التراب من علي ثوب. وتنكسر الذراع
    المرتفعة
    = أي يفقدوا قوتهم وتفسد تخطيطاتهم وحريتهم وربما حياتهم،
    وتنكسر ذراعهم التي إرتفعت علي الله أو علي شعبه فلا تعود لهم قوة أن
    يصنعوا شرورهم. وحين يظهر النور يبدأ شكل الجبال والأراضي والبحار... الخ
    في الظهور. فحين يكون
    الظلام

    سائداً والأرض غارقة في بحر الظلمة لا يكون
    لها شكل وحين يبدأ النور في الظهور يبدأ يكون لها شكل بجبالها ومياهها
    وألوانها. وهنا تشبيه لطيف بأن الأرض قبل أن يشرق عليها النور كانت كأنها
    طين بلا شكل، وحين أشرق عليها النور كأنها ختمت بخاتم شكل هذا

    الطين

    وأعطاه
    شكلاً هو شكل الخاتم، وكأن الأرض لبست هذا الثوب النوراني. وما أجمل هذه
    الصورة هنا فالمسيح حين أشرق بنوره (هو شمس البر) كسر ذراع الشيطان وفضح
    عمله وختم المسيح فينا صورته في قلوبنا (مل 2:4، 3 +

    حز
    21:30، 22+ كو 15:2 + غل 19:4 + لو 78:1 + لو 51:1 + 2كو 6:4)
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    آية 16:- "هل انتهيت إلى ينابيع البحر أو في مقصورة الغمر تمشيت".

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    السؤال التالي
    لأيوب. هل وصلت إلي أعماق البحر وعرفت من أين ينبع البحر. هل عرفت كيف
    يمتلئ البحر، وكيف يصب النهر في البحر ولا يفرغ. أو في مقصورة الغمر
    تمشيت=
    المقصورة هي الدار المحصنة أو المكان الخاص الذي في الدار ولا
    يدخله سوي صاحبه. ومعني الكلمة الأصلية ما لا يفحص، والمعني هل تعرف جميع
    أسرار قاع المحيط مز 19:77. فهل من لا يدرك أسرار البحر سيدرك عمق
    مشورة الله.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    آية 17:- "هل انكشفت لك ابواب الموت أو عاينت ابواب ظل الموت".

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    السؤال
    التالي عن أبواب الموت= فالموت سر عظيم، ونحن لا ندري كيف أو متي
    نموت. ولا يمكننا وصفه أو كيف ينحل الرباط بين الروح والجسد. والقدماء
    تصوروا مكاناً للموت تحت أعماق البحر والأرض لا يعرفه أحد من الناس وقالوا
    لم يرجع أحد من الأموات ليخبرنا عن طريق باب الموت.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    آية 18:- "هل ادركت عرض الارض اخبر ان عرفته كله".

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    والسؤال
    التالي
    عن الأرض، وكأن الله يقول له لا داعي أن أسألك
    عن الموت الذي لم تختبره فأنا سأسألك عن الأرض التي تعيش عليها. هل تستطيع
    أن تعرف أبعادها، وفي أيام أيوب لم يكن أحد قد دار حول الأرض، والقدماء
    تصوروا أن الأرض منبسطة وليست كرة ولا يستطيع أحداً أن يصل إلي أبعادها.

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    الأيات 19-24:- "اين الطريق إلى حيث يسكن النور والظلمة اين مقامها،
    حتى تاخذها إلى تخومها وتعرف سبل بيتها، تعلم لانك حينئذ كنت قد ولدت وعدد
    ايامك كثير، ادخلت إلى خزائن الثلج ام ابصرت مخازن البرد، التي ابقيتها
    لوقت الضر ليوم القتال والحرب، في اي طريق يتوزع النور وتتفرق الشرقية على
    الارض".

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    نجد الله هنا يسأل أيوب عدة أسئلة محيرة له. هل تعرف كيف خلق النور، حين
    كانت الظلمة سائدة ثم بسط الله نوره علي الأرض، هل كنت هناك يا أيوب لتشترك
    مع الله في خلقة النور، أو هل تعرف كيف يتوزع النور علي
    الأرض
    . وربما يتوزع النور بمعني أن يتحلل لألوان الطيف السبعة.
    والإحتمال الأكبر، أن ما كان يحير القدماء، كيف أن النور يبزغ فجأة وفي
    لحظات تنير الأرض كلها. ورسموا صورة لهذا:- أن نور الصباح يمتطي أجنحة
    الريح الشرقية ليتوزع سريعاً علي كل الأرض (مز 9:139) والريح
    الشرقية
    سريعة جداً وقوية جداً فتنشر النور بسرعة وتشتت

    الظلام

    كما تصنع الريح
    الشرقية
    بالسحب فتنقشع. والريح الشرقية نسبة لشروق الشمس من الشرق. ولو عرفت أسرار
    النور هل تعرف طرقها وكيف يشرق النور، هل وصلت إلي منابع هذا النور حيثيسكن= حتي تجعله يخرج متي تريد أو يغرب النور وقتما تريد.
    والآية (21) سخرية من أيوب فهو لم يكن موجوداً وقتها.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    وفي (22، 23) هل تعرف كيف يتكون البَرَدْ والجليد، والله يستعملهم أحياناً
    ضد الأشرار. حدث هذا مع فرعون ومع يشوع وسيحدث في نهآية الأيام رؤ 7:8.
    وراجع يش 11:10 + مز 14:68 + خر 13:13= أبقيتها لوقتالضر ليوم
    القتال والحرب أدخلت إلي خزائن.. أو مخازن
    = فكأن الله يبقي حجارة
    البرد كأسلحة في مخازنها
    حتى يأتى يوم القتال ينفتح المخزن فجأة. الثلج

    Snow

    هو بخار ماء تجمد في السحاب قبل أن
    يتجمع كقطرات. والبرد هو تحول أولاً لقطرات ماء وتجمعت في السحب ثم تجمدت.

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    الأيات 25-28:- "من فرع قنوات للهطل وطريقا للصواعق، ليمطر على ارض حيث لا
    انسان على قفر لا احد فيه، ليروي البلقع والخلاء وينبت مخرج العشب، هل
    للمطر اب ومن ولد ماجل الطل".

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    السؤال هنا عن المطر. فهل لإنسان سلطان علي المطر، لينزله في المكان الذي
    يريده، فالله وحده له هذا السلطان، لينزل المطر بالكمية التي يحددها وفي
    المكان الذي يحدده. وكأن المطر ينزل من خلال قنوات حددها الله. والمطر قد
    يكون قطرات حتي لا تفسد الأرض،و قد يكون طوفاناً يغرق الأرض، والله وعد نوحاً
    بعدم تكراره وبهذا نفهم أن مفاتيح قنوات المطر في يدي الله. وفي يده أيضاً


    البروق
    والصواعق، لأن الله في يده مفاتيح المطر فهو لا ينسي الأراضي القفر والخلاء
    والصحاري فهناك مخلوقات تحيا فيها فالله لا يهتم فقط بالإنسان، بل بكل
    خليقته= ليمطر علي أرض حيث لا إنسان. والله هو مصدر المطر= هل
    للمطر أب
    = نعم فهو الله الذي يولده ويأتي به ويتحكم فيه، بل حتي في
    أصغر قطرات المطر أو الطل فهو يحكمها= المآجل. المآجل هي نقط الندي
    الصغيرة جداً.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    الأيات 29، 30:- "من بطن من خرج الجمد


    صقيع
    السماء

    من ولده، كحجر صارت
    المياه اختبات وتلكد وجه الغمر".

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    الله صاحب السلطان أن يجمد الماء. وربما تساءل الإنسان من أين جاء هذا
    الجليد= من بطن من خرجالجمد= ما هو مصدر هذه القدرة
    العظيمة.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    الأيات 31-33:- "هل تربط انت عقد الثريا أو تفك ربط الجبار، اتخرج
    المنازل في اوقاتها وتهدي النعش مع بناته، هل عرفت سنن السماوات أو جعلت
    تسلطها على الارض
    ".

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    السؤال الأن حول الكواكب. والنجوم تحت سيطرة الله وحده مز 4:147 + تك 14:1.
    وليس للإنسان سلطان علي تغيير شئ. الثريا= مجموعة من النجوم مرتبطة
    بعضها ببعض كعقد من الجواهر. والجبار= اسم برج تصوره القدماء كجبار
    مربوط.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    المنازل=

    مجموعة من الكواكب عبدها الوثنيين 2مل 5:23. النعش مع بناته= بنات
    نعش الكبري 7 كواكب منها أربعة علي شكل مربع فأسموها النعش. والثلاثة
    الباقين أسموها بنات نعش. وهناك مجموعة أخري أسموها بنات نعش الصغري. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في

    موقع الأنبا تكلا
    في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى).


    هل
    تعرف سنن السموات=
    ومهما عرف العلماء عن أسرار الكواكب فمعرفتهم لا شيء
    حتي اليوم. والله وحده وضع حركة الكواكب ويضبطها فتتسلط علي الأرض= أو
    جعلت تسلطها علي الأرض
    = فالشمس تحدد بحركتها مع الأرض الفصول (الربيع/
    الخريف/ الشتاء/ الصيف) والقمر يحدد المد والجذر. ويلاحظ أن الثريا تظهر في
    الربيع والجبار في أول الشتاء. وإنتهاء فصل الشتاء وقدوم الربيع صوروه كأنه
    ربط الجبار= تفك ربط الجبار. فهل تتحكم أنت في هذا يا أيوب (تك
    14:1-19). وربما قوله جعلت تسلطها علي الارض= تسلط الكواكب علي حركة
    الأرض، أن الكون كله مرتبط بقوانين حركة، وكل الكواكب تؤثر علي الأخرى.
    فحركة الأرض متأثرة بكواكب مجموعتنا الشمسية. ومجموعتنا
    الشمسية
    متأثرة بباقي كواكب مجرتنا. ومجرتنا متأثرة بباقي المجرات ووراء كل هذا
    ضابط الكل واضع قوانين الحركة لكل هذا.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    الأيات 34-38:- "اترفع صوتك إلى السحب فيغطيك فيض المياه، اترسل البروق
    فتذهب وتقول لك ها نحن، من وضع في الطخاء حكمة أو من اظهر في الشهب فطنة،
    من يحصي الغيوم بالحكمة ومن يسكب ازقاق السماوات، اذ ينسبك التراب سبكا
    ويتلاصق المدر".

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    الله يظهر للإنسان هنا ضعفه وعدم مقدرته علي التحكم في الطبيعة، فهو لا
    يستطيع أن يأمر المطر أن ينزل ليروي الأرض إن جفت. ولكن إن أردنا المطر
    فعلينا أن نرفع أصواتنا لله ونصلي فيعطي الله المطر، كما فعل إيليا وكما
    تفعل الكنيسة الأن إذ تصلي من أجل مياه الأنهار والزروع والرياح. ولكننا لا
    نستطيع أن نرفع أصواتنا بالأمر للمطر مباشرة فهو في يد الله لذلك لم ينزل
    المطر بصلوات كهنة البعل أيام إيليا فهم لم يرفعوا صلواتهم لله. الطخاء=
    السحاب المرتفع= أي الله بحكمته يضبط السحاب والشهب، فهو ليس فقط له
    السلطان عليها بل بحكمة يضبطها. وحكمة الله التي بها يضبط السحب تظهر في
    انه يقدر كمية الماء المنسكب من السحاب= من يحصي الغيوم بالحكمة=
    ليحدد كمية المطر. أزقاق السموات= الغيوم هنا مشبهة بأزقاق (جمع زق)
    ملآنة ماءً. المدر=

    الطين
    . فالله يسكب مياه المطر علي تراب الأرض
    فيتكون

    الطين

    وتصبح الأرض صالحة للزراعة. ودقائق التراب والرمل ومكونات
    التربة الأصلية تتجاذب وتلتصق كالمعدن المنصهر المنسكب وتصير مكونات التربة
    كلها متجانسة ذات كثافة واحدة ذائبة في كيان واحد. ثم تشرق الشمس عليها
    فتتجمد كما يتجمد المعدن المنصهر.




    الأيات 39-41:- "اتصطاد للبوة فريسة ام تشبع نفس الاشبال، حين
    تجرمز في
    عريسها وتجلس في عيصها للكمون، من يهيئ للغراب صيده اذ تنعب فراخه إلى الله
    وتتردد لعدم القوت".

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    إبتداء من هنا بالإضافة للإصحاح 39 كله يتكلم الله عن سلطانه وجودة مشوراته
    وصلاحه من نحو خليقته الحيوانية. أتصطاد للبوة فريسة= هل تستطيع أنت
    يا أيوب أن تطعم الحيوانات مثل الأسود وتهتم بالخليقة كلها. حين


    تجرمز

    في عريسها
    = جرمز
    الرجل= إنقبض... وإجتمع بعض إلي بعض. عريس=
    عرين الأسد= تربض في العرائن (حسب ترجمة اليسوعيين). وتجلس في عيصها
    للكمون
    = العيص هو الشجر الكثير الملتف. والمعني من يرزق هذه الحيوانات
    حين تكمن في وسط الأشجار، أو تربض في عرينها، ومن علمها أن تصنع هذا لتأكل
    وتعيش، ومن الذي يرزقها فلا تموت. من يهيئ للغراب صيده= إختار الله
    الغراب لأن الإنسان يحتقره ويكرهه، وإختار الأسد لأن الإنسان يخاف منه، بل
    لو وجده يقتله. وبينما لا أحد يهتم بهذه الحيوانات يهتم بها الله. تنعب
    فراخه
    = تنعق أي تمد عنقها وتصيح طالبة

    الطعام. ويظهر من حياة هذه
    الحيوانات والطيور صلاح الله الذي يحفظها ويطعمها لتبقي حية. والله يهتم
    بكل خليقته حتي المتوحش منها، وهو لم يتكلم عن الدواب والحملان لأن الإنسان
    يستخدمها ويطعمها لتخدمه. فالله أعطي لكل الحيوانات حكمة وغريزة بها تعيش.
    وإن كان الله يهتم بالحيوانات المتوحشة فهل لا يهتم بالإنسان. كلام الله في
    هذا الإصحاح هو دعوة لأيوب أن لا يثق في ذاته بل يثق في الله المحب لخليقته
    ويدبر كل أمورها بحكمة، هو دعوة للتواضع بين يدي الله.

    harvy
    harvy
    مدير عام
    مدير عام


    عدد الرسائل : 559
    عارضة الطاقة :
    تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Left_bar_bleue75 / 10075 / 100تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/11/2008

    كتاب رد: تفسير سفر أيوب الجزء الثانى

    مُساهمة من طرف harvy الأربعاء يونيو 01, 2011 6:34 am



    الأصحاح التاسع والثلاثون









    1
    أتعرف وقت ولادة
    وعول الصخور، أو تلاحظ مخاض الأيائل


    2
    أتحسب الشهور التي
    تكملها، أو تعلم ميقات ولادتهن


    3
    يبركن ويضعن أولادهن
    . يدفعن أوجاعهن


    4
    تبلغ أولادهن. تربو
    في البرية. تخرج ولا تعود إليهن


    5
    من سرح الفراء حرا،
    ومن فك ربط حمار الوحش


    6
    الذي جعلت البرية
    بيته والسباخ مسكنه


    7
    يضحك على جمهور
    القرية. لا يسمع زجر السائق


    8
    دائرة الجبال مرعاه
    ، وعلى كل خضرة يفتش


    9
    أيرضى الثور الوحشي
    أن يخدمك، أم يبيت عند معلفك


    10
    أتربط الثور الوحشي
    برباطه في التلم، أم يمهد الأودية وراءك


    11
    أتثق به لأن قوته
    عظيمة، أو تترك له تعبك


    12
    أتأتمنه أنه يأتي
    بزرعك ويجمع إلى بيدرك


    13
    جناح النعامة يرفرف
    . أفهو منكب رؤوف، أم ريش


    14
    لأنها تترك بيضها
    وتحميه في التراب


    15
    وتنسى أن الرجل
    تضغطه، أو حيوان البر يدوسه


    16
    تقسو على أولادها
    كأنها ليست لها. باطل تعبها بلا أسف


    17
    لأن الله قد أنساها
    الحكمة، ولم يقسم لها فهما


    18
    عندما تحوذ نفسها
    إلى العلاء، تضحك على الفرس وعلى راكبه


    19
    هل أنت تعطي الفرس
    قوته وتكسو عنقه عرفا


    20
    أتوثبه كجرادة ؟ نفخ
    منخره مرعب


    21
    يبحث في الوادي
    وينفز ببأس. يخرج للقاء الأسلحة


    22
    يضحك على الخوف ولا
    يرتاع، ولا يرجع عن السيف


    23
    عليه تصل السهام
    وسنان الرمح والمزراق


    24
    في وثبه ورجزه يلتهم
    الأرض، ولا يؤمن أنه صوت البوق


    25
    عند نفخ البوق يقول
    : هه ومن بعيد يستروح القتال صياح القواد والهتاف



    26
    أمن فهمك يستقل
    العقاب وينشر جناحيه نحو الجنوب


    27
    أو بأمرك يحلق النسر
    ويعلي وكره


    28
    يسكن الصخر ويبيت
    على سن الصخر والمعقل


    29
    من هناك يتحسس قوته
    . تبصره عيناه من بعيد


    30
    فراخه تحسو الدم،
    وحيثما تكن القتلى فهناك هو




    harvy
    harvy
    مدير عام
    مدير عام


    عدد الرسائل : 559
    عارضة الطاقة :
    تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Left_bar_bleue75 / 10075 / 100تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/11/2008

    كتاب رد: تفسير سفر أيوب الجزء الثانى

    مُساهمة من طرف harvy الأربعاء يونيو 01, 2011 6:35 am



    تفسير الأصحاح التاسع والثلاثون







    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    يستمر الله
    في عتاب أيوب لأنه إتهمه بالظلم، بينما هو يراعي حتي المخلوقات الأخري
    المتوحش منها والضعيف ويهتم بها ويرزقها. والله يعاتب أيوب لأنه في خطبه
    الكثيرة إهتم بأن يذكر صلاحه وإهتمامه بالفقراء وأعماله الصالحة، وكأن الله
    يقول له، إن كنت أنت قد عملت بعض الأعمال الصالحة، فأنا كل أعمالي صالحة
    وأنظر للخليقة حولك وأنت تري أنني لا أنسي أحد، وإن كان هناك بعض الأعمال
    التي لا تستطيع حكمتك الإنسانية أن تفهمها، فتواضع وأشعر بأن معرفتك بسيطة
    حتي بما حولك من الخليقة، فكم وكم بالأمور التي تجهلها.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    الأيات 1-4:- "اتعرف وقت ولادة وعول الصخور أو تلاحظ مخاض الايائل، اتحسب
    الشهور التي تكملها أو تعلم ميقات ولادتهن، يبركن ويضعن اولادهن يدفعن
    اوجاعهن، تبلغ اولادهن تربو في البرية تخرج ولا تعود اليهن
    ".

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    تأوي الوعول والأيائل إلي الصخور في الجبال العالية البعيدة عن
    مساكن الناس، فيصعب علي الإنسان إن يعرف طباعها وعاداتها، وأما الرب فلا
    يعرفها فقط بل يدبرها ايضاً لأن الكل منه. ومن عجائب عنآية الله أنه أعطي
    هذه الحيوانات حتي الصغير منها سناً، غريزة بها تقدر أن تدبر ذواتها بخلاف
    أطفال البشر الذين يحتاجون إلي أن يراعيهم والديهم عدة سنين وإلا هلكوا.
    ولقد حدد الله لكل نوع من الحيوانات ميعاد للحمل والولادة بل هي تلد بسهولة
    أكثر كثيراً من الأنسان. ولا يعين الإنسان هذه الحيوانات حتي تلد، بل هي
    تلد وحدها والله يرعاها حتي تلد ثم يرعي صغارها، فإن إهتم الله بهذه
    الحيوانات فكم بالأولي يكون إهتمامه ببني البشر.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    الأيات 5-8:- "من سرح الفراء حرا ومن فك ربط حمار الوحش، الذي جعلت البرية
    بيته والسباخ مسكنه، يضحك على جمهور القرية لا يسمع زجر السائق، دائرة
    الجبال مرعاه وعلى كل خضرة يفتش".

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    الفرا



    هو فتي حمار الوحش وهو أجمل وأسرع من الحمار الأليف ولا يمكن تذليله
    وتربيته ولا الإستفادة منه= لا يسمع زجر السائق= فلا يمكن ربطه إلي
    عربة ليجرها. ويحب
    أن يعيش منطلقاً في البرية= جعلت البريةبيته. السباخ= الأرض
    القفر. فالبرية والسباخ مكان الفرا. ولا يدخل إلي قرية ليعيش فيها= يضحك
    علي جمهورالقرية
    أي لا يقبل أن يكون له مالك يعمل عنده.
    وعلي كل خضرة يفتش
    = لأن لا مالك له فهو المسئول عن نفسه، يفتش عن أماكن
    الخضرة ليأكل. بينما الحمار الذي يتم ترويضه فهو يعمل ويعطيه سيده طعامه.
    ويؤخذ الفرا رمزاً للإنسان الخاطئ الشهواني الذي يجري وراء شهوته ويدعي أنه
    حر يفعل ما يريد
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    أر 24:2 + هو 9:8. فكما أن الفرا أيضاً لا نفع منه هكذا مثل هذا الإنسان
    الشرير. أما الحمار الأليف المروض هو الذي يقبل التأديب من يدي سيده فيطعمه
    سيده. والإنسان الذي يقبل تأديب الله يسكنه الله في مراع خضر، بينما تكون
    حياة الشرير في قفر وسباخ اي في خراب
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    الأيات 9-12:- "ايرضى الثور الوحشي ان يخدمك ام يبيت عند معلفك، اتربط
    الثور الوحشي برباطه في التلم ام يمهد الاودية وراءك، اتثق به لان قوته
    عظيمة أو تترك له تعبك، اتاتمنه انه ياتي بزرعك ويجمع إلى بيدرك".

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    الثور الوحشي=

    أكبر وأقوي من الثور الأليف. وهو أيضاً لا يمكن أستخدامه كما يستخدم الثور
    الأليف. وفيه يظهر قوة الخالق وضعف الإنسان الغير قادر حتي أن يروض
    حيواناً. والثور الوحشي كان يوجد قديماً في فلسطين ولا يوجد الأن (عد 22:23
    + مز 10:92). والله يظهر لأيوب أنه لا يمكنه إخضاع هذا الثور الوحشي
    ليخدمه، وذلك لن أيوب كان يتصور أن كل الأمور يجب أن تخضع لفكره ولحكمته،
    وأن كل شيء يجب أن يسير علي حسب هواه، وكأن الله
    يقول له فلنبدأ بالثور الوحشي، هل تستطيع أن تجعله يسير وفق إرادتك. وقبل
    سقوط الإنسان كان له سلطان علي كل الوحوش. لكن بعد السقوط تمردت عليه
    الحيوانات وفقد سلطانه، ولكن الله أبقي بعض الحيوانات تحت سلطان الإنسان
    لتخدمه، ولم يعطه سلطاناً علي الباقي ليعرف ضعفه ولا يتكبر.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    الأيات 13-18:- "جناح النعامة يرفرف افهو منكب راوف ام ريش، لانها تترك
    بيضها وتحميه في التراب، وتنسى ان الرجل تضغطه أو حيوان البر يدوسه، تقسو
    على اولادها كانها ليست لها باطل تعبها بلا اسف، لان الله قد انساها الحكمة
    ولم يقسم لها فهما، عندما تحوذ نفسها إلى العلاء تضحك على الفرس وعلى
    راكبه".

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    توجد
    النعامة في بلاد العرب وفي إفريقيا وأماكن أخري ويربونها لريشها
    الجميل والثمين. وهي لها جناحان ولكن لا يمكنها الطيران فجناحيها
    صغيران بالنسبة لطولها (يزيد علي المترين) ووزنها. ولكن جناحيها يساعدانها
    في الركض وهي سريعة جداً، وأسرع من الخيل= تضحك علي الفرس وعلي راكبه.
    فطول خطوتها حوالي 8 أمتار. تحوذ نفسها إلي العلاء= أي ترفع رأسها
    حين تركض. وحين تبيض تضع بيضها في الرمال، قد تحتضنه أحياناً، ولكنها
    أحياناً تتركه حين يشتد الحر فيفقس بفعل الحرارة دون أن تتعب هي. وهي تترك
    بيضها مكشوفاً معرضاً أن يدوسه أي أحد (أيات 14، 15). وإذا كانت النعامة
    تترك بيضها هكذا فكيف يخرج الصغار؟ بالتأكيد هي عنآية الله
    "فإن نسيت الأم رضيعها فأنا لا أنساكم" وليتعلم الأباء من النعامة، فسيكون
    أباً لا حكمة له إن ترك أولاده في العالم بلا رعآية روحية، فمن المؤكد سوف
    تسحقهم شهوات هذا العالم وتدوسه أرجل الناس الأشرار. ويصير كل تعب الوالدين
    باطلاً= باطل تعبها بلا أسف= أي أن النعامة لا تأسف علي بيضها لو
    ضاع أو إنكسر. وفي إهتمامها بذاتها إذا خافت أو شعرت بخطر تجري بسرعة عظيمة
    وتترك صغارها= تقسو علي أولادها وهذا مثال للخدام غير الأمناء.
    وكنيستنا القبطية تضع دائماً بيض نعام قدام الهياكل بهذا المفهوم، أن الله
    هو الذي يرعي شعبه حتي لو نسيه كل أحد، ولو نسيتنا أمهاتنا وخدامنا فالله
    لا ينسانا فعينه علينا دائماً. تتركبيضها وتُحميه في التراب=
    تتركه ليفقس في التراب الساخن الحامي، ولذلك شاع أن النعامة جائرة الطبع
    وقليلة المحبة لفراخها وبلا حكمة= لأن الله قد أنساها الحكمة ولم يقسم
    لها فهماً
    . فبينما ريشها ثمين تتباهي به، إلا أنها بلا حكمة. فأيهما
    نفضل الحكمة مع كوننا فقراء، أم كبرياء الغني مع عدم الحكمة. وإتخذ خيلاء
    النعامة بريشها علامة علي كبرياء الأغنياء بثرواتهم وملابسهم.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    الأيات 19-25:- "هل انت تعطي الفرس قوته وتكسو عنقه عرفا، اتوثبه كجرادة
    نفخ منخره مرعب، يبحث في الوادي وينفز بباس يخرج للقاء الاسلحة، يضحك على
    الخوف ولا يرتاع ولا يرجع عن السيف، عليه تصل السهام وسنان


    الرمح

    و
    المزراق،
    في وثبه ورجزه يلتهم الارض ولا يؤمن انه صوت البوق، عند نفخ البوق يقول هه
    ومن بعيد يستروح القتال صياح القواد والهتاف".

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    الفرس=

    بعد أن إستعرض الله قوته وقدرته في خلق ورعآية حيوانات غير مروضة، يظهر
    قدرته في حيوان عجيب، له شجاعة غريبة في الحروب لذلك استخدموه في الحرب،
    ولكن مع هذه الشجاعة فطفل صغير قادر أن يقود هذا الفرس، والفرس لا يتمرد
    علي صاحبه. عُرفاً= هو غالباً غطاء مصفح يوضع حول رقبة الحصان
    ليحميه وهو ذاهب للقتال. والكلمة الأصلية في العبرية رعداً، وبهذا يفهم
    معني الكلمة أنها إشارة لمنظر الفرس الجميل والمخيف وهو ذاهب للقتال في
    شجاعة. ثم يصور شجاعته في القتال. أتوثبه كجرادة= قفزته قوية بالرغم
    من وزنه. يَنْفِزْ ببأس= أي يثب ويطفر بقوائمه جميعاً ويضعهن معاً
    من غير تفريق بينهن. تصل السهام= هو صوت السهام في الجعبة. ولكن لا
    شئ يرعبه. لا يؤمن أنه صوت البوق= كأنه مشتاق للقتال ومن شدة فرحه
    إن سمع صوت البوق لا يصدق أن القتال قد بدأ فيندفع للمعركة، مشتاقاً
    للقتال، لا يكاد يصدق أذنيه أنه إستمع لصوت بوق القتال من فرحه به. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في

    موقع الأنبا تكلا
    في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى).



    يلتهم الأرض=
    إشارة لسرعة ركض الفرس فيري راكب الفرس الطريق أمامه وكأن
    فرسه يبتلعه. والسؤال لأيوب هل أعطيت الفرس هذه الشجاعة فلا يخاف الموت.

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    الأيات 26-30:- "امن فهمك يستقل العقاب وينشر جناحيه نحو الجنوب، أو بامرك
    يحلق النسر ويعلي وكره، يسكن الصخر ويبيت على سن الصخر والمعقل، من هناك
    يتحسس قوته تبصره عيناه من بعيد، فراخه تحسو الدم وحيثما تكن القتلى فهناك
    هو".




    النسر والعقاب=

    العقاب شبيه بالنسر. يستقل العقاب= يحلق بجناحيه عالياً جداً.
    ويمتاز كلاهما بالطيران عالياً جداً. وحدة بصرهما، فهما يريان الفريسة أو
    الجيفة من علي مسافات لا تدركها عين الإنسان وينقضان عليها. ويمتاز النسر
    بعلو أوكاره وشراهته في أكل اللحم والدم= فراخه تحسو الدم= فصغار
    النسور لا تستطيع أكل اللحم فتلحس الدم. والكبار تأكل جيف القتلي=
    وحيثما تكن القتلي فهناك هو يسكن الصخر
    = يقيم النسر أوكاره عالياً حتي
    لا يصل إليه أيدي الأعداء. فمن الذي أعطي النسر هذه الحكمة والقوة علي
    الطيران عالياً وحدة البصر. ومن الذي يرشد الطيور المهاجرة التي تتجه نحو
    الجنوب الحار في فصول الشتاء الباردة= وينشرجناحيه نحو الجنوب=
    من أعطي لهذه الطيور هذه الغريزة التي تميز بها الجنوب الجغرافي دون أن
    تخطئ، وهي تطير نحو الجنوب في خط مستقيم دون خطأ ليلاً ونهاراً حتي تصل إلي
    مكانها. فهل لك حكمة هذه الطيور يا أيوب أو قدراتها، ولكن الله أعطي لها
    حكمة وقدرات مميزة حتي تستطيع أن تعيش.


    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">


    harvy
    harvy
    مدير عام
    مدير عام


    عدد الرسائل : 559
    عارضة الطاقة :
    تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Left_bar_bleue75 / 10075 / 100تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/11/2008

    كتاب رد: تفسير سفر أيوب الجزء الثانى

    مُساهمة من طرف harvy الأربعاء يونيو 01, 2011 6:38 am


    تعليق علي الإصحاحات 39، 38






    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    الإصحاحين 39، 38 هما دعوة من الله للإنسان أن يرفع عينيه للخليقة حوله
    فيدرك قوة الله وصلاحه وعنايته فيثق في الله. وقوة الله ظاهرة في الأجرام
    السماوية، وفي الأرض التي نحيا عليها، وفي خليقته الحيوانية سواء الجبار
    منها كالأسد والنسر أو ما هو ضعيف منها كالنملة بل المخلوقات
    الميكروسكوبية. والله يرعي الجميع. والإنسان عموماً يحاربه الشيطان بفكرة
    أن الله أهمله خصوصاً إذا كان الإنسان في ضيقة، وهنا الله يرد علي هذا
    الفكر. إن كنت لا أهمل كل خليقتي سواء جماد أو حيوان فهل أهملكم أنتم
    أحبائي"
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    وعرض صور خليقة الله الحيوانية أمام الإنسان تجعله يتواضع، فأين نحن من قوة
    الأسد أو حدة بصر النسر وإرتفاعه أو شجاعة الفرس. فما الذي يحمينا حتي نحيا
    سوي رعآية الله وأعمال عنايته بالرغم من محدودية قدراتنا




    وهناك تأمل في هذه الحيوانات يظهر صفات معينة للإنسان








    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    1. الفرا:- يشير للإنسان الخاطئ الشهواني، الذي يكسر كل
    القيود المعروفة، دينية كانت أو إجتماعية جرياً وراء شهواته، وهذا يحيا في
    خراب لا يجد طعاماً.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    2. ثور الوحش:- يشير للقوة التي لم تخضع تحت الترويض، فلا
    يمكن أن يكون لها نفع ويندرج تحت هذه القوي، قوتنا الجسمانية والشهوانية
    والعقلية والروحية.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    3. النعامة:- هي رمز للأنانية، بلا قلب ومتكبرة، جبانة فهي
    تهرب تاركة صغارها فالأنانية والكبرياء تقس القلب، أما الحب فيجعل من
    الإنسان بطلاً يفدي غيره وكل خاطئ يمكن أن نقول عنه أنه أناني منغلق علي
    ذاته، وكما تدفن النعامة رأسها في الأرض حين تري الخطر قادم عليها، هكذا
    يفعل الخاطئ إذ يري الخطر قادم فيخدع نفسه قائلاً سلام سلام ويرد عليه
    الله لاسلام قال الرب للأشرار. والنعامة تمثل الإنسان المتكبر عموماً الذي
    يزهو بما عنده.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    4. الفرس:- هو يمثل المؤمن الذي يقوده المسيح الذي خرج غالباً
    ولكى يغلب رؤ 2:6. وهذا لا يهتم بحروب الشيطان حوله مهما كانت عنيفة مخيفة
    بل لا يهاب الموت.



    5.


    النسر
    :-
    يمثل الإنسان الروحي، الذي يحلق عالياً في السموات، له حدة بصر يري بها
    أعدائهالشياطين بحيلهم ويقف علي الصخر (28:39) وصخرتنا هي المسيح.

    harvy
    harvy
    مدير عام
    مدير عام


    عدد الرسائل : 559
    عارضة الطاقة :
    تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Left_bar_bleue75 / 10075 / 100تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/11/2008

    كتاب رد: تفسير سفر أيوب الجزء الثانى

    مُساهمة من طرف harvy الأربعاء يونيو 01, 2011 6:39 am




    الأصحاح الأربعون






















    1
    فأجاب الرب أيوب
    فقال


    2
    هل يخاصم القدير
    موبخه، أم المحاج الله يجاوبه


    3
    فأجاب أيوب الرب
    وقال


    4
    ها أنا حقير، فماذا
    أجاوبك ؟ وضعت يدي على فمي


    5
    مرة تكلمت فلا أجيب
    ، ومرتين فلا أزيد


    6
    فأجاب الرب أيوب من
    العاصفة فقال


    7
    الآن شد حقويك كرجل
    . أسألك فتعلمني


    8
    لعلك تناقض حكمي،
    تستذنبني لكي تتبرر أنت


    9
    هل لك ذراع كما لله
    ، وبصوت مثل صوته ترعد


    10
    تزين الآن بالجلال
    والعز، والبس المجد والبهاء


    11
    فرق فيض غضبك،
    وانظر كل متعظم واخفضه


    12
    انظر إلى كل متعظم
    وذلله، ودس الأشرار في مكانهم


    13
    اطمرهم في التراب
    معا، واحبس وجوههم في الظلام


    14
    فأنا أيضا أحمدك لأن
    يمينك تخلصك


    15
    هوذا بهيموث الذي
    صنعته معك يأكل العشب مثل البقر


    16
    ها هي قوته في متنيه
    ، وشدته في عضل بطنه


    17
    يخفض ذنبه كأرزة.
    عروق فخذيه مضفورة


    18
    عظامه أنابيب نحاس،
    جرمها حديد ممطول


    19
    هو أول أعمال الله.
    الذي صنعه أعطاه سيفه


    20
    لأن الجبال تخرج له
    مرعى، وجميع وحوش البر تلعب هناك


    21
    تحت السدرات يضطجع
    في ستر القصب والغمقة


    22
    تظلله السدرات بظلها
    . يحيط به صفصاف السواقي


    23
    هوذا النهر يفيض فلا
    يفر هو. يطمئن ولو اندفق الأردن في فمه


    24
    هل يؤخذ من أمامه ؟
    هل يثقب أنفه بخزامة




    harvy
    harvy
    مدير عام
    مدير عام


    عدد الرسائل : 559
    عارضة الطاقة :
    تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Left_bar_bleue75 / 10075 / 100تفسير سفر أيوب الجزء الثانى Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/11/2008

    كتاب رد: تفسير سفر أيوب الجزء الثانى

    مُساهمة من طرف harvy الأربعاء يونيو 01, 2011 6:44 am


    تفسير الأصحاح الاربعون






    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    الأيات 1-5:- "فاجاب الرب ايوب فقال، هل يخاصم القدير موبخه ام
    المحاج الله يجاوبه، فاجاب ايوب الرب وقال، ها انا حقير فماذا اجاوبك وضعت
    يدي على فمي، مرة تكلمت فلا اجيب ومرتين فلا ازيد".

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    بعد أن أعطي الله لأيوب الدرس، سكت الله وأعطي أيوب فرصة ليتأمل فيما
    سمعه. ولكن أيوب سكت ولم يتكلم. ولما سكت أيوب تكلم الله= فأجاب الرب
    أيوب
    مع أن أيوب لم يكن قد تكلم قيل أن الرب أجاب، فالله يعرف ما في
    القلوب دون أن يفتح الإنسان فمه. وكان أيوب بعد ما قيل في خجل شديد، وربما
    كان شاعراً أنه تجرأ علي الله ولابد أن الله سوف يطرده من حضرته ويخاصمه
    للأبد. ولكننا نجد الله يطمئن هذا القلب القلق من خصام الله. هل
    يخاصم القدير موبخه=
    وكلمة موبخه تعني لائمه، ولاحظ أنه لم يقل هنا من
    العاصفة. فهذه الكلمة كانت في هدوء بلا غضب لتعطي هدوءاً لقلب أيوب. فحينما
    يقول أن الله تكلم من العاصفة فهذا يعني أن الله تكلم في غضبه. والله في
    محبته يعرف متي يستخدم أسلوب القسوة مع الخاطئ ليخاف ويتوب، ومتي يستخدم
    أسلوب الحب ليطمئن القلب الذي في حالة جزع.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    ها أنا حقير فماذا أجاوبك=

    هنا يظهر أن الدرس الذي أعطاه الله لأيوب قد أتي بثماره. هنا شفي أيوب
    تماماً وتاب. وضعت يدي علي فمي= أي لن أتكلم ثانية
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    مرة تكلمت فلا أجيب ومرتين فلا أزيد
    =
    أي في جهلي وكبريائي تكلمت سابقاً كثيراً. ولكن الآن بعد أن تاب أيوب
    تماماً يقول لن أتكلم وقارن مع 37:31 + 3:23 الآن في توبته رأي الله القدوس
    البار المحب، ورأي نفسه في نجاستها وجهلها وكبريائها فذاب خجلاً، راي تحديه
    لله السابق وكلامه الصعب من نحو الله، وها هو يري الله وقد إحتمل كل كلامه
    السابق، بل أتي ليعاتبه ويعلمه ويكمله ويشفيه فأسكته جلال الله وتواضعه
    بالمقارنة مع تعاليه وهو الحقير أمام الله. هو لم يتب من محاولات أصحابه،
    أما أمام الله فتاب توبة حقيقية وهذا هو عمل الله، لذلك قال النبي "توبني
    يارب فأتوب". فصوت الله الذي يدعو للتوبة أقوي وأعلي من صوت الإنسان وقادر
    علي أن يقنع الإنسان الخاطئ بالتوبة. والتائب الحقيقي يشعر أنه حقير جداً
    أمام الله ويكون كارهاً لنفسه حز 31:36. وبقدر ما عظم نفسه أمام الناس
    يحتقر نفسه أمام الله. فأيوب حين قارن نفسه بأصحابه وجد نفسه عظيماً
    فجادلهم ولم يقتنع بكلامهم، أما حين يقف أمام الله سيدرك حقيقة خطيته
    فيحتقر نفسه، حين نقف أمام نور الله يكشف نوره خبايا قلوبنا النجسة فنحتقر
    ذواتنا. لذلك لم يستطع أيوب أن ينطق أمام الله. لقد سببت كلمة الله تحولاً
    جذرياً في تفكير أيوب عجزت محاولات أصحابه أن يعملوه. وحين أتت كلمة الله
    إنتهي نزاع الألفاظ. لقد أظهر الله قدراته لأيوب فرأي أنه يستطيع أن يثق
    بإله مثل هذا، وأقتنع أيوب أن عنآية الله به كانت أكثر شمولاً ودقة مما
    تصورها. وحتي هذه اللحظة كانت آلام أيوب كما هي ومشاكله كما هي، ولكن حدث
    شئ جديد في داخله، لقد شفي من جروح قلبه أي كبريائه وإحساسه بأن الله ظلمه.
    هو لم يأخذ رداً علي تساؤلاته، لماذا حدث ما حدث ولكنه شعر أنه في سلام
    طالما كان في يد الله مهما حدث. لقد كان عمل الله ورد
    الله عليه سبباً في حالة من السلام الداخلي والتسليم الهادئ اللذان ملآ
    قلبه. لقد تأثر أيوب وسلم نفسه لإله له قدرة علي رعآية خليقته كلها (كواكب
    وحيوانات) فكم بالأولي البشر. وكم وكم يجب علينا أن نسلم لإلهنا الذي فدانا
    علي الصليب.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    وهكذا تصالح كل الأتقياء القديسين مع الله بعد أن تخاصموا معه أر 1:12 + مز
    21:73-28. فقال أرمياء "أبر أنت يارب من أن أخاصمك"
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    الأيات 6-14:- "فاجاب الرب ايوب من العاصفة فقال، الان شد حقويك كرجل اسالك
    فتعلمني، لعلك تناقض حكمي تستذنبني لكي تتبرر انت، هل لك ذراع كما لله
    وبصوت مثل صوته ترعد، تزين الان بالجلال والعز والبس المجد والبهاء، فرق
    فيض غضبك وانظر كل متعظم واخفضه، انظر إلى كل متعظم وذلله ودس الاشرار في
    مكانهم، اطمرهم في التراب معا واحبس وجوههم في

    الظلام
    ، فانا ايضا احمدك لان
    يمينك تخلصك".

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    رأينا أيوب في توبته كيف قال أنا حقير، وكيف تواضع بين يدي الله. ولكن
    الله المعلم الذي يعرف مكنونات قلب عبيده وتلاميذه رأي أن أيوب مازال
    محتاجاً لدرس آخر حتي يكون تأثير كلام الله عليه كاملاً وتكون توبته بلا
    رجعة ويتصالح مع الله مصالحة تكون بلا تردد ولباقي أيام عمره. وعاد الله
    لنبرة الصوت الغاضبة= فأجاب الرب أيوب من العاصفة. وفي (7) لقد كنت
    تجادلني بشدة والأن تشدد وحاول الإجابة علي أسئلتي. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في

    موقع الأنبا تكلا
    في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى).


    وفي (8) لعلك تناقض
    حكمي
    = أي حين نسب الظلم إلي الله كان كأنه قد نقض حكم الله. وكل من
    يتذمر علي الرب كأنه يناقض حكمه. فالتذمر علي أحكام الله تعني أن المتذمر
    يظن أنه يعرف أكثر من الرب، وأنه لو كان في مكان الرب لكان تدبيره غير
    تدبير الرب، لكن كان تدبيره سيكون بطريقة أفضل. تستذنبني لكي تتبرر أنت=
    الله يلوم أيوب هنا أنه في خلال حواره مع أصحابه أراد حتي يبرر نفسه، ويظهر
    باراً أمامهم أن يلقي باللوم علي الله. فأيوب نظر إلي بره وإفتخر به وكان
    غايته إظهار ذلك أمام أصحابه فلم يهتم بأن يظهر الله كأن الله هو الذي أخطأ
    معه. وعلي كل إنسان أن يقول مع داود "لكي تتبرر في أقوالك وتغلب إذا حوكمت
    مز 4:51 + دا 7:9.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    ولقد تكلم الله سابقاً عن عمله العجيب في الفلك والخليقة الحيوانية، والآن
    يتكلم عن النظام الأدبي في العالم وأنه وحده القادر علي السيطرة علي
    الأشرار.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    ففي (9) هل لك ذراع كما لله
    =
    الذراع دليل القوة. فكيف نختلف مع الله القدير القوي وبصوت مثل صوته
    ترعد=
    لاحظ أن الله الأن يتكلم من العاصفة وبصوت مخيف كالرعد، وأيوب
    خائف من هذا الصوت. ولنعلم أن كل قوة الإنسان أمام قوة الله ما هي إلا
    أشواك أمام نار هائلة. فنحن لا نستطيع أن نعمل شيئاً بدونه ولكنه يستطيع أن
    يعمل كل شيء بدوننا. ونلاحظ أن قوة صوت الله ليست في رعده المخيف فقط بل في
    قوة إقناع صوت الله لقلوبنا. فأصحاب أيوب فشلوا في إقناعه بالتوبة بينما
    نجح صوت الله في ذلك. وتحدي الله لأيوب هنا معناه: لقد نسبت الظلم لي يا
    أيوب، فهل تستطيع بقوتك أن تأخذ حكم العالم وتديره بذراعك، وهل لك صوت يرعب
    الأشرار، أو صوتك قادر أن يدعوهم للتوبة.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    وفي (10) يسخر الله من أيوب داعياً إياه أن يتزين ويلبس اللبس الملوكي حتي
    يحكم العالم، فهل تستطيع يا تري مهما تزينت بالبهاء أن ترعب الأشرار.

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    وفي (11-13) دعوة لأيوب، بل تحدي أن يخفض كل متعظم شرير متكبر ظالم وأن
    يحبسهم في
    الظلام

    ويدوسهم. لقد إشتكي أيوب أن الله يترك الأشرار ينعمون
    والله يقول له أرني قوة ذراعك ودسهم أنت. ولنعلم أن الله في مجده وبهائه
    وبذراعه قادر وحده أن يفعل هذا، هو وحده الذي يرعب الأشرار ويدوسهم فلا
    يخرجون لإتمام مقاصدهم. وقادر وحده أن يحبس وجوههم في

    الظلام
    = أي في
    غياهب السجون، وإن لم يكن هنا في سجون العالم ففي ظلام السجون الأبدية في
    الجحيم. إن الخطية التي تضايق الله جداً هي خطية الكبرياء فهي خطية إبليس.
    والله وحده هو القادر أن يخفض وجوه المتكبرين حين يسقط غضبه عليهم.
    إطمرهم في التراب
    ألم يصنع هذا بجيش فرعون وأهل سدوم وعمورة ثم مع قورح
    وداثان وجماعتهما. والمقصود بالتراب بالأكثر أن يميت الأشرار فيذهبوا
    للتراب. الله وحده القادر أن يذل الأشرار لكنه وحده الذي يحدد الميعاد وهو
    "ملء الزمان". ليس هذا فقط فالإنسان في ضعفه يتصور أن كل ظالم يجب أن ينتقم
    منه الله بأن يقتله، لكن الله له طرق أخري، فهو وحده الذي يعلم ما في
    القلوب، وهل قلب هذا الظالم يمكن أن يتحول بالتوبة، هنا لا يقتله الله بل
    يعطيه فرصة للتوبة، فالله لا يسر بموت الخاطئ بل بأن يرجع ويحيا حز 23:18.
    ونري هذا مع بولس الرسول، فهل كان الله يجب عليه أن يقتله حين قاد
    المسيحيين للقتل في


    دمشق

    وحين كان راضياً بقتل إسطفانوس، وهل كان الله عليه
    أن يقتل موسي الأسود أثناء شروره، وربما نتصور أن الله كان يجب عليه إفناء
    الدولة الرومانية لأنها إضطهدت المسيحيين لكن الله حولها للمسيحية. "ولنعلم
    أن طرق الله غير طرق الإنسان"
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    وفي (14) كان أيوب قد إعترض علي حكم الله فعليه أن يثبت أنه قادر أن يحكم
    الكون كله حكماً حسناً، وأحسن من حكم الله، وفي هذه الحالة سيعترف له الله=
    فأنا أيضاً أحمدك= أي أقر بقوتك وقدرتك وقوة ذراعك. هذه سخرية من
    أيوب. وما علينا سوي أن نعترف بأننا في حمآية ذراع الله في أمان.

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    الأيات 15-24 + 1:41-34
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:center;direction:
    rtl;unicode-bidi:embed" align="center">

    بهيموث ولوياثان

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    يستمر الله في إثبات عجز أيوب بأن يستعرض أمام أيوب قدراته في الخلق وهنا
    يشير الله لحيوانين مرعبين لضخامتهما ويضع أوصافاً تعبر عن حجمهما الهائل
    وقوتهما الجسدية. ومما لاشك فيه فإن كان هناك حيوان مخيف بهذه الصورة،
    فماذا تكون قوة الإنسان بجانبه، من المؤكد هو سيفزع وإن كان هذا الحيوان
    يفزع الإنسان وهو من خليقة الله فكم وكم الله الذي خلقه
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    1- بهيموث:- "قاموس الكتاب المقدس"
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    لها تفسيرين
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    1) جمع بهيمة بالعبرية. وبهيمة هو حيوان يدب علي أربعة لا يصدر
    أصواتاً. وتطلق علي الماشية "قاموس

    strongs

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    2) قال آخرين أنها كلمة مصرية قديمة معناها "ثور الماء". وقد
    ترجمت في بعض المواضع وحوش(أي 11:35 + مز 22:73)
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    أما علماء أليهود فيزعمون أن بهيموث حيوان كبير الحجم ذو قدرة عظيمة ومنظره
    هائل، ومن شأنه أنه كان ولا يزال يسمن منذ إبتداء الخليقة إلي مجئ المسيح،
    فإذا جاء، قُدِمَ عندها وليمة للمؤمنين.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    والرأي مستقر علي أن بهيموث هو فرس البحر الموجود قديماً في أرض مصر والآن
    في النيل الأعلي حيث يقضي نهاره في المياه وبين الأشجار، فإذا جاء الليل
    خرج إلي الحقول المجاورة في طلب المرعي، ويتلف مزروعاتها وأشجارها لما هو
    عليه من شدة النهم. وهو حيوان عظيم الحجم ضخم الجسم (طوله 16 قدماً وعلوه 7
    أقدام)
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    2- لوياثان:-
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    "أنت شققت البحر بقوتك، كسرت رؤوس التنانين علي المياه" مز 13:74
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    "هذا البحر الكبير...

    لوياثان

    هذا خلقته ليلعب فيه" مز 25:104، 26
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    " في ذلك اليوم يعاقب الرب بسيفه القاسي العظيم الشديد

    لوياثان

    الحية
    الهاربة. لوياثان الحية المتحوية ويقتل التنين الذي في البحر أش
    1:27
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    ليلعنه لاعنو اليوم المستعدون لإيقاظ التنين (لوياثان) أي 8:3
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    لوياثان

    إسم عبري معناه "ملفوف" وهو حيوان مائي هائل ذكر في الأسفار
    الشعرية في الكتاب المقدس. يعيش في البحر. ويقصد به غالباً التمساح. وهو من
    أكبر الحيوانات التي تدب. وظهره ورأسه وذنبه مغطاة بحراشف قرنية لا تخترقها
    السهام أو
    الرماح
    أو الرصاص إلا في أماكن معينة فيه. ولكن في المعني الأصلي
    أنه حيوان يلتف كالحية لذلك كثيراً ما تترجم الكلمة حية أو تنين. ولكن
    بالرجوع لأصل الكلمة العبري (لوفا) نجده يعني أيضاً ينشق/ ويقرض.



    ما هو المعني الروحي لبهيموث ولوياثان



    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    لقد أثبت الله لأيوب فيما قبل سلطانه المطلق علي كل من الطبيعة والخليقة
    الجامدة كلها (كواكب وأرض وشمس بنورها) وكل الظواهر الطبيعية (البحر
    بأمواجه والسحاب والأمطار المفيد منها والمؤذي، والجلد والثلج والبروق
    والصواعق والرعد) وعلي الخليقة الحيوانية (أسود ووعول.. الخ). وعلي
    الأشرار فهو وحده الذي يؤدبهم ويخضعهم. فماذا تبقي؟.... من القوي التي
    تحارب الإنسان وتخيفه لم يتبقي سوي قوتين قوة الشهوة وحب العالم في داخل
    الإنسان وقوة إبليس.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    فنحن يمكننا أن نفهم كلام الله لأيوب علي أنه نوع من التوبيخ أو نوع من
    التعليم
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    1. فكلام الله توبيخ لأيوب، ففيه يشرح الله أنه وحده القادر
    علي كل شيء فكيف يعارضه؟!
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    2. وكلام الله تعليم لأيوب ولكل واحد منا، ففيه يشرح أنه
    الإله المحب لخليقته وهو وحده له سلطان علي كل الخليقة (جماد أو حيوان أو
    إنسان ظالم) فلماذا الخوف من الخارج. هنا الله يعلم الإنسان ألا يخاف من أي
    شئ يراه، فهو قادر أن يذلله له. وعلينا أن نؤمن بهذا فيملأ السلام قلوبنا
    "أنا هو لا تخافوا". إذا كان الله ضابط الكل المحب لشعبه وفي يده السلطان
    علي كل شئ، فليطمئن شعبه.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    وبعد أن طمأن الله أيوب وطمأن كل البشر أنه المسيطر علي كل القوي التي تحيط
    بنا نجده الأن يهدئ النفس المضطربة من:- 1) القوي الداخلية (الشهوة
    المشتعلة)
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    2) القوي غير المنظورة (إبليس)
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    وأيضاً إذا كان الله ضابط
    الكل. وكل شيء في يده فهو قادر أن يسيطر علي هذه القوي غير المنظورة ولكننا
    نشعر بحروبها ضدنا. وإتخذ الله الرموز طريقاً يشرح به هذه الفكرة. فنجد
    حيوانين هائلين يعبران عنهما وهما:-
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    1- بهيموث:- هو تعبير عن الشهوات الكامنة فينا ومحبة العالم.

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    2- لوياثان:- هو إبليس بكل قواته الموجهة ضد البشر.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    فبهيموث

    يشير للشهوة أو للجسد الذي تسكن فيه الشهوة، شهوة البطن (أكل أو شهوات زنا)
    أو محبة العالم 1يو 15:2-17.
    ونلاحظ في هذه الأيات أن من يحب العالم ليست فيه محبة الآب. وقطعاً من لا
    يحب الآب فهو ميت في خطاياه. ومن هنا ندرك أن الإنسان الشهواني يعرض نفسه
    للموت الروحي. ومن سمات الإنسان الشهواني أنه لا يشبع. ونجد هذه المواصفات
    في بهيموث "يطمئن ولو إندفق الأردن في فمه" بل هو يشرب ولا يحس بالإرتواء أر
    13:2. والشهوة موجودة في الإنسان "بالخطية حبلت بي أمي مز 5:51" وبهذا
    يعترف بولس الرسول "أما أنا فجسدي مبيع تحت الخطية... فالأن لست بعد أفعل
    ذلك أنا بل الخطية الساكنة فيَ... رو 14:7-25. ولكن بولس لم يتوقف عند
    هذا بل أكمل عمل نعمة المسيح "لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد
    أعتقني من ناموس الخطية والموت رو

    8: 3، 2.
    والأن كل من يسلك حسب الروح خاضعاً لوصايا الله مجاهداً حتي الدم، ولا يسلك
    بحسب الجسد مندفعاً وراء شهواته. يجد هناك قوة تسانده هي نعمة الله العاملة
    فينا. ومهما كانت الحروب الناشئة من الشهوة التي فينا، فلنا أسلحة جبارة
    بها نحارب أف 10:6-20. وأسلحتنا ليست ضعيفة 2كو 3:10-5.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    فالشهوة للعالم وللخطية هي قوة لا يستهان بها، بل يقول الكتاب أم 26:7 طرحت
    كثيرين جرحي وكل قتلاها أقوياء. ولكن الله قادر أن يعطي لأولاده قوة يقدرون
    بها أن يطفئوا سهامها الملتهبة. الله أعطي الإمكانية، والنعمة التي نستفيد
    منها ونختبرها إذا جاهدنا بصلواتنا وأصوامنا وبتوبتنا. ونلاحظ قول الرب
    لقايين عند الباب خطية رابضة وإليك إشتياقها وأنت تسود عليها. وتصوير
    بهيموث هنا بقوته الهائلة هو تقرير لواقع سيطرة الشهوة بقوة علي الإنسان.
    ولكن الله قادر أن يعطي قوة من عنده تسيطر عليها. فمن الذي يقدر أن يسيطر
    علي الشئ إلا خالقه. وها هو الإنسان عاجز عن أن يسيطر علي بهيموث القوي لكن
    الله يقدر أن يذلله له. وهكذا الشهوة التي أسقطت كثيرين ،الله يقدر أن
    يذللها للإنسان، علي أن نجاهد في سبيل ذلك، لذلك إمتلأ تاريخ الكنيسة
    بالقديسين.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    ولوياثان.


    الحية الملفوفة هو إشارة لإبليس. وسواء في مواصفات بهيموث أو مواصفات
    لوياثان نلمس أن التصوير يخرج عن أي واقع ملموس مما نراه في الحيوانات التي
    علي الأرض. وربما هو تصوير لجأ لخيال الشعراء ليصور قوتهم، أو هو أخذ من
    الأساطير المصرية هذه المواصفات لحيوانات أسطورية. ولكن الله الذي أوحي بكل
    ما كتب سمح بهذا لنري فيه صورة للقوة غير العادية سواء للشهوة أو لإبليس.
    والله وحده هو القادر أن يهزم لنا إبليس ويضربه ويذلله. بل هذا ما رأيناه
    في الأيات التي ذكر فيها

    لوياثان
    . والله هو الذي سيعطينا الخلاص منه، حينما
    يأتي بالخلاص مز 10:74-14. وراجع أش 1:27 نجد وعداً بأن الله سيضربه بسيفه.
    ونلاحظ من الأيات المذكور فيها إسم

    لوياثان

    أنه وحش بحري. فالعالم مشبه
    بالبحر
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    1. متقلب كأمواج البحر، يوماً يكون فيه الإنسان إلي فوق وآخر إلي
    تحت.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    2. وكما أنه غير مضمون فهو كماء البحر المالح لا يروي بل يقتل.ومن
    يحيا في البحر يغرق ويموت. ولذلك نحن نستعمل العالم ولكننا لا ننغمس
    في ملذاته.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    هكذا فإبليس يستخدم العالم ليجذب أولاد الله بأن يغريهم بما في العالم
    وحينما ينجذبون يجرفهم العالم بتياراته القوية غير المضمونة العواقب، بل هي
    ستقودهم للهلاك كماء البحر القاتل. والله يَعِدْ أنه سيسحق

    لوياثان

    أخيراً.
    والتصوير الذي نراه هنا أن

    لوياثان

    الساكن البحر يجعله مضطرباً 31:41. فهو
    رئيس هذا العالم، يقدر أن يعطي لمن يسجد له أن يمتلكه (يو 30:14 + مت 9:4)
    ولكن يا ويل من يستجيب فمصيره الهلاك. بل هو سيعاني من إضطراب كل الأمور
    حوله إذا إنجذب من شهواته فإبليس يهيج العالم كما يهيج لوياثان البحر
    الساكن فيه. ونلاحظ أن إبليس قد شبه بالحية وفي رؤ 2:13 شبه ضد المسيح بوحش
    شبه نمر وقوائمه كقوائم دب وفمه كفم أسد وأعطاه التنين قدرته. علامة علي
    دمويته. وفي رؤ 13 نجد وحشين. الأول خارج من البحر رؤ 1:13 والأخر خارج من
    الأرض رؤ 11:13. ووراء الوحشين إبليس الحية القديمة. ومصير هذه الحية
    البحيرة المتقدة بالنار ومعها الوحوش. رؤ 20:19. فإبليس يحارب كيفما شاء
    ولكن الله وحده هو المسيطر عليه والقادر علي إخضاعه. وسيهلكه أخيراً. والآن
    ما هي الصورة التي يراها كل إنسان من تصوير سلطة الله علي الخليقة:-
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    نري الله كإله ضابط الكل، مسيطراً علي كل القوي المحيطة بنا سواء منظورة أو
    غير منظورة، الكواكب والسماء، الأرض والبحر، الحيوانات بكل أنواعها، إبليس
    وكل أعوانه، بل حتي الشهوة التي في داخل الإنسان. هي صورة تعطي طمأنينة
    وثقة في إلهنا القادر علي كل شئ.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    الأيات 15-24:- "هوذا بهيموث الذي صنعته معك ياكل العشب مثل البقر، ها هي
    قوته في متنيه وشدته في عضل بطنه، يخفض ذنبه كارزة عروق فخذيه مضفورة،
    عظامه انابيب نحاس جرمها حديد ممطول، هو اول اعمال الله الذي صنعه اعطاه
    سيفه، لان الجبال تخرج له مرعى وجميع وحوش البر تلعب هناك، تحت السدرات
    يضطجع في ستر القصب والغمقة، تظلله السدرات بظلها يحيط به صفصاف السواقي،
    هوذا النهر يفيض فلا يفر هو يطمئن ولو اندفق الاردن في فمه، هل يؤخذ من
    امامه هل يثقب انفه بخزامة".

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    بهيموث
    =
    فرس البحر(سيد قشطة). وهو موجود في أنهار إفريقيا ومنها نهر النيل. وهو ضخم
    جداً وفمه عريض وأنيابه ضخمة وجلده سميك وقاسى جداً حتي الرصاص لا يكاد
    يخترقه. ولا يأكل سوي العشب والنباتات.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    صنعته معك=

    حتي لا يفتخر أيوب بل يتذكر أنه هو أيضاً من جملة خلائق الله. بل إن الله
    بوحي من روحه القدوس أتي بموضوع بهيموث بعد أن أثبت لأيوب عجزه عن أن يسيطر
    علي الأشرار، وذلك ليضعه مرة أخري أمام التساؤل، لقد إعترضت علي أن
    الظالمين يتحكمون في العالم، فهل تستطيع أن تدير أنت شئون العالم الأدبية
    وتسيطر علي الأشرار، إن كنت لا تستطيع أن تسيطر علي العالم المادي وعلي
    حيوان مثل بهيموث. وإذا فهمنا أن بهيموث يشير للشهوة داخل الإنسان نفهم أن
    الله قد خلق الإنسان وخلق معه الشهوة،فالانسان خلق كاملا. ولكن حين خلق
    الله الشهوة كانت شهوة مقدسة وحب مقدس لم تلوثه الخطية، وكلمة مقدس تعني
    مكرس ومخصص لله. فكان آدم يحب الله فهو مخلوق علي صورة الله ، والله محبة
    . وبنفس المفهوم كانت لذة آدم في محبته لله لأن الله لذاته مع بني آدم (ام
    8: 30). فإذا قال داود في المزمور مز 4:27 واحدة سألت من الرب وأياها
    ألتمس. أن أسكن في بيت الرب كل أيام حياتي لكي أنظر
    إلي جمال الرب وأتفرس في هيكله. ويقول بولس الرسول "لي أشتهاء أن أنطلق
    وأكون مع المسيح فذاك أفضل جداً(في 1: 23).
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    . فماذا كان الحال قبل السقوط؟ من المؤكد كانت شهوة آدم هي وجوده المستمر
    في حضرة الله. آدم يشتاق لله ويحب الله، هذه هي الشهوة التي خلق الله آدم
    بها. ولكن للأسف فسدت الصورة المثالية التي خلق الله الإنسان بها، وإنحرفت
    شهوة الإنسان. وكانت اول آية بعد السقوط ان آدم وحواء عرفا انهما عريانين (
    تك 3: 7) ، وتحول الحب والشهوة المقدسة الي لذات وشهوات جسدية. (رو
    12:6+ غل 17:5+أف3:2+ 2 بط10:2+ لو15:22+ 1تس17:2). وضاع الفرح من
    الانسان ، فالفرح ناشئ عن حب الله ، وهذا اعاده الفداء والروح القدس (رو 5
    : 5 + غل 5: 22)
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    يأكل العشب مثل البقر
    =
    مع كل حجمه وقوته فهو يتغذي علي العشب، مثل البقر، ولا يفترس الحيوانات
    ليأكلها. وفي آية (20) لأن الجبال تخرج له مرعي= طعامه النبات
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    وجميع وحوش البر تلعب هناك
    =
    لأنه حيوان نباتي فالحيوانات الصغيرة لا تخافه فهو لا يأكلها بل تلعب
    بجانبه. وهذا من صلاح الله فلو كانت الحيوانات الضخمة مثل سيد قشطة والفيل
    من أكلات اللحوم ما تركت حيوان حي بجانبها
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    ولو فهمنا أن بهيموث يشير للشهوة نفهم أن الجبال تخرج له مرعي= بأن
    شعب الله الذين هم كالجبال (أش 2:2)، هم الذين بحريتهم يقدمون المرعي
    لشهوتهم، إن تركوا لشهواتهم العنان ولكن الخطورة أن جميع وحوش البر تلعب
    هناك. فحيثما سمح إبن الله لشهواته أن تنطلق سيعرض نفسه لمخاطرة كثيرة
    من الوحوش المفترسة. ونحن نعلم أن خصمنا إبليس يجول كأسد زائر يلتمس من
    يبتلعه.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    ولنري قوة بهيموث يخفض ذنبه كأرزة= فعضلاته قوية وصلابته كالخشب
    عظامه أنابيب نحاس. جرمها حديدممطول
    = مترجمة عن اليسوعيين
    "عظامه قصب من نحاس وغضاريفه حديد مطرق". وترجمتها الإنجليزية "عظامه قصب
    من نحاس وضلوعه حديد (قضبان حديدية). عروق فخذيه مضفورة= أي قوية
    ومتشابكة فعظامه وعروقه وأطرافه لو قورنت بباقي الحيوانات تظهر كأنها حديد
    ونحاس.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    ملحوظة:-

    من يرفض أن يصوم حسب نظام كنيستنا أي علي

    الطعام
    النباتي ألا يلاحظ قوة هذا
    الحيوان وهو نباتي وهكذا الفيل مثلاً.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    هو أول أعمال الله. الذي صنعه أعطاه سيفه
    =
    "هو أول طرق الله في الخلق" (بحسب ترجمة اليسوعيين والإنجليزية). قد تعني
    أنها اكبر أعمال الله من ناحية الخليقة الحيوانية. وسيفه هو أنيابه التي
    يقطع بها الحشائش كما بمنجل.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    أو إذا فهمنا أن بهيموث يشير للشهوة. فالله خلق فينا الشهوة، وهي في صورتها
    الأولي عبارة عن طاقة حب مقدسة كالسيف تقطع كل إرادة خاطئة وترفضها ويكفي
    أن نسمع قول بولس الرسول في(رو 35:8-39)، أو تري الشهداء ذاهبين لساحات
    الإستشهاد في فرح مسبحين لتعرف قوة شهوة الحب التي فاقت علي قوة رهبة
    الموت. واذا فهمنا ان الشهوة المقدسة هي المحبة ، اذاً فاول اعمال الله هي
    المحبة بل هو خلق الانسان بمحبته وارادته ان يعطي للانسان ان يحيا ابديا
    وفي فرح ومجد.وكانت هذه المحبة الخاقة هي رأس اعمال الله.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    ولكن هذه الشهوة متي إنحرفت صارت قوة رهيبة مدمرة للإنسان
    وتصير كسيف يقطع ويدمر كل ما هو حلو ومفرح ومعزى في حياته. (مراثى1:4)


    تحت السترات يضطجع=

    هو نبات ينمو في مصر علي شطوط النيل وأوراقه كبيرة وأزهاره منها ما هو أبيض
    ومنها ما هو أزرق (ومترجم في بعض الترجمات اللوتس)
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    ملحوظة
    :-

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    1. هو يضطجع في سلام لأنه آكل نباتات فالحيوانات لا تهرب منه، وهو
    لا يخاف من أحد، فمن يُرعِب الآخرين يعيش هو أيضاً في رعب. ومن يحيا في
    سلام مع الأخرين لا يحمل لهم شراً يحيا هو أيضاً في سلام مع نفسه.

    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    2- هذا الحيوان لا يأكل اللحوم ولكن لشراهته يدمر كل ما هو أخضر، حتي أنه
    يبحث في الجبال عن كميات تكفيه. وشهوة الإنسان إذا إشتعلت بالخطية تدمر كل
    ما هو أخضر فيه، أي كل ما هو مفرح وحي فيه.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    هوذا النهر يفيض فلا يفر هو، يطمئن ولو إندفق الأردن في فمه
    =
    يظهر نهمه في أن لا يكفيه أي كميات من الماء، بل هو يفرح كلما إزدادت كميات
    المياه ولو كانت كل نهر الأردن. وهو تصوير شعري يعبر عن نهمه وقوته وسعة
    معدته.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    ولكننا نفهمها بأسلوب روحي إذا فهمنا أن بهيموث يشير للشهوة ومحبة العالم
    فالإنسان الدنيوي لا يكتفي بما يملك، ومهما أخذ فهو يريد المزيد، ونلاحظ أن
    المسيح قال للسامرية عن العالم "من يشرب من هذا الماء يعطش يو 13:4 وأما من
    يعطش للماء الذي يعطيه المسيح فهو لا يعود يعطش لماء العالم بل تجري من
    بطنه أنهار ماء حي (قارن يو 14:4 مع يو 37:7، 38)
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    فالإنسان الدنيوي الذي يشتهي العالم، لا يكفيه كل العالم في نهمه، مثال:-
    سليمان حينما ترك نفسه وراء شهوة النساء، كان له 1000 زوجة وسرية.
    وداود بقدر ما كان له إشتهي بثشبع زوجة أوريا. أما يوسف الذي رفض الخطية
    فاض منه أنهار ماء حي أشبعت العالم. وكل من يرفض الخطية يمتلئ بل يفيض من
    الروح القدس علي الآخرين. أما هذا العالم بشهوته وأمجاده الزائلة فسيجف رؤ
    12:16.
    <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="text-align:justify;text-justify:kashida;
    text-kashida:0%;direction:rtl;unicode-bidi:embed">

    ونلاحظ أن كلمة الأردن معناها الذي ينزل إلي أسفل. إشارة للإنسان الذي لا
    يشبع من ثروات وشهوات هذا العالم السفلي. وآية (24) مع قوة بهيموث
    هل تستطيع يا أيوب أن تسيطر عليه أو تأخذ شيئاً من أمامه أو تثقبأنفه بخزامة.


      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 26, 2024 4:00 am