حكمة البابا ديمتريوس الثانى البابا 111
بعد موت ***** سعيد باشا فى 18يناير 1863م تولى فى نفس اليوم حكم مصر الخديوى إسماعيل، وبعد جلوسه ببضعة أسابيع دعى السلطان عبد العزيز لزيارة مصر ولبى السلطان الدعوة، ودعى الخديوى رجال الدولة للمثول بين يديه، وكان من ضمنهم البابا ديمتريوس، وكانت هناك عادة سائدة أن يجلس السلطان على أريكة ويمر كل الوجهاء من أمامه ويقبلوا طرف ثوبه، فلما حان دور البابا ديمتريوس وقف الكل لينظروا هل سيفعل مثل باقى الوجهاء، ولكن ما أن حان دوره حتى عانق السلطان وقبل صدره!! فاندهش السلطان من هذه التحية وسأل البابا عنها فأجاب البابا إن كتابنا يقول "قًلبُ المَلكِ فىِ يَدِ الرَّبِّ" (أم21: 1) وبتحيتى هذه قبلت يد الله وأكرمت مولانا السلطان، وكان القمص سلامة وكيل البطريركية فى صحبة البابا فى هذه الزيارة، وكان يتكلم باللغة التركية فترجم ما قاله البابا، فسعد وابتسم سروراً وأنعم عليه بألف فدان من أطيان الحكومة إعانة للمدارس القبطية وفقراء الأمة.
البابا فى حفل القنال بعدما انتهى المهندس ديليسبس من حفر قناة السويس أخذ إسماعيل باشا يعد لحفلة الافتتاح لاستقبال العظماء المهنئين فبنى قصرا فاخرا فى الإسماعيلية على شطوط بحيرة التمساح لنزول العظماء، وبالفعل حضرت الإمبراطورة أوجينى قرينة نابليون الثالث إمبراطور فرنسا، وملك المجر، وولى عهد هولندا وغيرهم، وأقيم الحفل، وأصر الخديوى على وضع كرسى للبابا ديمتريوس الثانى، أعطاه كل الإجلال والإكرام، فنال البابا كل احترام من الجميع، ثم أنعم الخديوى إسماعيل على البابا بخمسمائة فدان أخرى من أملاك الحكومة ليصرف منها على أملاك البطريركية ومرافقها تقديرا منه للبابا.
بهذا وبحكمة البابا لم يفعل مثل وجهاء مصر وقبل طرف ثياب السلطان، بل بكل حكمة قبل قلبه فحصل على عطايا من السلطان للكنيسة، وحصل على إجلال الخديوى، وعلا شأن الأقباط فى فترة رئاسة الكنيسة بفضل حكمته.
ولا ننسى تعب البابا ديمتريوس الثانى فى حرصه على الإيمان المستقيم، فقد انتشر نشاط الإرساليات الأجنبية فى الصعيد، فأسرع وطاف فى مركب بخارى أعدها له الخديوى إسماعيل على مدن وقرى الصعيد حتى إسنا، ونجح فى إقناع الكثيرين بالرجوع الى كنيستهم القبطية الأرثوذكسية، وتنيح فى 18 يناير 1870م بعد جهاد فى حفظ الإيمان، والحفاظ على كرامة الكنيسة.
منقول